أعدمت حكومة المملكة العربية السعودية، المعتقل زاهر البصري إلى جانب 3 مواطنين هم أمجد المعيبد، يوسف المشيخص، ومهدي الصايغفي 11 يوليو 2017.
وكان البصري (30 يونيو 1988)، وهو من سكان بلدة تاروت التابعة لمحافظة القطيف في المنطقة الشرقية من السعودية، قد تعرض في 13 يونيو 2013، لحادث مروري في منطقة السنابس في بلدته تاروت، نقل على أثره إلى مستشفى المواساة في مدينة القطيف، حيث أصيب بكسر مضاعف في ساقه اليمنى مع نزف شديد، إضافة إلى جرح عميق في البطن وتلف في العضل.
بعد سبعة أيام من الحادث، أمر الطبيب بإجراء عملية ترميم عضل للبصري. في 20 يونيو 2013،وخلال إدخاله إلى غرفة العمليات، قام رجال الأمن بمحاصرة المستشفى وإخلائها. بعد ذلك،دخل أكثر من عشرة من رجال الأمن المقنعين والمسلحين إلى غرفة العمليات، حيث ضربوا زاهر وشتموه.الطاقم الطبي والطبيب المعالج أكدوا حاجته إلى العلاج، وطلبوا من رجال الأمن تركه لإجراء العملية الجراحية، إلا أنهم رفضوا وهددوا الطاقم، وأخذوا البصري إلى مركز شرطة القطيف.
في مركز شرطة القطيف، قضى زاهر 14 يوما في حجز انفرادي، تعرض خلالها للتعذيب. المعلومات أشارت إلى أن المحقق تعمد ضرب الزاهر على مكان الإصابات التي يعاني منها في جسده، ومنها ساقه المكسور والجرح في بطنه.
بعد 14 يوم، نقل زاهر البصري إلى سجن المباحث، وإنقطعت أخباره ما يقارب العام، سمح له بعده بالإتصال بعائلته وبزيارة لمدة لا تتجاوز العشر دقائق. خلال الزيارة لاحظت العائلة تدهور حالته النفسية والجسدية، كما أن آثار التعذيب كانت واضحة عليه، وجراحه كانت ملتهبة بسبب الضربات التي وجهت لها. ورغم مطالبة أهله لم يتم فحصه ومنع العلاج. لم يتمكن زاهر من الحصول على محام والتواصل معه خلال التحقيق أو خلال فترة المحاكمة، ما يعد إنتهاكا لشروط المحاكمة العادلة.
وزارة الداخلية السعودية، أصدرت بيانا في 11 يوليو 2017، أشار في نصه إلى أن البصري أتهم بعدة تهم توجب قتله تعزيرا ، وبينها: الخروج المسلح على ولي الأمر، وإطلاق النار من سلاح رشاش عدة مرات وفِي أوقات مختلفة على مركز شرطة تاروت وعلى الدوريات الأمنية، ومراقبة وتأمين عملية إطلاق النار على مركز شرطة تاروت ، والمشاركة أكثر من مرة في تجمعات مثيري الشغب في محافظة القطيف (التظاهرات) ، وحرق الإطارات في الطرق العامة لإعاقة الجهات الأمنية ومنعها من القيام بمهامها، والتستر على قيام أحد الإرهابيين بتدريب آخرين على استخدام الأسلحة ، ورميه قنابل المولوتوف على رجال الأمن أكثر من مرة.
على الرغم من أن الإعترافات التي بني عليها الحكم أنتزعت تحت التعذيب، فإن المحكمة الجزائية المتخصصة، أصدرت حكم القتل تعزيرا بحق زاهر، ونفذت الحكم بعد ما يقارب الأربع سنوات على الإعتقال، في 11 يوليو 2017، بطريقة سرية ومن دون إعلام عائلته بشكل مسبق.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، تشير إلى أن عملية الإعدام الإعدام الجماعي التي أقدمت عليها الحكومة السعودية تشكل إنتهاكا صارخا للقوانين الدولية والإلتزامات الأممية.فبحسب نص التهم التي قدمته وزارة الداخلية فإن البصري لم يقدم على أي فعل يعد من التهم الجسيمة بحسب القانون الدولي، كما أن التهم التي أشارا لها الوزارة تتضمن ممارسة للحق في التجمع السلمي، وفي نصها “مشاركته في تجمعات القطيف”، والذي تقصد به المظاهرات التي طالبت بالحقوق السياسية والإجتماعية.
إضافة إلى ذلك، فإن حكم الإعدام الذي صدر على زاهر على الرغم من تأكيد تعرضه للتعذيب والحرمان من العلاج، هو إنتهاك واضح لإتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها السعودية في العام 1997. وكانت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قد رفعت حالة البصري إلى اللجنة الأممية لمناهضة التعذيب، وهذا ما دفع الأخيرة إلى مطالبة السعودية في تقريرها الختامي حول الوضع في السعودية والذي صدر في مايو 2016، بالإلتزام بالقيود الدولية التي وضعت على عقوبة الإعدام، وتأمين محاكمات عادلة للمعتقلين.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، ترى أن إعدام زاهر البصري ورفاقه الثلاثة، تأكيد رسمي سعودي على المضي في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام، وتجاهل المطالب الدولية والإلتزامات التي سبق وأن وافقت عليها. وتؤكد المنظمة أن ما رافق قضية البصري منذ الإعتقال إلى الإعدام تتضمن عدة إنتهاكات وعلى رأسها إنتهاك الحق في الحياة من دون أي وجه قانوني.
إن المنظمة تدعو الحكومة السعودية إلى تسليم جثمان البصري إلى عائلته، حيث أن إصرارها على نهج حرمان العائلات من جثامين أبنائها المعدومين معاملة غير إنسانية يحظرها القانون الدولي.كما تؤكد المنظمة على أهمية التحرك الجدي والفاعل والسريع من أجل حماية المعتقلين الآخرين الذين تشير التقارير والمعلومات إلى أنه قد يتم إعدامهم في أي لحظة، بطريقة مشابهة لما واجهه البصري، وعلى الرغم من ما تنضوي عليه قضاياهم من إنتهاكات.