أعادت السلطات العمانية قسراً في 5 مارس 2019 الشاب أمجد طارق الفرج (1999) إلى السعودية، ما يعد إنتهاك إلى مبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي يحظره القانون الدولي العرفي للأشخاص الذين قد يتعرضون للتعذيب وضروب سوء المعاملة بعد إعادتهم للبلد الذي هربوا منه.
أمجد سعودي الجنسية كان يقيم في سلطنة عمان منذ يناير 2018 خشية من الإعتقالات التعسفية التي لاتزال تحصد الكثيرين من أبناء مدينته العوامية وأفراد أسرته على وجه الخصوص. في 2 مارس 2019 اعتقلته السلطات العمانية من مطار مسقط، عقب عودته من سفر خارج البلاد.
قبل فرار أمجد من السعودية، هرباً من الإضطهاد والتعذيب الوحشي الذي سيتعرض له بعد اعتقاله، كان يخطط لبدء دراسته الجامعية، حيث كان حينذاك يبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً وبضعة أشهر، وكان للتو أنهى تحصيله المدرسي.
نفذت القوات الأمنية السعودية مداهمتين لمنزل أسرة أمجد. ففي 7 نوفمبر 2017 داهمت المنزل وتعاملت بقسوة مع جده المسن المقعد علي الفرج (قرابة 85 عاماً) إضافة إلى قيامها بمصادرة أجهزة هواتف نقالة دون أن ترجعها. وفي 8 يناير 2018 داهمت المنزل ذاته المكون من ثلاثة شقق مرة أخرى (يسكن فيه إضافة إلى أسرته، أسرة عمه خالد الفرج وعمته) وقامت بإتلاف ممتلكات خاصة ومصادرة أجهزة هواتف نقالة، ولم ترجعها أيضاً. كما قامت القوات السعودية باعتقال ابن عم أمجد، الشاب زكريا خالد الفرج، الذي يسكن في شقة أخرى في المنزل ذاته، وتعاملت بقسوة مع والدته عبر دفعها والإطاحة بها في الأرض. فر أمجد بعد المداهمة مباشرة حين عرف أن أفراد من الفرقة المداهمة سألت عنه أثناء المداهمة، حينها لم يكن متواجداً في المنزل.
قالت مصادر مطلعة للمنظمة، إن سبب ملاحقة الحكومة السعودية لأمجد قد يكون صلة النسب، التي تربطه مع عددِ من الأشخاص، من الذين أعدمتهم قواتها خارج نطاق القانون، ومن المعتقلين. حيث تتهم أقرباء المطلوبين في بعض الحالات، بتهمة التستر، بذريعة أنهم لا يقومون بالتعاون معها للإيقاع بهم، إضافة إلى تجريمها كافة التعامل مع المطلوبين بصرف النظر عن طبيعة الأسباب. تمارس الحكومة السعودية في عهد الملك سلمان وابنه ولي العهد محمد بن سلمان عقوبات غير إنسانية طالت أطفال وأبناء وأسر معتقلي، فلقد اعتقلت في سبتمبر 2017 خالد العودة شقيق المعتقل الشيخ سلمان العودة بعد يومين من اعتقاله، وفي اعتقلت في أكتوبر 2017 اعتقلت العباس المالكي ابن الباحث الاسلامي الشيخ حسن فرحان المالكي، الذي تطالب النيابة العامة السعودية بإعدامه على خلفية آراءه الدينية التي تختلف مع المؤسسة الدينية الرسمية. كما وثقت المنظمة في وقت سابق عدداً من حالات إضطهاد الحكومة السعودية لعوائل نشطاء في الخارج بغرض الإنتقام منهم.
من جانب آخر، يقبع والد أمجد، طارق الفرج، الذي يُعرف في مدينته العوامية بنشاطه الاجتماعي، في سجن المباحث بالدمام منذ 18 ديسمبر 2018 بعد اعتقاله من مقر عمله. ذكرت مصادر للمنظمة أن طارق راجع قبل يومين من اعتقاله إمارة محافظة الدمام، بغرض الإستفسار عن سبب إيقاف خدماته، ولكنه لم يحصل على إجابة. وإيقاف الخدمات هو إجراء تعسفي في أكثر الأحيان، تقوم به الحكومة دون امر قضائي، يتم عبره تعطيل الخدمات الحكومية والبنكية، بغرض التضييق أو التهديد أو تمهيداً للإعتقال. وفي حالة إيقاف الخدمات عن الأب تتعطل كافة الخدمات بما فيها الصحية، ليس عنه فحسب، بل عن كافة أفراد أسرته المسجلين على بطاقة العائلة، ما يجعل من هذا العقاب التعسفي يهدد حياة أطفال كثيرين أو يضر بوضعهم الصحي على أقل تقدير، حيث أن هذا الإجراء التعسفي يمارس على نطاق واسع في السعودية.
إضافة لنشاط طارق الفرج الاجتماعي، فهو أحد أعضاء لجنة إدارة مزارع الرامس. ومزارع الرامس وقف أهلي مطل على الخليج ويقع في مساحة كبيرة تقارب ثمانية ملايين ونصف كيلو متر مربع. تقوم الحكومة السعودية حالياً بترهيب السكان الأصليين عبر عدة إجراءات للتنازل عن هذا الوقف التاريخي الذي يعود إلى مايقرب من 140 عاماً. علاوة على اعتقال طارق الفرج اعتقلت السعودية في 1 مارس 2019 أيمن الزاهر وهو عضو في اللجنة أيضاً في سياق الترهيب ذاته الذي تمارسه على الأهالي لإجبارهم على السكوت عن المطالبة بمزارعهم.
بناء على الممارسات الشائعة في السجون السعودية على نطاق واسع، فإن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ترجح أن يتعرض الشاب أمجد الفرج للتعذيب وضروب سوء المعاملة القاسية والحاطة من الكرامة، وتدين قيام حكومة سلطنة عمان بإعادته قسرياً، وتتحمل -إلى جانب السعودية- مسؤولية إعتقاله التعسفي وسائر ما يجري عليه من إنتهاكات.