في 20 نوفمبر 2023، يحل اليوم العالمي للطفل، وهو مناسبة للاحتفال باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية حقوق الطفل.
صادقت المملكة العربية السعودية منذ العام 1996 على الاتفاقية التي تنص مادتها 37 على تكفل الدول الأطراف:(أ) ألا يعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة. ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدي الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم.
تكرر السعودية في التصريحات الرسمية أن القانون يحمي القاصرين من عقوبة الإعدام، كما تقول أنه يحميهم من الأحكام المطولة وحدد أقصى عقوبة بمدة 10 سنوات.
تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان يؤكد أن التصريحات الرسمية جزء من الدعاية الرسمية للإصلاحات، وأن القوانين بأغلبها شكلية، حيث تستمر الانتهاكات بحق القاصرين في النص وفي التطبيق.
أحكام القتل:
منذ العام 2016، أعدمت السعودية 12 قاصرا بعد محاكمات جائرة، ولا زالت حتى اليوم تحتجز جثامينهم. عام 2018 روجت السعودية إلى إصلاحات جذرية في حقوق القاصرين، وأعلنت إصدار نظام الأحداث، الذي ينص على أنه “إذا كانت الجريمة مما يعاقب عليه بالقتل، فيعاقب بالإيداع في الدار مدة لا تتجاوز عشر سنوات”، ويستثني في ذلك الأحكام قصاصا وحدا.
على الرغم من ذلك، وفي يونيو 2021 وبعد إقرار نظام الأحداث قتلت السعودية الشاب مصطفى الدرويش بتهم غير عنيفة حصلت حين كان قاصر، وذلك بعد محاكمة غير عادلة تضمنت سوء المعاملة والتعذيب. وحاليا، يواجه 8 قاصرين على الأقل أحكام قتل تعزيرية بتهم غير عنيفة حصلت حين كانوا قاصرين وهم عبد الله الدرازي، جلال الباد، يوسف المناسف، علي المبييوق، حسن زكي الفرج، علي حسن السبيتي، جواد قريرص، ومهدي المحسن، إلى جانب قاصر يواجه القتل قصاصا وهو عبد الله الحويطي.
تنكر السعودية في ردها أن المحكومين كانوا قاصرين وقت حصول التهم، وفيما لا تظهر صكوك الأحكام وقت حصول كافة التهم التي تم بموجبها الحكم، إلا أن تتبع عدد منها يؤكد حصول الجرائم المزعومة قبل أن يتموا 18 عاما.
أحكام مطولة:
تنص المادة 15 من قانون الأحداث على أنه: إذا لم يكن الحدث متمًّا (الخامسة عشرة) من عمره وقت ارتكابه فعلاً أو أفعالاً معاقباً عليها، فلا يفرض عليه سوى تدبيرٍ أو أكثر من التدابير الآتية:
توبيخه وتحذيره، تسليمه لمن يعيش معه من الأبوين أو لمن له الولاية، منعه من ارتياد أماكن معينة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، منعه من مزاولة عمل معين، وضعه تحت المراقبة الاجتماعية في بيئته الطبيعية لمدة لا تتجاوز سنتين، إلزامه بواجبات معينة لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، الإيداع في مؤسسة اجتماعية أو علاجية لمدة لا تتجاوز سنة، بشرط أن يكون متمًّا (الثانية عشرة) من عمره وقت ارتكابه الفعل المعاقب عليه.
إذا كان الحدث متمًّا (الخامسة عشرة) من عمره وقت ارتكابه فعلاً أو أفعالاً معاقباً عليها فتطبق عليه العقوبات المقررة عدا عقوبة السجن؛ فيعاقب بالإيداع في الدار مدة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للعقوبة الأعلى المقررة لذلك الفعل ودون التقيد بالحد الأدنى لتلك العقوبة.
على الرغم من نص القانون، تصدر السعودية أحكاما مطولة بحق القاصرين، ففي أغسطس 2023، وبحسب المعلومات التي تم تداولتها، أصدرت المحكمة حكما بالسجن والمنع من السفر 36 عاما بحق الشابة منال القفيري، بتهم تتعلق بالتغريد، والتي اعتقلت بعمر 17 عاما. وتعد هذه القضية الأولى التي يتم رصدها بحق قاصر أنثى، فيما من المتوقع أن تكون هناك قضايا أخرى لم يتم رصدها.
وفي مارس 2023، كانت محكمة الاستئناف قد صادقت على الحكم الصارد بسجن القاصر سجاد آل ياسين 35 عاما، ومنعه من السفر مدة مماثلة. من بين التهم التي واجهها وحصلت حين كان عمره أقل من 18 عاما، المشاركة في مظاهرات وترديد مظاهرات مناوئة للدولة.
إضافة إلى ذلك، لا زالت السعودية تعتقل الشاب مجبتى الصفواني الذي اعتقل حين كان يبلغ من العمر 16 عاما، بعد أن حكمت عليه بالسجن 13 عاما.
التعذيب:
تنص المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لقانون الأحداث على أنه: “يجري التحقيق مع الحدث داخل الدار وفي مكان يشعر فيه بالطمأنينة والراحة النفسية، وإذا اقتضت مصلحة الحدث قيام النيابة العامة بالتحقيق معه في مكان خارج الدار؛ فينبغي أن توفر للحدث الطمأنينة والراحة النفسية وألا يترتب على التحقيق معه في هذه الأماكن أي تأثير عليه من الناحية النفسية أو الاجتماعية أو السلوكية أو التعليمية”.
تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان يؤكد انتهاك السعودية للعديد من المواد في نظام الأحداث ولائحته التنفيذية، وخاصة فيما يتعلق بالتحقيق وحضور ولي الأمر وغيرها، إضافة إلى ممارسة التعذيب وسوء المعاملة على مستويات مختلفة. وهذا ما يخالف أيضا التزامات السعودية الدولية بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب.
ففي سبتمبر 2014 اعتقل مرتجى قريريص وهو يبلغ من العمر 13 عاما وتعرض للتعذيب ووضع في زنزانة أنفرادية، فيما أدى التعذيب الذي تعرض له محمد عصام الفرج الذي اعتقل بعمر 15 عاما إلى ارتفاع في ضغط الدم وتردي أوضاعه الجسدية.
وعلى الرغم من أن كل القاصرين المهددين بالإعدام حاليا أكدوا أمام القاضي تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة بهدف انتزاع اعترافات منهم، لم يتم التحقيق في ذلك، وتمت مصادقة الأحكام.
في اليوم العالمي للطفل، ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن تعامل السعودية مع القاصرين يعكس إلى حد بعيد حقيقة تعاملها مع ملف حقوق الإنسان. ففيما تروج للقوانين وللإصلاحات وتتغنى بالتعامل مع الآليات الدولية، فإن الواقع يبين ثغرات كبيرة في نص القانون وفي تطبيقه حيث تنتهك السعودية التزاماتها الخاصة، وتصدر أحكاما قاسية ومطولة بحق القاصرين.