اعتبرت المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً أغنيس كالامارد أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ظل محميا من أي نوع من التحقيق حول مسؤوليته في قتل الصحفي جمال خاشقجي، مؤكدة أن صدور أحكام في هذه القضية لا يجب أن تسمح “بتبييض ما حدث”.
وفي سلسلة تغريدات لها، في 8 سبتمبر 2020، وصفت المحاكمة التي قامت بها السعودية في قضية قتل خاشقجي ، بالساخرة وغير العادلة وغير الشفافة، معتبرة أن الأحكام التي صدرت عنها لا تحمل أي شرعية قانونية أو أخلاقية.
كالامارد انتقدت مسار المحاكمات بعد صدور أحكام نهائية بحق 8 أفراد قالت النيابة السعودية أنهم متهمون بقتل خاشقجي. ففي 7 سبتمبر 2020 صرح المتحدث الرسمي للنيابة العامة السعودية بأنه بعد تنازل الشرعي لذوي القتيل، صدرت أحكام قضت “بالسجن 20 عاماً على خمسة من المدانين حيال كل فرد منهم، وثلاثة من المدانين بأحكام تقضي بالسجن لعشر سنوات لواحد منهم وسبع سنوات لاثنين منهم”.
واعتبرت المقررة الأممية التي كانت قد قادت تحقيقا في القضية، أن المسؤولين رفيعي المستوى الذي نظموا وحضنوا إعدام خاشقجي أفلتوا منذ البداية وبالكاد تأثروا بالتحقيق والمحاكمة. وأوضحت أنه فيما يتعلق “بالمسؤولية الفردية” للشخص على رأس الدولة، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فإنه ظل محميًا جيدًا.
كالامارد دعت إلى أن لا تؤدي هذه الأحكام إلى تخفيف أي ضغوط من الحكومات، ولا سيما الدول الخمس التي راقبت المحاكمات في الرياض، لضمان التحقيق في تورط جميع المسؤولين، بمن فيهم كبار المسؤولين.
كما اعتبرت أنه الآن يجب أكثر من أي وقت مضى على أجهزة المخابرات الأميركية نشر تقييمها لمسؤولية محمد بن سلمان عن قتل الخاشقجي، قائلة أنه إذا كان من غير الممكن تحقيق العدالة في السعودية، فإن قول الحقيقة ممكن.
ورحبت كالامارد بقرار تخفيف عقوبة الإعدام بحق المتهمين، لأنها في حال طبقت لكانت قتلا تعسفيا على يد الدولة السعودية وسعي لإسكات الشهود الرئيسيين على القضية بشكل دائم.
وكانت المقررة الأممية قد أصدرت تقريرا لها حول قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول دعت فيه إلى التحقيق مع ولي العهد محمد بن سلمان. واعتبر التقرير أن الانتهاكات الدولية المتعددة التي انطوت عليها عملية قتل خاشقجي تجعل منها “جريمة دولية ينبغي للدول أن تطالب بالولاية القضائية العالمية عليها”.
لم تتعاطى الحكومة السعودية بإيجابية مع التقرير والتحقيقات ورفضت زيارة كالامارد، كما هاجمتها في عدد من المحافل الدولية، واكتفت بالتحقيقات والمحاكمات التي قامت بها في الداخل رغم الشوائب التي انطوت عليها.
كما تعتبر المنظمة أن الأحكام الأخيرة، تمثل نموذجا عن القضاء غير الشفاف والذي يفتقد إلى العدالة، وهذا ما كان قد تم رصده في قضايا سابقة. كما أنها تشير إلى الاستخدام التعسفي لعقوبة الإعدام، ففيما يعتبر قتل خاشقجي جريمة من الجرائم الأشد خطورة في القانون الدولي، عمدت الحكومة السعودية إلى إيجاد مخارج قانونية ودفعت العائلة إلى العفو، لمنع تطبيق عقوبة القصاص على من قالت أنهم مرتكبوها، فيما يصدر القضاء السعودي في المقابل أحكام إعدام تعزيرية بتهم لا تتسم بأنها من الأشد خطورة.
إضافة إلى ذلك، تؤكد المنظمة أن التعاطي الرسمي مع المقررة الأممية وتحقيقها هو مثال على التعامل السعودي مع الآليات الأممية، ففيما تدعي احترامها للآليات الأممية وتطبيقها التزاماتها الدولية، لا تراعي التوصيات التي تصدر عن المقررين الخاصين وتتجاهلها بل تعمد إلى مهاجمتها في حال انتقدتها.
تشدد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان على أن قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي لا يجب السكوت عنها، لأنها وجه صارخ من وجوه الانتهاكات التي تقوم بها الحكومة السعودية في ظل سياسة الإفلات من العقاب التي تنتهجها، كما تؤكد أنها جريمة دولية كما وصفتها المقررة الأممية وهذا ما يضع مسؤوليات على الدول الأخرى لضمان محاسبة المسؤولين.