في 3 مارس 2022، أرسل خبراء من الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان رسالة إلى المملكة العربية السعودية أعربوا فيها عن قلقهم من اعتقال السعودية التعسفي، ومن دون توجيه أي تهمة، لمواطنين صينيين من الإيغور. المواطنان هما كل من حمد الله عبد الولي ونورميميت روزي، المعتقلان في السعودية منذ نوفمبر 2020. وبحسب الرسالة عتزم السعودية تسليمهما إلى الصين، مع كل ما قد يرتب ذلك عليهما من خطر تعذيب وسوء معاملة من قبل سلطات بلادهم.
الرسالة وقع عليها كل من المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات، والمقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد.
وبحسب الرسالة، اعتقلت السلطات الصينية حمد الله عبد الولي واتهمته بالمساعدة في تنظيم هجوم في 26 يونيو 2013، قتل فيه 27 شخصًا بعد سلسلة من الضربات على مراكز الشرطة والمكاتب الحكومية ومواقع البناء في مدينة لوكشون. كما اتهمته بتنظيم هجوم ميدان تيانانمين في 28 أكتوبر 2013 في بكين. في أوائل عام 2014، أطلق سراح عبد الولي بعد إعلان برائته من جميع التهم التي وجهت إليه. ورغم إعلان برائته، أجبرت السلطات المحلية عبد الولي على مغادرة مكان سكنه في مدينة أورومتشي بعيد إطلاق سراحه. بناء على ذلك، انتقل عبد الولي للعيش في مدينة توشون، وفي 27 فبراير 2016، سافر عبد الولي برفقة عائلته إلى تركيا حيث حصل على إقامة صادرة عن السلطات التركية. أماد نورميميت روزي، فسافر إلى تركيا عام 2016، حيث حصل على إقامة صادرة عن السلطات التركية.
وأشارت الرسالة إلى أنه في 3 فبراير 2020، سافر عبد الولي إلى السعودية لأداء مناسك العمرة. وبسبب الإجراءات المتعلقة بجائحة كورونا، مُنع عبد الولي من العودة إلى تركيا حيث تقيم عائلته. عقب وصوله إلى مكة، تمت دعوة عبد الولي- من قبل الإيغور المقيمين هناك- إلى أداء العمل التبشيري المعروف باسم التبليغ. وفي ذات العام، سافر روزي إلى السعودية. وبعد فترة وجيزة، تم إبلاغ عبد الولي وروزي من قبل أحد أفراد مجتمع الإيغور أن الشرطة السعودية تبحث عنهم. كما تم استجواب أقارب عبد الولي بشأنه في القنصلية الصينية في مكة المكرمة.
حسبما جاء أيضا في الرسالة، في 20 نوفمبر 2020، تم اعتقال عبد الولي وروزي من قبل السلطات السعودية، حيث دهم عناصر الشرطة المنزل الذي كانوا يقيمون فيه في مكة المكرمة. لم تبلّغهم السلطات سبب الاعتقال، وبعد التحقيق معهم، نقلوا إلى سجن المباحث العامة بذهبان في مدينة جدة، حيث يتم احتجازهم حاليا من دون توجيه أي تهمة لهم حتى اللحظة من قبل السلطة القضائية السعودية.
وأضافت الرسالة أنه في 3 يناير 2022، أبلغت السلطات السعودية عبد الولي وروزي بأنها ستقوم بتسليمهم قريباً إلى الصين، دون الخوض في مزيد من التفاصيل. ولم يتمكن أقارب عبد الولي من التحدث إليه منذ اعتقاله. بالإضافة إلى ذلك، عرف أقاربه بنيّة السلطات السعودية تسليمه إلى الصين من خلال اتصالاتهم مع الإيغور المقيمين في السعودية. لم يمثل الرجلان قط أمام أي قاضٍ أو محكمة، ولم يتم تقديم أي ملف أو دليل ضدهم يفسر أو يبرر استمرار احتجازهم، ما يعيق بدوره اجراءات فريق الدفاع في المرافعة عنهم. حاول محامي عبد الولي في اسطنبول التعرف على الإجراءات القانونية المتبعة وأسباب اعتقاله واحتجازه في السعودية، الا وبحسب المعلومات، رفضت السلطات السعودية تقديم أي معلومات له حول هذه القضية.
أعرب المقررون الخاصون عن قلقهم تجاه نية السلطات السعودية ترحيل عبد الولي وروزي إلى الصين، حيث قد يكونان عرضة لخطر التعذيب أو سوء المعاملة. وأكد المقررون أن المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي صادقت عليها السعودية في عام 1997، والفقرة 9 من التعليق العام رقم 20 حول حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة الصادر عن لجنة حقوق الإنسان، بالإضافة إلى الفقرة 9 من القرار A / RES / 61/253، الصادر عن الجمعية العامة الأمم المتحدة، تنص على عدم جواز أية دولة طرف أن تطرد أى شخص أو تعيده (“ان ترده”) أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، اذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب في تلك الدولة.
كما أكد المقررون الخاصون مخالفة السلطات السعودية، في حال ثبتت صحة هذه المعلومات، لمقررات مجلس حقوق الإنسان التي تحظر الحرمان التعسفي من الحرية والاحتجاز السري بمعزل عن العالم الخارجي، وللمواد 3 و 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على حق الفرد في الحصول على محاكمة عادلة وعلنية من قبل محكمة مختصة، مستقلة، وحيادية.
بناء على ذلك، طلب المقررون الخاصون من السعودية تقديم معلومات مفصلة عن الأسس الوقائعية والقانونية لاعتقال واحتجاز عبد الولي وروزي، وتوضيح أن الإجراءات القانونية المتعلقة بتسليم هذان الشخصان تمتثل لمعايير أصول المحاكمات المعترف بها بموجب القانون الدولي، مع مراعاة الضمانات الأساسية، مثل الوصول غير المقيد والسري إلى محام من اختيارهم لتقديم أدلتهم والدفاع عن أنفسهم. كما طلبوا من السلطات السعودية تقديم معلومات عن التدابير المتخذة لضمان إمكانية أفراد أقلية الإيغور المقيمين بشكل قانوني فيالسعودية ممارسة حقهم المشروع في حرية المعتقد، بشكل سلمي، دون خوف من الاعتقال أو الاحتجاز أو الترحيل أو أي انتهاك آخر لحقوقهم.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن الحكومة السعودية قد تقدم على ترحيل الرجلين إلى الصين في أي لحظة على الرغم من المخاوف على سلامتهما بسبب الانتهاكات التي من المحتمل أن يتعرضوا لها، وعلى الرغم من كون ذلك انتهاك للقوانين الدولية والمحلية. وتشير المنظمة إلى أن السعودية تمارس الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري على نطاق واسع، غير آبهة بالقوانين الدولية التي تمنع ذلك، لا بل إنها تمارس تلك الانتهاكات بحق أشخاص هاربين من الاضطهاد الديني في دولتهم الأم قبل القيام بترحيلهم إليها، ضاربة عرض الحائط جميع القوانين الدولية والمبادئ الأخلاقية والإنسانية.