تستمر المملكة العربية السعودية بمنع خمسة أطفال وأمهم من السفر، وحرمانهم منذ قرابة عام من لقاء أبيهم المقيم خارج البلاد. ففي 18 أغسطس 2018 غادرت السيدة زهره الهاشم وأولادها الخمسة (الحسن 10 سنوات، الحسين 9 سنوات، زينب 7 سنوات، العباس 3 سنوات، فاطمة سنتين)، من بيروت حيث كانت تقيم مع زوجها الناشط علي هاشم الحاجي، إلى زيارة عائلية قصيرة لأسرتها في السعودية أثناء الإجازة الصيفية، ولكنها فوجئت بإيقافهم في مطار الملك فهد الدولي بالدمام، ومصادرة جوازات سفرهم، وإجبارها على التبصيم على أوراق لم تعرف محتواها، وإخضاعها للتحقيق في المطار لمدة 3 ساعات، تلا ذلك 6 إستدعاءات متتالية من قبل المباحث العامة في الدمام والأحساء.
تمحورت الاستجوابات التي خضعت لها حول نشاط زوجها، وطُلِبَ منها حثه على وقف نشاطه ومشاركاته الإعلامية والكتابة في شبكات التواصل الإجتماعي. يأتي هذا الطلب من قبل الحكومة السعودية لزوجة الحاجي في وقت يتلقى تهديدات متنوعة ومستمرة، عبر شبكات التواصل تضمنت تهديدات باعتقال أفراد من عائلته في السعودية في حال لم يوقف نشاطاته، كما ورده إتصالين من أرقام مخفية طُلِبَ منه فيها السكوت أو ستتم تصفيته.
قال الحاجي للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إن أحد أقربائه في بيروت قابله قائلاً إنه مرسل من قبل السفارة السعودية، وإن بإمكانه الرجوع للسعودية دون أن يتعرض لاعتقال، وإن لم يرغب بالرجوع فعليه الصمت والتوقف عن النشاط والظهور الإعلامي، وإن عدم تجاوبه سيؤدي إلى تقديم بلاغ ضده للجهات الأمنية في لبنان وتسليمه للسعودية. كما عرض عليه الإجتماع بأحد موظفي السفارة.
وكان الحاجي قد غادر السعودية في 13 ديسمبر 2016، بسبب مخاوف من تعرضه للإعتقال والتعذيب وصدور أحكام قاسية ضده على خلفية نشاطه. وبحسب إفادته للمنظمة، فقد تلقى عدة اتصالات من الشرطة والمباحث والمحكمة، بعضها أثناء وجوده في السعودية، وبعضها بعد خروجه، جميعها تطالبه بالحضور. شارك الحاجي في مظاهرات سلمية طالبت بالحقوق المدنية والسياسية، والتي إنطلقت تزامنا مع أحداث الربيع العربي، ونددت فيما بعد باستخدام العنف المفرط ضد المواطنين، وبدخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين، كما شارك في مظاهرات شجبت الأعمال الإرهابية التي شهدتها المنطقة الشرقية مثل حادثة الدالوة في 2014. كما كان يكتب أثناء وجوده في السعودية في شبكات التواصل الإجتماعي وينتقد عمليات الإعدام والإعتقالات التعسفية والعمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إن حرمان الأطفال الخمسة من الإلتقاء بوالدهم، وتهديد الزوجة في حال التواصل مع زوجها، سياسة بالغة الجور لم تكن معهودة من قِبَل الملوك الذين تعاقبوا على حكم البلاد. كما تعتبر المنظمة أنه من المعيب على مجلس حقوق الإنسان، ومع وصول السعودية إلى هذا المستوى من انتهاكات الطفولة، أن لاتتخذ إجراءات حيال عضوية السعودية في المجلس التي تشغلها للمرة الرابعة.
إن السلوك المشين الذي تقوم به السعودية، بالإنتقام من نشاط الحاجي عبر إحداث معاناة نفسية مؤلمة لأطفاله ولزوجته، يشكل نموذجاً قبيحا لمدى ما يمكن أن تقوم به السعودية في سبيل خنق الحريات واستهداف المجتمع المدني والنشطاء المهاجرين.
تنتهك السعودية وبشكل صارخ المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تؤكد أن “لكلِّ فرد حقٌّ في مغادرة أيِّ بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده”. وفيما يمنع هذه الإجراء لم شمل العائلة، فهو يشكّل انتهاكا واسعاً لاتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها السعودية في 1996.
تؤكد المنظمة أن القرارات القمعية في السعودية تصدر من مركزية إدارية شديدة، ينعدم فيها أي فصل للسلطات، تكن جميعها تحت التحكم الكامل من الملك أو ولي عهده، وهذا ما يدعمه إتصال الجهاز القمعي (رئاسة أمن الدولة) الذي ينفذ هذه الإنتهاكات، بأوامر الملك مباشرة. إن بدء المحاسبة الدولية القانونية لأصحاب القرار المتمثلين في الملك سلمان وابنه محمد، قد تشكل رادعاً مؤثرا في إجبارهما على إعادة النظر في هذه الإنتهاكات القبيحة التي امتدت حتى وصلت لاضطهاد الأطفال إنتقاما من المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان.