ترحّب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بالبيان الهام والصادر عن خمسة مقررين في حقوق الإنسان تابعين للأمم المتحدة في 2 يناير 2018، والذي ركّز على تدهور أوضاع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية وطالب بحماية المجتمع المدني من عمليات الإستئصال المستمرة التي تمارسها السعودية بحق النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وتتضاعف أهمية البيان في هذا التوقيت بعد أن بلغت مستويات الحرية وحقوق الإنسان مستويات هي الأخطر خلال هذه السنوات.
البيان عبر عن أسف المقررين لإستمرار السعودية في إستخدام قوانين مكافحة الإرهاب والقوانين المتعلقة بالأمن ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، وحثّوا الحكومة على إنهاء القمع والإفراج عن جميع المحتجزين بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم.
البيان صدر عن خمسة من المقررين، وهم المقرر الخاص بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان السيد ميشيل فورست، ورئيس الفريق العامل المعني بالإعتقال التعسفي السيد خوسيه أنطونيو غيفارا بيرموديز، والمقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير السيد دايفيد كاي، والمقرر الخاص المعني بحرية الدين والمعتقد السيد أحمد شهيد، والمقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب السيدة فيونوالا أولان.
المقررون أشاروا إلى أن شخصيات دينية وكتاب وصحافيين وأكادميين ونشطاء مدنيين أستهدفوا إلى جانب أعضاء من جمعية الحقوق المدنية والسياسية (حسم)، في نمط مثير للقلق من الإعتقالات التعسفية الممنهجة والواسعة النطاق.
وأكد البيان أن الحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي مقيّدة بشدة في السعودية، وأن هناك إضطهاداً للمدافعين عن حقوق الإنسان بسبب ممارستهم السلمية لهذه الحقوق وإنتقاما من نشاطهم. وأوضح الخبراء الأمميون أن السعودية تجاهلت نداءاتهم المتكررة التي دعوا فيها إلى وقف هذه الإنتهاكات وتصحيحها ومنع تكرارها.
البيان أشار إلى أن أكثر من ستين شخصا بينهم رجال دين بارزين وكتاب وصحفيون وأكاديميون ونشطاء مدنيون أعتقلوا في سبتمبر 2017، ما أضاف قائمة أخرى على القضايا التي سبق للخبراء الأمميون أن أثاروها مع الحكومة السعودية. المقررون أكدوا أنهم طلبوا من الحكومة السعودية معلومات مفصلة حول هذه الإعتقالات وأي إعتقالات أخرى حصلت في تلك الفترة تحت حجة مكافحة الإرهاب وأمن الدولة. كما أشاروا إلى أنهم يسعون للحصول على توضيحات من الحكومة حول توافق هذه التدابير مع إلتزامات السعودية بموجب القانون الدولي والتعهدات والإلتزامات التطوعية التي فرضتها على نفسها عندما إنضمت لمجلس حقوق الإنسان.
البيان شدد أنه على الرغم من إنتخابها لعضوية مجلس حقوق الإنسان في نهاية العام 2016، إلا أن السعودية واصلت ممارساتها في إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان من خلال إعتقالهم تعسفيا ومضايقتهم.
وبالإضافة إلى الإعتقالات التي حصلت في سبتمبر 2017 والحالات السابقة التي أبلغت بها الحكومة، أشار الخبراء إلى فشل السعودية في تنفيذ آراء كانت قد وجهت لها من قبل الفريق العامل المعني بالإحتجاز التعسفي، والتي شملت 10 أفراد قرر الفريق العامل أن إعتقالاتهم تعسفية. المقررين دعوا في بيانهم إلى الإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان المعنيين في هذه الحالات وناشدوا الحكومة السعودية ضمان حقوقهم وتعويضهم.
البيان تطرق إلى قضية رجل الدين سلمان العودة الذي كان من أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان من الذين أعتقلوا في سبتمبر 2017، وأوضحوا انه شخصية مؤثرة لطالما حثت على إحترام حقوق الإنسان، كما أوضح أن من بين المعتقلين الأكاديمي عبد الله المالكي ورجل الأعمال عصام الزامل والأعضاء المؤسسين في جمعية حسم عبدالعزيز الشبيلي وعيسى الحامد.
الخبراء شددوا على أن هذه الحالات إلى جانب الحالات التي لم تحل سابقا، تصوّر نمطاً مقلقاً من الإعتقالات التعسفية المنتظمة والواسعة النطاق في السعودية، وأشاروا إلى أنهم شهدوا بقلق منذ حظر جمعية حسم عام 2013، تزايد إعتقال ومحاكمة الأشخاص الذين ينتقدون سلميا سياسات الحكومة السعودية ويعملون بشكل قانوني لحماية حقوق الإنسان.
البيان إنتهى بالإشارة إلى إغفال الحكومة السعودية للنداءات المتكررة التي وجهها خبراء مجلس حقوق الإنسان لها، وآخرها نداء المقرر الخاص بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان في مايو 2017.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، تحذّر من الآثار الوخيمة التي تتراكم في مختلف جوانب حقوق الإنسان في السعودية في ظل التغييرات الحالية، وهذا ما يشير له البيان من خلال استمرار السعودية بتجاهل التزاماتها الدولية، وهذا مايؤكده تتبع السجل السيء للسعودية في التعاطي مع رسائل الأمم المتحدة بخصوص إنتهاكات حقوق الإنسان.
وتشدد المنظمة على أن بيان الخبراء يكشف عن زيف إدعاءات الحكومة السعودية حول الإصلاح، حيث يظهر ماورد في البيان وبوضوح، سعي الحكومة السعودية لإلغاء أي دور قد يقوم به المجتمع المدني والشخصيات الفاعلة في الإنتقاد أو الرقابة، وذلك من خلال الإعتقال والمحاكمة، وكذلك من خلال إعاقة وإبطاء ممنهجين لقانون مؤسسات المجتمع المدني الصادر في نوفمبر 2015 والذي لم يتمخض عنه إشهار أي مؤسسة حقوقية حتى الآن، على الرغم من مرور عامين على صدوره، تعتقد المنظمة أن ذلك راجع لأسباب عديدة أحدها الترهيب الواسع الممارس على المجتمع المدني وعلى مختلف توجهات النشطاء المستقلة.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تلاحظ تمسك الحكومة السعودية بأسلوب التجاهل والمرواغة في التعاطي مع مثل هذه البيانات الأممية، وأن استمرارية هذا الأسلوب تؤكد أهمية الدعوات التي تطالب بتعليق عضويتها في مجلس حقوق الإنسان.