في سياق الاضطهاد المتكرر للصحفيين في المملكة العربية السعودية ، قدمت مراسلون بلا حدود مؤخرًا شكوى ضد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وغيره من كبار المسؤولين السعوديين المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
تم تقديم الشكوى، الصادرة في 1 مارس 2021، إلى المدعي العام الألماني لمحكمة العدل الفيدرالية في كارلسروه. وهي عبارة عن وثيقة من 500 صفحة عن اضطهاد الصحفيين في السعودية والجرائم ضد الإنسانية التي تُرتكب في البلاد ، وانتهاكها مبادئ حقوق الإنسان. وتتهم الشكوى بن سلمان، ومستشاره المقرب سعود القحطاني، وثلاثة مسؤولين سعوديين آخرين رفيعي المستوى ، بالتخطيط لاغتيال الصحفي في واشنطن بوست جمال خاشقجي، وتستنكر الاعتقال التعسفي لـ 34 صحفياً. وكان خاشقجي المقيم في الولايات المتحدة مسافراً في تركيا، حيث اغتيل على يد عملاء سعوديين. واعترف خمسة أفراد في وقت لاحق بالجريمة، لكن ولي العهد، الذي كان موضوع اتهامات بالتورط منذ البداية، لا يزال ينفي تورطه.
تأتي خطوة مراسلون بلا حدود في أعقاب نشر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية موجزًا استخباراتيًا رُفعت عنه السرية يؤكد أن ولي العهد السعودي هو المسؤول عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي. ورفضت السعودية الادعاءات وأكدت أنها تنكر “التقييم غبر الصحيح والسلبي وغير المقبول في التقرير المتعلق بقيادة المملكة ، أشارت إلى أن التقرير تضمن معلومات واستنتاجات غير دقيقة”.
تمنح القوانين الألمانية محاكمها الولاية القضائية على الجرائم الدولية. وبالتالي، لا يلزم بالضرورة ارتكاب الجريمة في ألمانيا لعرضها على المحاكم، كما يمكن مقاضاة الانتهاكات المُرتكبة في الخارج. وفقًا للقانون الألماني للجرائم المتعلقة بالقانون الدولي، فإن الأفعال التي تعرض لها هؤلاء الصحفيون يمكن أن تشكل جرائم جنائية مثل التعذيب والعنف الجنسي والإكراه والاختفاء القسري والحرمان غير القانوني من الحرية الجسدية والاضطهاد. وكثيراً ما أعربت الحكومة الألمانية عن قلقها بشأن حماية الحق في حرية التعبير والدفاع عن الصحفيين حول العالم.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تتحدث فيها مراسلون بلا حدود عن معاملة السعودية للصحفيين. في الماضي، كانت تتحدث عن حل قضيتي جمال خاشقجي ورائف بدوي، وفي عام 2014 أصدرت بيانًا يدعو إلى التحقيق في مقتل حسين الفرج، المصور والصحافي المعروف بتغطية احتجاجات الربيع العربي في السعودية في منطقتها الشرقية 2011. وبحسب روايات الشهود ، “تم العثور على كاميرته الملطخة بالدماء بجانب جسده الذي مزقه الرصاص”.
وتعدّ الإدانة الأخيرة لضابط في الشرطة السرية السورية لمشاركته في أعمال بربرية ضد المتظاهرين تبعث الأمل في قضية حقوق الإنسان.
كانت مراسلون بلا حدود قد أدانت ما اعتبر أنه تطوير الحكومة السعودية لسياسة دولة لمهاجمة وإسكات الصحفيين، وتوقعت أن تفتح المحكمة الألمانية تحقيقا في انتهاكات حقوق الإنسان الموصوفة في الشكوى. بالتالي فإن السعودية التي لطالما تعرضت لانتقادات بسبب هجماتها الممنهجة على السكان لأسباب سياسية، قد تواجه أخيرًا ثمنًا حقيقيًا لارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
بقلم: آنا فيليبياك، متدربة في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان