للعام الثاني على التوالي، تستمر حكومة المملكة العربية السعودية، بمنع عائلة الدكتور الشيخ سعيد الغامدي من السفر. العائلة المكونة من 11 طفلا، تتراوح أعمارهم من 3 إلى 11 عاما، إلى جانب أمهاتهم، عرفوا بقرار المنع من السفر في سبتمبر 2017، حيث أعادتهم الجهات الرسمية من المطار عندما كانوا بصدد السفر.
الأكاديمي الغامدي يقيم في بريطانيا منذ 2018، ويقدم آراء نقدية حول ما يجري في السعودية، في القضايا السياسية والاجتماعية وغيرها، ويتحدث باستمرار عن جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، كالاعتقالات والتعذيب والإعدام، وذلك عبر شبكات التواصل الإجتماعي وفي المنتديات ووسائل الإعلام. كما أسس في أغسطس 2019 مركز (جزيرة العرب للدراسات والبحوث)، ويشارك بفعالية في نشاط المعارضة المهاجرة من السعودية.
المضايقات التي كان يتعرض لها الغامدي على خلفية نشاطه في الداخل، دفعته في 2013 للإقامة خارج السعودية. إذ أستدعي للتحقيق 5 مرات من قبل جهاز المباحث العامة، كان آخرها عام 2012 حيث حقق معه لساعات بسبب توقيعه على بيان مع آخرين. وكان يزور البلاد بشكل متقطع، إلا أنه توقف بعد حملة اعتقالات سبتمبر 2017، تجنباً للاعتقال.
تمارس السعودية المنع التعسفي من السفر على نطاق واسع، دون حكم قضائي، ويصعب على الضحايا الانتصاف القانوني من هذه القرارات التعسفية، بسبب عدم وجود سلطات مستقلة. تزامن منع أسرة الغامدي من السفر مع حملة اعتقالات سبتمبر 2017. قدمت السعودية طلبا رسميا للسلطات التركية باعتقال الغامدي وتسليمه، وأرسلت أفرادها لتحديد موقع سكنه ومكتبه، ما يشير إلى استهداف مُخطط.
في أغسطس 2019، وفي ظل المنع من السفر لأسرته، توفيت طفلته شهرة، وبسبب الأخطار المؤكدة التي تتهدده من قبل الحكومة السعودية، حرم من وداعها، ولاتزال أسرته جميعها محرومة من لقائه.
تضع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان حرمان عائلة الناشط والأكاديمي الشيخ سعيد الغامدي من السفر، ضمن السياسات التعسفية التي تنتهجها الحكومة، وينفذها جهاز رئاسة أمن الدولة، ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان في الداخل والخارج، والتي وثقت المنظمة جانباً منها في تقرير سابق: (السعودية: تنتقم من نشطاء الخارج بإضطهاد عوائلهم في الداخل والتعامل معهم كرهائن).
وكان مقررون خاصون تابعون للأمم المتحدة قد أشاروا إلى ما تعرض له أفراد أسرة الناشط عمر عبدالعزيز الزهراني من انتهاكات واعتقالات على خلفية نشاطه، في رسالة إلى الحكومة السعودية أرسلت في يوليو 2019، وطالبتها بتفسيرات.
تؤكد المنظمة أن هذه الاجراءات تنتهك القانون الدولي، وخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تكفل المادة 12 منه الحق “لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه”. كما أنها تنتهك إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1998، حيث تنص المادة 12 أن على “الدولة أن تتخذ التدابير اللازمة التي تكفل حماية السلطات المختصة لكل فرد، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، من أي عنف، أو تهديدات، أو انتقام، أو تمييز ضار فعلا أو قانونا، أو ضغط، أو أي إجراء تعسفي آخر نتيجة لممارسته المشروعة”.
إضافة إلى ذلك فإن منع عائلة بأكملها تعسفيا من السفر، بما فيهم أطفال، ينتهك نظام وثائق السفر الذي تؤكد مادته السادسة على أنه “لا يجوز المنع من السفر إلا بحكم قضائي أو بقرار يصدره وزير الداخلية تتعلق بالأمن ولمدة معلومة، وفي كلتا الحالتين يبلغ الممنوع من السفر في فترة لا تتجاوز أسبوعا من تاريخ صدور الحكم أو القرار بمنعه من السفر”.
ترى المنظمة أن هذه الإجراءات الإنتقامية، والتي بدأت بالتصاعد في عهد الملك سلمان وإبنه، تؤكد أن السعودية دولة لاتلتزم، لابقوانيها المحلية ولا بالمعاهدات الدولية التي انضمت لها، وتشير إلى رغبتها الجامحة في إسكات كافة الأصوات المعارضة والمنتقدة للسياسات القائمة، وممارسة مختلف أنشطة الضغط والترهيب على النشطاء المقيمين في الخارج، ما يؤكد التوجه القمعي الشرس للحكومة السعودية.