يستمر تعرض المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء وأصحاب الرأي في المملكة العربية السعودية، لأشكال متعددة من التهديدات. في 3 مارس 2017 أضطر المدافع عن حقوق الإنسان السيد (محمد العتيبي) للهجرة من السعودية وتوجه لدولة قطر، وذلك تحسبا لحكم جائر قد يصدر بحقه في محاكمة تفتقد لأدنى شروط العدالة.
تقدم العتيبي بطلب الحماية لدى الحكومة القطرية، التي يكفل دستورها الدائم 2004، حظر تسليم اللاجئين السياسيين وفق المادة 58: (تسليم اللاجئين السياسيين محظور. ويحدد القانون شروط منح اللجوء السياسي). كما إن قطر طرفا منذ 2008 في الميثاق العربي الذي لاتجيز المادة 28 منه تسليم اللاجئين السياسيين: (لكل شخص الحق في طلب اللجوء السياسي إلى بلد آخر هرباً من الاضطهاد، ولا ينتفع بهذا الحق من يجري تتبعه من أجل جريمة تهم الحق العام، ولا يجوز تسليم اللاجئين السياسيين).
منذ قرابة 8 سنوات وحتى اليوم، بدأ استهداف محمد العتيبي من قبل الحكومة السعودية عبر جهاز المباحث العامة، بسلسلة من الإنتهاكات لحريته وأمنه وسلامته، وذلك على خلفية مواقفه المندرجة تحت عناوين المطالب الحقوقية وحرية الرأي:
– ففي 1 يناير 2009، اعتقل بتهمة محاولة الشروع في التظاهر مناصرة لفلسطين إبان الحرب على غزة.
– خلال الدورة 61 للفريق العامل المعني بالإحتجاز التعسفي المقامة في أغسطس/سبتمبر 2011، أصدر الفريق رأيه رقم 33/2011، الذي قال فيه: (السيد العتيبي المولود في عام 1971 والمقيم عادة في حي بدر، في الرياض، هو أحد المدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. وتشير المعلومات الواردة إلى أن السيد العتيبي ندد علانية بأوضاع احتجاز السجناء السياسيين في المملكة العربية السعودية. ويدعى أيضا أن السيد العتيبي واحد من الموقعين على التماس يدعو إلى إجراء إصلاحات سياسية في المملكة، ويدعو بشكل أكثر تحديدا إلى إقامة ملكية برلمانية واحترام مبدأ الفصل بين السلطات)، واعتبر احتجازه تعسفيا، وطالب بالإفراج الفوري عنه، وتعويضه وأسرته.
– في 11 يونيو 2012 أطلق سراحه بعد أن قضى قرابة 3 سنوات ونصف، إلا إنه بقي ممنوعا من السفر لأكثر من 4 سنوات ونصف، وذلك حتى 1 يناير 2017.
– في 3 أبريل 2013 أعلن العتيبي مع 3 نشطاء آخرين، تأسيس جمعية الإتحاد لحقوق الإنسان، التي تهدف لتعزيز ثقافة حقوق الإنسان في السعودية والدفاع عن جمعيات حقوق الإنسان الأخرى ومساعدتها، والبدء بحملة لإنهاء عقوبة الإعدام وكذلك العمل على تدعيم دور المرأة في المجتمع. ولكن لم يسمح لهم بممارسة النشاط، وطلب منهم تجميده وأضطروا للموافقة بعد أن تم تهديدهم بالإعتقال والمحاكمة.
– في 15 مايو 2015، مثل أمام هيئة التحقيق والإدعاء العام، وطلب منه تجميد نشاطه الفردي وظهوره الإعلامي، مع التهديد بالإعتقال والمحاكمة، إن لم يتوقف.
– أحيل في 8 ديسمبر 2016 وبشكل مفاجئ للمحكمة الجزائية المتخصصة، مع تهم قديمة من بينها تأسيس جمعية حقوقية، في الوقت الذي جُمِدَ نشاطها منذ أكثر من 3 سنوات.
على ما تقدم، ووفق الانتهاكات التي باتت نمطا ثابتا في السعودية، يواجه العتيبي خطر الإعتقال التعسفي، والتعذيب والمحاكمة الغير عادلة، جراء مواقفه ونشاطه المشروع في الدفاع عن حقوق الإنسان، كما أن احتمالية البراءة من القضية المقامة ضده وزميله عبدالله العطاوي والتي لا زالت مستمرة في المحكمة الجزائية المتخصصة بأمن الدولة والإرهاب في الرياض، تكاد تكون نادرة إلى حد بعيد، نظرا لعدم إستقلالية المحكمة.
إن المنظمة السعودية للحقوق والحريات، ومنظمة ديوان المظالم الأهلي، والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان: يشيرون إلى أن قضية العتيبي، تتزامن مع إستهداف شرس للمدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية، الأمر الذي أكده مقرر الأمم المتحدة المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان في تقرير نشر في مارس 2017، أعرب فيه عن مخاوف جدية جراء السلوك الذي تنتهجه السعودية ضد المدافعين. كما تأتي قضية العتيبي بعد أيام على تسليم دولة الفيليبين في 10 أبريل 2017، الشابة دينا علي إلى الحكومة السعودية، خلال توجهها إلى أستراليا طلبا للجوء الإنساني، وإستمرار سجنها منذ إرجاعها حتى اللحظة.
إن المنظمات، ترى أن من المؤكد، ووفقا لمنهجية وممارسة الحكومة السعودية، أن العتيبي، فيما لو تم إعادته قسرا إلى بلاده، سيتعرض للإعتقال التعسفي والإختفاء القسري والتعذيب والمحاكمة الغير عادلة، وستتم محاكمته وفق نظام مكافحة الإرهاب وتمويله وفي المحكمة المختصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة. ونؤكد على الحكومة القطرية وعلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أهمية إتخاذ إجراءات عاجلة من أجل ضمان حماية المدافع محمد العتيبي، ومنحه الحق في الحماية والأمان، إستنادا إلى المخاوف التي تهدد حريته وحياته.
المنظمة السعودية للحقوق والحريات – برلين
منظمة ديوان المظالم الأهلي “ديواني” – جنيف
المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان – برلين