أشار المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر وحقوق الإنسان السيد فيليب الستون في بيان ختامي نشر في 19 يناير 2017 لزيارته للمملكة العربية السعودية التي أمتدت من 8 حتى 19 يناير، إلى أنه: (لا توجد منظمات غير حكومية عاملة في مجال حقوق الإنسان) في السعودية، كما أبدى استغرابه أن من (اللافت للنظر أن هذه هي ثالث مرة فقط يقوم فيها أي مقرر خاص بزيارة المملكة خلال السنوات الثلاثين الماضية، فضلاً عن أن الزيارة الأخيرة كانت قبل أكثر من ثماني سنوات)، وهناك 7 مقررين حاليا تقدموا بطلبات وكرروا التذكير لتبلغ مجموع طلباتهم والتذكير بها 15 مرة دون أن تسمح لهم السعودية بالزيارة.
أكدت زيارة ألستون للسعودية، وجود تضييق شديد على الحريات وقمع بدرجة عالية للمدافعين عن حقوق الإنسان المستقلين. ففي زيارته التي أمتدت 12 يوما، لم تساعد أجواء القمع والترهيب الممنهجة في السعودية، على حصول تواصل كافٍ مع العدد القليل المتبقي من النشطاء والناشطات من غير اللذين يتواجدون في السجون، وأحجم عدد من النشطاء عن التفاعل مع الزيارة لعدم وجود ما يضمن عدم إستهدافهم حتى ولو بعد حين، وهذا ما يخالف الضمانات والتسهيلات التي ينبغي على الحكومات توفيرها لمقرري الأمم المتحدة في زياراتهم الرسمية للدول، والتي تنص على حرية (الإتصال مع ممثلي المنظمات غير الحكومية) واللذين هم عادة نشطاء المجتمع المدني، واللذين باتو في السعودية مغيبين بين السجون ومختلف أساليب القمع.
تنص كذلك الضمانات التي على الحكومات تقديمها لزيارات المقررين على: (ضمان من الحكومة بأن الأشخاص الذين كانوا على اتصال مع المقرر . سواء كانوا مسؤولين أو أفراداً عاديين، لن يتعرضوا نتيجة لذلك للتهديدات أو التحرش أو العقوبة أو لن يخضعوا لإجراءات قضائية) ولكن لايمكن للنشطاء والناشطات في السعودية الوثوق بأن تلتزم الحكومة بذلك.
تزامنت زيارة ألستون مع تحولات إقتصادية وإجتماعية وثقافية تشهدها البلاد، حيث الإعلان عن رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020، كما تزامنت زيارته مع قمع متصاعد تشنه الحكومة السعودية، لأهداف عدة، أحدها هو الحد من أي إنتقادات توجه للقرارات الجديدة.
وصف ألتسون خطاب السعودية الحقوقي بأنه (ملتبس)، إذ أنه مقابل إشارة مسؤولين حكوميين إلى تصديق السعودية (على العديد من المعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، وعضويتها في مجلس حقوق الإنسان، وإعدادها خطة عمل وطنية لحقوق الإنسان، ووجود دائرة كبيرة لحقوق الإنسان بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ومختلف المبادرات الأخرى. لكن بعض المسؤولين يميل أيضاً إلى النظر إلى حقوق الإنسان كمفهوم غريب ولا يسهل التوفيق بينه وبين طابع المملكة الإسلامي أو دور الأسرة الحاكمة المهيمن.
كما يسارع هؤلاء أيضاً إلى الاحتجاج بالسيادة الوطنية والموروثات الثقافية كحدود مفروضة على الانشغال بحقوق الإنسان). المقرر الخاص أوضح أن أول إعتراف رسمي بالفقر كان في عام 2004 حين زار ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز مناطق فقيرة في الرياض. إلا أن البرامج الحكومية التي تلت الزيارة إتسمت (بانعدام الكفاءة، وانعدام الاستدامة، وضعف التنسيق، وقبل كل شيء، الفشل في توفير الحماية الاجتماعية الشاملة إلى من هم في أمس الحاجة إليها). المقرر أبدى دهشته من أن القرارت تتخذ في السعودية من دون وجود إحصائات موثوقة، واصفا (النظام الحالي معيب بشدة نتيجة افتقاره إلى الشواهد الموثوقة والمنهجية المطلوبة كأساس لاتخاذ القرارات الرشيدة والمستنيرة).
وأوضح المقرر أن هناك شح في المعلومات في السعودية إضافة إلى عدم وجود نوع من الشفافية في إعطائها، مستشهدا بحجب معلومات هامة عنه كان قد طلبها أثناء زيارته على الرغم من أن هذه المعلومات تتسم (بمحوريتها المطلقة) بالنسبة لمهمته المتعلقة بالفقر. إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تؤكد على أهمية إلتزام السعودية بالإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان بالسماح لبقية المقررين الخاصين بالزيارة، إذ ينتظر 7 مقررين ردا من الحكومة السعودية للقيام بالزيارة. وتشدد المنظمة على ما ذهب إليه المقرر السيد ألستون من أن أي عملية إصلاح ومن بينها مكافحة الفقر، تتطلب مساحة واسعة وحرة للمجتمع المدني، وهذا ما يتطلب الكف عن استخدام وسائل قمع المدافعين عن حقوق الإنسان كالإعدام والتعذيب والسجن والتعهدات والتهديدات، وإنهاء سياسة تكميم الأفواه.