مساء الخير، أنا يمنى ديساي مواطنة جنوب أفريقية ومحاضرة سابقة للغة الإنجليزية بجامعة حائل بالمملكة العربية السعودية.
أنا معتقلة سياسية سابقة، اتهمت ظلماً، وقضيت 3 سنوات بين سجن ذهبان وحائر في السعودية. في المبدأ، المتهم بريء حتى تثبت إدانته، لكن الأمر في السعودية يعمل بطريقة أخرى، فنحن مذنبون حتى يثبت العكس. هذه الدقائق القليلة لا يمكن أن تنصف قصتي أو قصص أولئك الذين ما زالوا في السجن، لكن باختصار سألخص النقاط الرئيسة.
في 15 نوفمبر 2015م تم اعتقالي مع إخوتي الثلاثة في الساعات الأولى من الصباح. عند توقيفي، لم يُسمح لي بمحامٍ أو مترجم أو توضيح سبب اعتقالي أو الاتصال بعائلتي في جنوب إفريقيا لإعلامها بمكان وجودي.
كان علي أن أقاتل من أجل هذه الحقوق الأساسية وأتذكر عندما تم اعتقالي والطريقة التي تم بها اعتقالي جعلتني أشك في نفسي فيما إذا كنت قد فعلت شيئًا مخالفاً للقانون من خلال الطريقة التي عوملت بها، احتُجزت لمدة شهرين في الحبس الانفرادي قبل أن يتم إطلاق سراحي في زنزانة جماعية.
في هذين الشهرين، تم استجوابي بشكل مستمر وتعرضت للتعذيب النفسي خلال الساعات الأولى من الليل تقريباً من ساعة 12 صباحًا حتى 4 صباحاً، وكان المحققون يسألون أغبى الأسئلة.
انقطع الاتصال تماماً مع أي شخص خارج السجن بما في ذلك عائلتي. في البداية اعتقدت أن هذا ما حدث لي ولأخوتي فقط وفي وقت لاحق عندما وضعت في زنازين جماعية، علمت أن هناك معتقلين لم يتم إخبارهم أبدًا بسبب اعتقالهم. فقط عندما يمثلون أمام المحكمة يعرفون السبب، بالنسبة لأولئك الذين لا يمثلون أمام المحكمة مثل أخواتي الثلاثة، لن يعرفوا السبب أبدًا.
بعد ذلك بعامين بعد حضور أكثر من 15 جلسة استماع في المحكمة والمطالبة برؤية أدلة على الاتهامات الموجهة إلي، حُكم علي أخيرًا بالسجن 3 سنوات و 6 أشهر لجرائم الإنترنت، المادة 12 لوجود صورة لنفسي وأنا أحمل سلاحاً نارياً مرخصاً، والتي تم التقاطها في جنوب أفريقيا. للإشارة إلى ذلك، فقد حُكم عليّ بموجب قانون تم تمريره فقط بعد اعتقالي – وهو مؤشر آخر على أن المحكمة ليس لديها دليل قوي.
تُعقد جلسات المحكمة سراً ولا يُمنح المعتقلون وقتًا للرد أو الدفاع عن أنفسهم، باختصار هي محكمة شكلية. بعد الجلسة الأولى، يُسمح للمعتقل بمحامٍ، ولكن يجب أن يكون شخصاً توافق عليه المحكمة ولا يمكن للمحتجز الجلوس بمفرده مع المحامي، ويجب أن يكون المحقق حاضرًا. لا توجد قواعد وقوانين محددة بشأن ما يمكن وما لا يمكن فعله في السجون السياسية في السعودية، ومن هم في السلطة يفعلون ما يريدون، وليس كما يفترض بهم أن يفعلوا بحق.
بعد عامين من إطلاق سراحي، ها أنا أمامكم ما زلت أحاول أن أفهم بالضبط لماذا وماذا حدث ،أنا وإخوتي لم أحصل على تفسير رسمي عن سبب اعتقالنا، ولم يتم تعويضنا أو حتى تقديم اعتذار. أخبرونا أنه كان خطأ بينما لا يزالون يتصرفون بغطرسة من خلال إخبارنا “أنت تعرف بالضبط ما فعلت”! حالتي لا تختلف عن بقية المحتجزين إلى أجل غير مسمى في السجن دون أي فكرة عن سبب وجودهم هناك.
في محاولة لفهم ما حدث لي ولإخوتي، أعطي للآخرين لمحة عما يمر به كل محتجز وما مر به.
عندما أتحدث عن السجن، فأنا لا أقصد حالتي فقط، بل أعنيهم جميعًا، أعني كل واحد منا. أحمل معاناة المعتقلين الذين رأيتهم وعشت معهم لمدة ثلاث سنوات وسمعت حكاياتهم في السجن. رغم التهديدات سأستمر في كوني صوت لمن لا صوت لهم حتى يتمكنوا ذات يوم من الوقوف هنا ويسردوا قصتهم بأنفسهم إن شاء الله.
لأسباب أمنية حيث لا يزال الكثيرون منهم محتجزين، لا أستطيع أن أذكر أشياء كثيرة ولكن أقولها بصوت عال وواضح وأكررها – لا تصدق من أخبرك أن التعذيب لا يحدث في السجون السياسية في السعودية. لا تصدق من يقول إن المعتقلين يحصلون على حقوقهم. أقف هنا بلا خوف ، وأدلي بشهادتي كشاهد على العكس، وأتحدى أي شخص يثبت لي خلاف ذلك.
في السنوات الثلاث التي أمضيتها في ذهبان، شاهدت انتهاكًا تلو الآخر، تعرض النساء للضرب والإيذاء، قتلت سجينة وهي حنان الذبياني، حرمت معتقلات أجنبيات من المكالمات الهاتفية، ولدت نساء في السجن مثل فاطمة البلوشي التي لا تزال محتجزة، هناك مع ابنتها كيان الجهيني البالغة من العمر 3 سنوات ،ويتم سجن النساء المسنات مثل والدة عبد الله والقائمة تطول.
لقد شاهدت شابات دون السن يسجنَّ. قبل دخولي، صورت السجون السياسية على أنها مكان للمعتقلين البارزين، الذين ربما قتلوا شخصًا ما أو خططوا لهجوم ما على مؤسسة حكومية أو شيء من هذا القبيل لكن الحقيقة هي أن النساء المسجونات لا يمكنهن حتى قتل حشرة، فضلاً عن أذية حياة بشرية.
إنهن شابات ذكيات وطموحات وشجاعات يحلمن بمستقبل أفضل ولن يقبلن بالأمر الواقع إنهنَّ أخوات وأمهات وبنات ،إنهن بشر لديهنَّ قصص ولسن مجرد أرقامٍ يجب أن تتراكم في السجن.
كما قال الراحل مانديلا ذات مرة “إرهابيو اليوم هم أبطال الغد” ، سيشهد التاريخ على أولئك الذين قاتلوا ليعطينا حياة أفضل.
غالبية المعتقلات لسنَ هناك بسبب “جرائم فعلية ” ، على سبيل المثال والدة عبد الله التي جاءت بسبب تصريحاتها العلنية، وفاطمة البلوشي التي دخلت بسبب زوجها، وسماح الموجودة بسبب إخوتها أو بعض الناشطات اللواتي كن قد طالبن بالحصول على حقوق معينة.
هل هذه أدلة كافية لاعتقال وتعذيب واحتجاز شخص ما إلى أجل غير مسمى؟
تدَّعي السعودية محاربة الإرهاب وتحقيق الإصلاح، لكن الطريقة التي يتعاملون بها مع من يريدُ التغيير ترسم صورة مختلفة تمامًا. إنهم يصنعون مواطنيهم ليكرهوا النظام الحالي.
رسالتي كالعادة: المعتقلون السياسيون ليسوا مجرمين. يجب تبني أي رأي أو نظرة مختلفة للحياة كشيء إيجابي. اعمل معهم لجعل بلدك أفضل، ولا تحتجزهم! ”
لو كان أولئك في السجن مجرمين، لكنت أقف هنا مطالبةً بمعاقبتهم بأقسى العقوبات التي تخيلتها على الإطلاق، لكن الحقيقة هي أنهم لم يرتكبوا أي خطأ سوى السؤال للإصلاح والحقوق في وطنهم!
باعتباري معتقلة سابقة ظلماً، فأنا لا أريد شيئاً من الحكومة السعودية لنفسي.
بدلاً من ذلك، أريد المسائلة والإصلاح في نظام السجون الذي ليس له قوانين وقواعد محددة.
صدر اليوم قانون ينص على أن المرأة يمكنها القيادة ، وغداً يتم سجن نفس أولئك الذين دافعوا عن القيادة.
أطالب بإعطاء الحقوق الأساسية للمعتقلين السياسيين في السعودية وفي جميع أنحاء العالم. من أجل أن تكون هناك قواعد وقوانين محددة ، وأن يضمن المسؤولون هذه القوانين ، وليس أن يفعل كل منهم ما يريد. رسالتي واضحة ، وسأستمر في أن أكون صوتاً لمن لا صوت لهم حتى يتمكنوا يوماً ما من الوقوف هنا وسرد قصتهم أو حتى يتم الإصلاح والتغيير بإذن الله. شكرا لكم.
▪️ كلمة مواطنة جنوب أفريقية، التي اعتقلت تعسفيا في السعودية، يمني ديساي في المؤتمر السنوي الأول لضحايا الانتهاكات في المملكة العربية السعودية الذي عقد بتاريخ 10 ديسمبر 2020.