شاركت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في مؤتمر “دور الإعلام في تعزيز حرية الرأي والتعبير من أجل بناء السلام، حقوق الأقليات، والمساواة بين الجنسين من أجل السلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” الذي نظمته “منظمة اعلام للسلام” برعاية وزارة الاعلام اللبنانية وبالشراكة مع مؤسسة كونراد اديناور برنامج سيادة القانون في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وبالتعاون مع مركز الامم المتحدة للاعلام في بيروت.
المؤتمر الذي عقد في 27 أكتوبر 2017 في بيروت، شارك فيه عدد الصحفيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان من العالم العربي. ويهدف المؤتمر بحسب منظميه إلى نقاش المنحى الاعلامي، لقضايا مرتبطة بحقوق الانسان في ضوء التحولات السياسية والاجتماعية التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في ظل استمرار الحروب، ونشأة نزاعات مسلحة جديدة، بالاضافة الى تنامي العنف، وتصاعد التطرف، وانتشار ثقافة رفض الاخر، والذي يؤثر بشكل مباشر على الحريات والحقوق، وبالتالي على الامن والسلم.
المؤتمر قسّم إلى ثلاث جلسات، تناولت الجلسة الأولى مسألة حرية الرأي والتعبير فيما ناقشت الجلسة الثانية موضوع الأقليات، وخصصت الثالثة لمسألة حقوق المرأة. الباحثة في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان السيدة دعاء دهيني تحدثت خلال الجلسة الثالثة عن “واقع حقوق المرأة في السعودية والتناول الإعلامي”.
دهيني أكدت أن صدور قرار ملكي في سبتمبر 2017 يسمح للمراة السعودية بقيادة السيارة، أعاد تسليط الضوء بشكل كبير على مسألة حقوق المرأة في السعودية، حيث أنه أنهى عقودا كانت المرأة السعودية الوحيدة في العالم الممنوعة من القيادة، وأشارت إلى أن هذا القرار سبقته سنوات من النضال النسوي تمتد جذوره إلى العام 1990، تعرضت الناشطات خلاله إلى مختلف أنواع الإنتهاكات من إعتقال ومنع من السفر وتشهير.
وفيما يتعلق بتعامل الإعلام مع القرار، أكدت دهيني أنه على الصعيد المحلي لا يمكن الحديث عن إعلام حقيقي في ظل سيطرة الإعلام الرسمي ومنع أي إعلام مستقل، وأشارت إلى أن هذا الإعلام تبنى الرواية الرسمية حول القرار الملكي، بل إن بعض الصحف المحلية إتجهت إلى السخرية من الحديث عن نضال نسوي طالب بالقيادة او نجاح لناشطات.
إضافة إلى ذلك، أشارت دهيني إلى أن الناشطات السعوديات منعن من التعبير عن رأيهن في الإعلام الحديث، وخاصة موقع تويتر، الذي إعتبروا أنه ملجأهن منذ سنوات، مؤكدة أن العديد من الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان تلقين إتصالات من جهات تابعة إلى وزارة الداخلية، طلبت منهن عدم الحديث عن القرار الملكي أو الإحتفاء به.
على الصعيد العالمي، إتجه الإعلام إلى الإنسياق بشكل مقصود أو غير مقصود إلى الصورة التجميلية التي أرادتها السلطات السعودية من الأمر الملكي، بحسب دهيني، فعلى الرغم من تناول بعض الصحف الأجنبية لمسار نضال الناشطات السعوديات إلا أن ذلك لم يكن طاغيا كما لم يتم تسليط الضوء بالشكل الكافي على بقية الحقوق التي لا زالت المرأة السعودية محرومة منها.
دهيني أشارت إلى أن القرار الملكي الذي سمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة عكس التعامل الإعلامي مع قضايا حقوق الإنسان وحقوق المراة بشكل عام. على سبيل المثال -فيما لا تزال النساء في السعودية يقعن ضحايا للعنف وتخرج قضاياهن بين الفينة والأخرى- تروج الحكومة السعودية إلى إصدارها قانون العنف الأسري الذي لم ينجح لحد الآن في حماية المرأة من العنف.
هذه التجرية تؤكد بحسب دهيني، على أهمية استقلال الإعلام عن الرواية الرسمية في حديثها عن حقوق المرأة، والخروج عن الإطار التي تحدده الحكومة السعودية للقرارات التي تصدرها، ولصورة حقوق الإنسان فيها، كما شددت على ضرورة تنبه الإعلام من الإنسياق للتبريرات التي تستند إليها الحكومة السعودية للإنتهاكات، وبينها تبريرات دينية أو ثقافية أو إجتماعية، قابلة للتبدل المفاجيء مع أي رغبة سياسية مستجدة.
دهيني أكدت أن الدور الأساسي الذي يجب على الإعلام لعبه اليوم فيما يتعلق بحقوق الإنسان وبينها حقوق المرأة في السعودية، هو دعم الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان والكتابة عنهن والبحث عن قصصهن التي تحاول الحكومة السعودية إخفائها من خلال قوانين تجميلية تارة أو قمع تمارسه ضدهن وضد كل من يدعمهن تارة أخرى.