على وقع جرائم التعذيب الرسمي في المملكة العربية السعودية وانعدام أي سبل لإنصاف الضحايا التعذيب ومع تعزيز سياسة الإفلات من العقاب، يحيي العالم في 26 يونيو اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب الذي يهدف إلى القضاء التام عليه.
ففيما تندد الأمم المتحدة بالتعذيب بوصفه “أحد أحط الأفعال التي يرتكبها البشر”، تستمر الحكومة السعودية في مخالفة إلتزاماتها الدولية وخاصة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي صادقت عليها منذ العام 1997.
التعذيب الذي تمارسه الأجهزة الرسمية السعودية، يشكل فصلا مؤلما من فصول إنتهاكات حقوق الإنسان التي تطال المعتقلين، حيث تم توثيق إستخدامه لانتزاع اعترافات استندت المحاكمات عليها لاحقا لإصدار الأحكام ومن بينها الإعدام. ففي 23 أبريل 2019، أعدمت الحكومة السعودية 37 مواطناً بينهم أفراد كانت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قد وثقت تعرضهم للتعذيب وتأكيدهم لذلك أمام القضاة. من بين المعدومين شبان أتهموا بالتظاهر وأكدت صكوك أحكامهم تعرضهم للتعذيب من اجل انتزاع اعترفات. وإلى جانب الشبان أعدمت السعودية 11 مواطنا اتهموا بالتجسس. وكانت المنظمة قد وثقت تعرضهم لصنوف مختلفة من التعذيب النفسي والجسدي، وتهديد بعضهم بإحضار زوجاتهم وأبنائهم إلى السجن في حال لم يقوموا بالتوقيع على الأقوال التي كتبها المحققون.
إضافة إلى ذلك، أظهر تتبع المنظمة أن سياسات الحكومة هذه لا تستثن الأطفال، حيث أكدت المعلومات تعرضهم لأنواع مختلفة من سوء المعاملة والتعذيب، من بين ذلك ما ينفذ في مراكز الإحتجاز المخصصة للأحداث. كما تتبعت المنظمات مؤخرا نمطا جديدا من التعذيب يطال النساء المعتقلات، إذ أشارت تقارير حقوقية إلى أن السعودية تمارس عليهن أنواعاً أخرى ومستجدة من التعنيف، حيث تعرضت معتقلات إلى التعذيب بالصعق الكهربائي والتحرش الجنسي.
هذه الإنتهاكات لا تتجاهل فقط التزامات السعودية بموجب إتفاقية مناهضة التعذيب، بل أيضا تتنكّر لنداءات أممية عديدة كانت قد وجهت إلى الحكومة رفضت إستخدام اعترافات انتزعت تحت التعذيب لإصدار أحكام، ومن بين ذلك قرارات للجنة مناهضة التعذيب والفريق العامل بالإخفاء القسري والفريق العامل بالإعتقال التعسفي والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب.
إلى جانب ذلك، يستخدم التعذيب من قبل الحكومة السعودية لأغراض إنتقام وتفشي، تصل حد القتل. وكانت المنظمة قد وثقت عددا من الحالات توفي أفرادها جراء التعذيب تحت التحقيق أو بسبب سوء المعاملة والرعاية الصحية. من بين ذلك وفاة الشاب مكي العريض تحت التعذيب في العام 2016. وفي ظل عدم إمكانية التحقيق والمحاسبة، أكدت المعلومات المحلية وفاة المعتقل جابر العقيلي تحت التعذيب فيما ادعت الحكومة انتحاره، وكذلك الشاب محمد الحساوي الذي توفي بعد عامين من اعتقاله والستيني علي جاسم النزغة.
في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن ضحايا السعودية، وخاصة المهددين بفقدان حياتهم بأحكام جائرة مبنية على التعذيب، يحتاجون إلى سياسات وإجراءات فورية لحمايتهم من قبل مجلس حقوق الإنسان الذي تشغل السعودية عضويته. كما تؤكد المنظمة أن ما يحدث في السعودية ليس ممارسة فردية، بل عمل مؤسساتي تقوم به أجهزة الدولة وأبرزها رئاسة أمن الدولة التي تأسست في يوليو 2017 وترتبط مباشرة بالملك والتي وثقت المنظمة مسؤوليتها المباشرة عن التعذيب، وهذا ما يتطلب خطوات فعلية تضمن عدم استخدام الإفلات من العقاب وسيلة للإبقاء على هذه الإنتهاكات.