أصدر الفريق العامل المعني بالإحتجاز التعسفي التابع للأمم المتحدة، عددا من الآراء أكد فيها أن المملكة العربية السعودية تمارس الإحتجاز التعسفي، بشكل نمطي وممنهج، من خلال سلب حرية الأفراد الذين يمارسون حقوقهم وحرياتهم التي يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
فضمن العديد من الرسائل التي أرسلها الفريق للسعودية، رسالة في ١٥ سبتمبر ٢٠١٤ تضمنت معلومات حول تسعة نشطاء سلبوا حريتهم، إنتقاما لمشاركتهم في أنشطة ذات صلة بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في السعودية. اشتملت على قضايا كل من الشيخ سليمان الرشودي، عبد الله الحامد، محمد القحطاني، عبد الكريم الخضر، محمد البجادي، عمر السعيد، Raif Badawi، فاضل المناسف و وليد أبو الخير. وأوضحت الرسالة أن المواطنين التسعة تعرضوا لإنتهاكات عديدة، خلال الإعتقال والمحاكمة، بسبب نشاطهم في مجال حقوق الإنسان.
في 29 أكتوبر 2014، ردت الحكومة السعودية على الرسالة، ولكنها اقتصرت على الرد على حالة المدافع عن حقوق الإنسان الشيخ الرشودي، وتجاهلت كافة الحالات الأخرى التي تضمنها البلاغ. وقالت ضمن ردها: أن حقوق الإنسان مكفولة بموجب المادة 26 من النظام الأساسي للحكم، عبر عدد من القنوات القضائية والإدارية وأبرزها (سياسة الباب المفتوح).
وتعليقا على رد الحكومة السعودية، قال الفريق العامل أن الرد هو خطوة إيجابية، إلا أنه أبدى أسفه لتجاهل بقية الحالات الثمانية، وإقتصاره فقط على حالة الرشودي، وأبدى ملاحظته المصحوبة بالقلق حول النمط الثابت للإعتقال والإحتجاز التعسفيين في السعودية، وأعتبر أن قضايا هؤلاء التسعة جزء من هذا النمط المحدد.
وأكد الفريق العامل أن إحتجاز النشطاء التسعة، هو إحتجاز تعسفي، معتبرا أن ذلك يشكل عنصرا من عناصر الإضطهاد الدائم الذي حدث في الآونة الأخيرة للناشطين في مجال حقوق الإنسان في السعودية. كما اعتبر أنه من الواضح، أن هذه الممارسة تشكل شكلا من أشكال الإنتقام منهم لعملهم فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان والدفاع عنها، وأوضح الفريق أن هذا ما يشير إليه النمط السابق لحالات الإعتقال والإحتجاز للنشطاء التسعة. كما رأى الفريق إلى أنهم “لم يسجنوا إلا لمجرد ممارستهم لحقوقهم في حرية التعبير وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات”.
الفريق أشار إلى أن الجرائم التي أدين بها النشطاء التسعة فضفاضة وغير دقيقة، مما يسمح بتفسيرات تقوض الحقوق الأساسية. وخلص إلى أن سلب حرية النشطاء إحتجاز تعسفي، كما أكد أن ذلك أدى إلى إنتهاكات خطيرة ومنهجية للقواعد المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة، بما في ذلك الإلتزام بتعريف الجرائم الجنائية بشكل دقيق في إطار القانون.
الفريق العامل أبدى قلقه البالغ من أن المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض أنشأت للنظر في القضايا المتعلقة بالإرهاب والأمن، إلا أن المحاكمات فيها لم تمتثل للعناصر الأساسية للحق في محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ومحايدة. وانتهى الفريق إلى دعوة الحكومة السعودية إلى إتخاذ الخطوات اللازمة لتصحيح أوضاع النشطاء التسعة من خلال إطلاق سراحهم وتعويضهم.
تدعم المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان رأي الفريق العامل بشأن قضايا النشطاء التسعة وتتوافق معه، وهو رأي ينطبق على العديد من حالات الإعتقال في السعودية، ويظهر مضي الحكومة السعودية في ملاحقة ومعاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان، عبر إستخدام غير موضوعي لقوانين محلية لاتخلو من مخالفات واضحة للقوانين الدولية المعتبرة ولإتفاقيات انضمت لها السعودية.
وتشير إلى التجاهل الذي تنتهجه الحكومة السعودية لمطالبات الفريق العامل المعني بالإعتقال التعسفي، حيث أصدر الفريق، إضافة إلى هذا البيان، بيانا صحفيا آخر لمتابعة قضايا النشطاء التسعة والتأكيد على الرأي القانوني الذي يرى عدم شرعية إعتقالهم، وذلك في 17 نوفمبر 2016 ، إلا إن السعودية مستمرة بالتجاهل، الذي يناقض ما تقوله من إلتزامها بآليات الأمم المتحدة، وإضافة لذلك وإمعانا في هذا التجاهل وفي استهداف وملاحقة وإعتقال ومحاكمة نشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان على خلفية نشاطهم المشروع، صعدت في الأشهر الأخيرة من وتيرة القمع والإعتقالات.
في وقت سابق أطلق سراح أثنين من التسعة، وهم المدافعين عن حقوق الإنسان محمد البجادي وعمر السعيد، إلا إن إطلاق سراحهم لم يكن إستجابة لمطالب الفريق، بل بسبب إنقضاء مدة حكمهم الغير عادل، ولا يزال السبعة الآخرين سجناء.