
22، فبراير 2025
نسخة ال PDF
مقدمة
على وقع الأرقام القياسية للإعدامات، الأحكام القضائية المطولة، واستمرار الاعتقالات التعسفية في 2024، أعلنت المملكة العربية السعودية نفسها لاعباً رئيسياً على الساحة الدولية، متبنية شعار “معاً ننمو” إثر حصولها على حق استضافة كأس العالم 2034. إعلان الحصول على حق الاستضافة أثار تساؤلات جوهرية حول المعايير الأخلاقية التي تحكم اختيار الدول المستضيفة لهذه الفعاليات، ومدى تأثير الجهات الدولية الفاعلة في تسهيل محاولات السعودية لتجميل صورتها على الساحة العالمية.
اختيار السعودية لاستضافة هذه الأحداث الرياضية الضخمة يأتي في سياق سعيها الحثيث والمستمر منذ سنوات لإخفاء الحقائق حول سجلها الحقوقي المقلق، والذي يتضمن أحد أعلى معدلات تنفيذ عقوبة الإعدام في العالم، وقمعاً ممنهجاً لحرية التعبير، وطمساً للمجتمع المدني. وفي الوقت نفسه، تستخدم السعودية المنابر الدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان لتسويق صورة مزعومة عن التزامها بحقوق الإنسان، في محاولة لاستغلال هذه المنابر في التغطية على الانتهاكات المستمرة.
من خلال تقريرها السنوي لعام 2024، تسعى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى تسليط الضوء على بعض الانتهاكات والجهود السعودية المتواصلة للتعمية حول واقع حقوق الإنسان في البلاد. كما تسعى المنظمة في التقرير إلى كشف محاولات الحكومة السعودية لاستخدام أدوات “غسيل الصورة” عبر الدبلوماسية والرياضة والمنابر الدولية، وتعمل على رصد تزايد الضحايا جراء هذه السياسات التي قد تشهد تصعيداً في المستقبل.
الرياضة والغسيل:
توج عام 2024 مسار السعودية في محاولات غسيل صورتها الدموية أمام العالم، وفي ديسمبر 2024 ، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن فوزها باستضافة كأس العالم 2034 رسميا. إعلان الفيفا طرح أسئلة حول التناقض الصارخ بين المعايير التي من المفترض أنها تتقيد بها في عملية اختيار الدول وبين واقع اختيار دولة من بين أكثر الدول تنفيذا لعقوبة القتل وانتهاكا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية. وفيما من المفترض أن يتم مراقبة التزامات الدولة المستضيفة لكأس العالم خلال وبعد الحدث، فإن ذلك لا يمكن أن يحدث في ظل عدم وجود سبل المراقبة والمساءلة في الداخل.
إضافة إلى ذلك، فإن عام 2024، بين وجها مظلما في تعاطي الحكومة السعودية مع الرياضيين في الداخل. ففي فبراير 2024، حلت وزارة الرياضة مجلس إدارة نادي الصفا في مدينة صفوى في القطيف، على خلفية أهازيج رددتها الجماهير خلال مباراة في 24 يناير 2024.
معلومات وصلت إلى المنظمة الأوروبية السعودية أشارت إلى اعتقال 10 أشخاص من رابطة المشجعين وإحالتهم إلى سجن القطيف العام، واستدعاء والتحقيق مع أكثر من 150 شخص. لاحقا بدأت محاكمة عدد من المعتقلين وطالبت النيابة العامة بالسجن وعقوبات أخرى استنادا إلى نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، إضافة إلى عقوبة تعزيرية.
وكانت السعودية قد استضافت في 2024 عددا من الأحداث الرياضية، بينها كأس السوبر الإيطالي وكأس السوبر الإسباني، والبطولة الدولية للجودو، بطولة الفورمولا E، فيما من المتوقع أن تستضيف المزيد من الأحداث. يأتي ذلك في ظل انتهاكات تطال بشكل واسع الرياضيين والجماهير الرياضية منذ سنوات. وكانت المنظمة قد رصدت عشرات الرياضيين الذين تم اعتقالهم وقتلهم خلال السنوات الماضية. من بين الذين قتلوا:
- مجتبى نادر السويكت – لاعب كرة يد من نادي السلام بالعوامية، تم إعدامه في 23 أبريل 2019 بعد اعتقاله بتهمة المشاركة في احتجاجات مؤيدة للديمقراطية.
- مكي علي آل عريض: لاعب كرة يد وصحفي رياضي، قُتل تحت التعذيب في مركز شرطة العوامية في 2 مارس 2016.
- حسين عبد العزيز الربح – لاعب كمال أجسام من العوامية، قُتل تحت التعذيب في سجن المباحث بالدمام في نوفمبر 2019.
- جعفر حسن المبيريك – بطل جمباز من نادي الابتسام في القطيف، قُتل في 21 يوليو 2017 خلال إطلاق نار؟
- زهير عبدالله السعيد – لاعب ألعاب إلكترونية من العوامية، تم إطلاق النار عليه أثناء تصويره لاحتجاج في 2011.
- علي حسين الفلفل – ناشط رياضي من القطيف، قُتل في احتجاجات 2011.
- أكبر حسن الشاخوري – لاعب كرة قدم وعداء من العوامية، قُتل خلال احتجاجات 2011.
- عبد المجيد حسن النمر – لاعب كرة قدم من العوامية، تم إعدامه بتهم زائفة في 2018.
الرياضيون في خطر:
- علي جعفر الميبوق- راكب دراجة من العوامية، معتقل منذ 2018 ومهدد بالإعدام.
- محمد عيسى اللباد – لاعب كرة يد من العوامية، معتقل ومهدد بالإعدام.
- زكريا خالد الفرج – لاعب كرة قدم من العوامية، معتقل ومصيره مجهول.
- عبد الله نعيم المحسن – لاعب كرة قدم من العوامية، معتقل ومصيره مجهول.
- حسين علي عوكر – لاعب كرة قدم من العوامية، معتقل ومصيره مجهول.
- جعفر محمد السالمي – لاعب كرة قدم وألعاب إلكترونية من العوامية، معتقل ومصيره مجهول.
- حسين علي طرموخ – مدرب رياضي من العوامية، معتقل ومصيره مجهول.
تم تعذيب وقتل هؤلاء الرياضيين بسبب مشاركتهم في احتجاجات أو بسبب نشاطاتهم، وفي ظل استمرار السعودية في نفس النهج القمعي، فإن القبول باستضافتها كأس العالم للرجال وهو من الأحداث الرياضية الكبرى، هو تواطئ وتجاهل لكل للانتهاكات ومساهمة في محاولات غسيل الصورة.
استغلال منابر الأمم المتحدة:
في أكتوبر 2024، فشلت السعودية في الحصول على عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد خسارتها في تصويت الدول الأعضاء. وكانت مجموعة آسيا والمحيط الهادي، المجموعة الوحيدة التي شهدت منافسة، إذ تنافس ستة مرشحين على خمس مقاعد وخسرت السعودية.
وكانت هذه الخسارة ضربة لجهود السعودية الرامية إلى تغيير صورتها، وإشارة واضحة إلى فشلها في غسيل سجلها الحقوقي، وذلك بعد أربع سنوات من فشل محاولتها السابقة للانضمام إلى المجلس الذي يضم 47 عضوًا.
وكان عام 2024، قد شهدت تصاعدا في مسار غسيل الصورة، حيث شكل الاستعراض الدوري الشامل، الذي خضعت السعودية له للمرة الرابعة عام 2024، فرصة. وفي يناير 2024، شاركت رئيسة هيئة حقوق الإنسان الرسمية هلا التويجري في أعمال دورة الاستعراض الدوري، وأشادت به على اعتبار أنه إحدى مجلس حقوق الإنسان الفاعلة التي تهدف إلى تحسين أحوال حقوق الإنسان في العالم على أساس مبادئ المساواة والشمولية والتعاون والحوار.
التويجري اعتبرت أن حكومة بلادها أبدت “أقصى درجات التعاون والجدية في التعامل مع الآلية”، من تقديم تقاريرها الوطنية في أوقاتها، وإيجاد آلية وطنية فاعلة لمتابعة تنفيذ التوصيات وإشراك أصحاب المصلحة والمشاركة بوفود تضم ممثلين على مستوى عال من مختلف الجهات المعنية.وقالت التويجري أن السعودية نفذت 85% من إجمالي عدد التوصيات التي قدمت لها والبالغ عددها 450 توصية، فيما تعتمد هيئة حقوق الإنسان على التقييم الرسمي والمعلومات غير المستقلة في معيار تنفيذ التوصيات.
لاحقا، في يوليو، وفي تقريرها إلى الفريق العامل قالت السعودية أنها أيدت 83% من التوصيات التي وجهتها لها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة خلال الدورة الأخيرة، معتبرة أنها نفذت خلال الدورات السابقة ما تتجاوز نسبته 85% من التوصيات.
بحسب تتبع الحقائق، فإن التوصيات التي قبلت بها السعودية، لا تتضمن سوى جزء من التوصيات المقدمة فيما يتعلق بقضية الإعدام وتعديلات قانون الإرهاب، على الرغم من أن هذا الملف هو أكثر صور حقوق الإنسان تدهورا في السعودية، كما أن الدعم الجزئي لبعض التوصيات يتضمن نفيا للالتزامات الموجبة، حيث أن السعودية دعمت توصية بتقليل عدد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام وقصرها على أخطر الجرائم وفقًا للقانون الدولي، إلا أنها سجلت ملاحظة على طلب إصدار وقف رسمي لفرض عقوبة الإعدام على الجرائم المتعلقة بالمخدرات.
كما أن دعمها الجزئي لتوصية حول تماشي تشريع مكافحة الإرهاب مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، يتضمن ملاحظة على الجزء المتعلق بحرية التجمع معتبرة أن هذا يقع خارج التزاماتها، وأن القيود القانونية مسموحة في بعض الحقوق والحريات لحماية مصالح عليا.
إضافة إلى ذلك، قبلت السعودية جزئيا توصيات تتعلق بالتصديق على الآليات الدولية مثل العهدين الدوليين، وقبول طلبات زيارة المقررين الخاصين. يأتي ذلك في ظل تجاهل طلبات زيارة قدمها المقررون منذ سنوات، وفي الحالات التي تم فيها قبول زيارات تم رصد انتهاكات تتعلق بقدرة الخبراء في الوصول إلى المعلومات وإلى جهات مستقلة، وفي ظل قصور واضح في تطبيق معاهدات كانت السعودية قد وقعت عليها سابقا، وبينها اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية حقوق الطفل.
إضافة إلى الاستعراض الدوري الشامل، استغلت السعودية مناسبات أخرى في المحافل الدولية للترويج لإصلاحات والتعمية على الحقائق. ففي في فبراير 2024، كررت السعودية ادعاءاتها فيما يتعلق بحقوق الإنسان والتعاون مع الآليات الدولية الخاصة بها. وقال وزير الخارجية فيصل بن فرحان ادعى خلال الاجتماع رفيع المستوى للدورة 55 لمجلس حقوق الإنسان، أن بلاده تتعاطى مع حقوق الإنسان من منظور شامل يركز على حماية الفرد والمجتمع وتحسين جودة الحياة.
وخلال الحوار التفاعلي بشأن تقرير الفريق العامل المعني بالتمييز ضد المرأة أمام الدورة 56 لمجلس حقوق الإنسان في يوليو، ادعى عضو البعثة الرسمية في جنيف متعب الخلفي، أن بلاده خلال السنوات الماضية شهدت إصلاحات واسعة حظي مجال حقوق المرأة بالنصيب الأكبر منها.
المداخلة تحدثت عن إصدار وتعديل العديد من القوانين واللوائح بما يكفل تمتع المرأة بحقوقها على قدر المساواة مع الرجل. لم تطرق الكلمة إلى مدى وكيفية تطبيق هذه القوانين والتغييرات، وإمكانية استفادة كافة النساء منها، في ظل انتهاكات واسعة بحق النساء ظهرت بشكل أوسع خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة في السجون.
في السياق ذاته، شاركت رئيسة هيئة حقوق الإنسان هالة التويجري في دورة لجنة مناهضة التمييز ضد المرأة في اكتوبر 2024، حيث اعتبرت أن هناك “تغيير منهجي إيجابي”، في تعاطي السعودية مع ملف حقوق المرأة، ورجعتها إلى الإرادة السياسية والملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد محمد بن سلمان. تغني التويجري بتغييرات خلال مناقشة التزامات السعودية اتفاقية التمييز ضد المرأة التي كانت قد انضمت إليها، أتت على وقع تضاعف عدد النساء اللواتي تم إعدامهن، واستمرار الانتهاكات بحق الناشطات المدافعات عن حقوق الإنسان.
وفي شهر نوفمبر عقدت لجنة القضاء على التمييز العنصري دورتها الرابعة عشرة بعد المئة في جنيف، حيث ناقشت التزامات السعودية بموجب اتفاقية القضاء على التمييز العنصري التي انضمت لها عام 1997. استغلت السعودية انعقاد الدورة للترويج، وكرر الوفد ادعاءاته السابقة فيما يتعلق بالمسائل المطروحة، ففيما يتعلق بعقوبة الإعدام، أكد أنها تُفرض فقط في الجرائم الأكثر خطورة وبعد استنفاد جميع إجراءات التقاضي. وأوضح أن الحكم يُراجع من قِبل 13 قاضياً قبل أن يصبح نافذاً.
وفيما يتعلق بتمكين العمال المهاجرين قال الوفد أن نظام الكفالة قد أُلغي، وأن العلاقة بين أصحاب العمل والعمال تُنظم الآن بعقود قانونية. كما أشار إلى إنشاء ملاجئ لحماية العاملات المنزليات ضحايا الإساءة وضمان حقوقهن القانونية. الرد لم يتطرق إلى استثناءات إلغاء نظام الكفالة ولم يجب على التساؤلات حول فعالية ملاجئ الحماية.
الانتقادات الدولية:
على الرغم من سعيها الحثيث لمنع الحقائق من الوصول إلى الدول والجهات الرسمية الدولية، وعلى الرغم من حملات غسيل الصورة، وجهت إلى السعودية العديد من الانتقادات. خلال انعقاد دورات مجلس حقوق الإنسان في جنيف، حثت النمسا السعودية على وقف عقوبة الإعدام غير الإنسانية، فيما أبدى مندوب الدنمارك قلق بلاده من تآكل الفضاء المدني وحرية التعبير. إضافة إلى ذلك، أدان الاتحاد الأوروبي عمليات الإعدام التي طالت أفرادا مؤخرا في السعودية ودول أخرى.
من جهتهم، عبر مقررو الأمم المتحدة الخاصين عن قلقهم من الحملة الواسعة التي تقودها السعودية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان ومستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي واستهدافهم من خلال مراقبة حساباتهم على مواقع التواصل. وفي رسالة أرسلت إلى السعودية في مارس 2024، وقع عليها كل من المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير والفريق العامل المعني بالتمييز ضد النساء.
الخبراء لفتوا انتباه الحكومة السعودية إلى المعلومات التي وصلتهم بشأن المضايقات القضائية والإدارية المتواصلة وتجريم المدافعين عن حقوق الإنسان، وبينهم لجين الهذلول الممنوعة من السفر، ومريم العتيبي التي وجهت لها تهم وصدر بحقها حكم بموجب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية، فيما يتعلق بممارستها لحقها في حرية الرأي والتعبير.
وفي يوليو 2024، اعتبرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أن سجن السعودية الانفرادي المطول لرجل الدين سفر عبد الرحمن الحوالي دون محاكمة ودون توفير التسهيلات اللازمة لإعاقته يشكل انتهاكا جسيما.وكانت اللجنة قد تلقت معلومات من مصدر حول اعتقال الحوالي عام 2018 على خلفية انتقاده ولي العهد محمد بن سلمان، وراسلت الحكومة السعودية حول ذلك، لتصدر رأيا بعد تحليل المعلومات ورد السعودية في مايو 2024.
إضافة إلى ذلك حمّل تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول عقوبة الإعدام السعودية، ودول في الشرق الأوسط مسؤولية الزيادة الحادة في حالات الإعدام حول العالم التي ارتفعت عام 2022، بنسبة 59% مقارنة بعام 2021، حيث نفذت السعودية وحدها 24% من هذه الإعدامات.
وفي سبتمبر 2024، اعتبر المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر تورك أن الاتجاه الإيجابي العالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام على مستوى العالم يشوبه زيادة كبيرة في عمليات الإعدام في عدد محدود من الدول بينها السعودية.
وفي أكتوبر 2024، أصدر الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي التابع للأمم المتحدة رأيا اعتبر فيه أن حرمان سعود الفرج من حريته مخالف للقوانين الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأنه اعتقال تعسفي. واعتبر أن العلاج المناسب في هذه القضية هو إطلاق سراحه فورًا وتعويضه. كما حث الفريق الحكومة على ضمان استقلالية كاملة للتحقيق في الظروف المحيطة بالحرمان التعسفي من الحرية بحق الفرج واتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حقوقه. كما طالب السعودية بموائمة قوانينها وخاصة قانون مكافحة الإرهاب وتمويله مع التوصيات الدولية.
المدافعون عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني:
رفضت السعودية رسميا توصيات الدول خلال الاستعراض الدوري الشامل في 2024، الإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين، وإلغاء حظر السفر المفروض عليهم، والامتناع عن اتخاذ إجراءات انتقامية ضدهم. وفيما تحاول السعودية الترويج لتعاونها مع آلية الاستعراض وقبول معظم التوصيات، فإن رفضها لدعوة الدول فيما يتعلق بـ المدافعين والمدافعات هو اعتراف ضمني بنيتها تجريم هذه الأنشطة.
في 2024 استمرت السعودية بالإخفاء القسري لمدافعين عن حقوق الإنسان إلى أن سمحت في نوفمبر لمحمد القحطاني بالتواصل بشكل موجز مع عائلته. وكانت المعلومات قد أشارت إلى أن سوء المعاملة والاستمرار بالاعتقال دفع كل من القحطاني وعيسى النخيفي إلى الإضراب عن الطعام أكثر من مرة ما أدى إلى تدهور وضعه الصحي.
إضافة إلى ذلك، وردت إلى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان معلومات من داخل السجن أشارت إلى تعرض المحامي والناشط وليد أبوالخير إلى مضايقات وانتهاكات، إضافة إلى الإهمال الطبي المتعمد وتسليط السجناء عليه. ويقضي أبو الخير عقوبة بالسجن 15 عاما، أمضى في أبريل الماضي 10 سنوات منها. تعرض خلال هذه السنوات لانتهاكات جسيمة دفعته إلى إعلان الإضراب عن الطعام أكثر من مرة.
في سياق الانتهاكات في السجون، في 14 أبريل 2024، تمكّنت الناشطة مناهل العتيبي أخيرًا من الاتصال بأسرتها بعد اختفائها قسريًّا منذ نوفمبر 2023، حيث أخبرتهم أنها محتجزة في الحبس الانفرادي في سجن الملز في الرياض وأن ساقها مكسورة بسبب الاعتداء الجسدي الذي تعرّضت لها، وقالت أنها محرومة أيضًا من الزيارات الطبيّة.
إضافة إلى ذلك، استمرت السعودية بتجاهل المطالب المتكررة برفع حظر السفر عن المدافعات اللواتي تم الإفراج عنهن وبينهن لجين الهذلول.
فيما يتعلق بالجمعيات والمنظمات الحقوقية، أكد تتبع المنظمة الأوروبية السعودية استمرار منع تأسيس والعمل في أي منظمة مجتمع مدني، حيث أنه على الرغم من تغني السعودية بنظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية لم تقبل السعودية أي طلبات تسجيل لمنظمات حقوقية مستقلة، وفعلت عمل هيئة حقوق الإنسان الرسمية والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لتكون الجهة الوحيدة التي تعمل على ملف حقوق الإنسان في الداخل.
حرية الرأي والتعبير:
استمرت السعودية باستخدام المحكمة المتخصصة بالإرهاب لقمع حرية الرأي والتعبير وتجريمها. ففي أكتوبر 2024، حكمت على رسام الكاريكاتير محمد بن أحمد بن عيد آل هزاع الغامدي بالسجن لمدة 23 عامًا بسبب رسومه الكاريكاتورية، وذلك بعد إعادة محاكمته في جلسة سرية.
وتتعلق التُهم الموجهة إلى الغامدي، الذي اعتقل في 13 فبراير 2018، “تواصله مع أشخاص معادين للمملكة العربية السعودية” و”إنتاج وإعداد وإرسال ما من شأنه المساس بالنظام العام من خلال إرساله عبر مواقع التواصل الاجتماعي”ومخالفته لسياسات السعودية المتعلقة بمقاطعتها التي فرضتها السعودية وعدد من حلفائها في 2017.
وكانت السعودية قد شنت حملة في 2024 ضد مغردين ونشطاء، على تهم بينها ما يتعلق بمنشورات قديمة تعود لسنوات. ففي يوليو حكمت على الكاتب والمنتج عبد العزيز المزيني لمدة 13 عاماً، إضافةً إلى منعه من السفر لمدة مماثلة، بعدما وجه له القضاء اتهامات بالترويج للإرهاب عبر مسلسله الكرتوني “محافظة مسامير” الذي عرض على منصة نتفليكس. كما اعتُقل مقدّم برنامج “مربّع” حاتم النجار في يناير 2024 بعد حملة شُنّت ضده على وسائل التواصل بسبب تغريدات قديمة له.
حقوق المرأة:
شكّل عهد الملك سلمان بن عبد العزيز واحدًا من أكثر العهود تخبطًا فيما يتعلق بحقوق المرأة في حين شهدت البلاد انتهاكات مستجدة لم تكن معهودة من قبل. في 2024 استمرت الاعتقالات بحق النساء، حيث تشير التقارير إلى أن ما لا يقل عن 51 امرأة ما زلن في السجون السعودية، حيث تم الحكم على 8 منهن بأحكام طويلة تتراوح بين 26 و99 عامًا بين السجن والمنع من السفر. ومن بين هذه الحالات، تبرز قضية الناشطة سلمى الشهاب، التي كان من المفترض أن يتم الإفراج عنها في ديسمبر 2024 بعد قضاء مدة حكمها بحسب المعلومات، إلا أن السلطات السعودية لم تفرج عنها لأسباب مجهولة.
إضافة إلى ذلك، تستمر السعودية في ممارسة سياسة منع الناشطات من السفر، كأداة عقابية ضدهن، رغم الدعوات الدولية بوقف هذه الممارسات. وقد طالب المقررون الخاصون بالأمم المتحدة بوقف استخدام عقوبة منع السفر، التي تُعتبر من أكثر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
فيما يتعلق بعقوبة الإعدام، قامت السعودية بإعدام 9 نساء في عام 2024 من جنسيات مختلفة، 5 منهن لم تواجهن تهما من الأشد خطورة في القانون الدولي. وبهذا، يصل عدد النساء اللواتي تم إعدامهن في عهد الملك سلمان إلى 36 امرأة، في ظل وجود عدد غير معروف من النساء المحكومات بالإعدام حاليًا في السجون السعودية، بتهم مختلفة. وقد طالبت لجنة مناهضة التمييز ضد المرأة بوقف إعدامات النساء، خصوصًا في القضايا التي لا تُعد من الجرائم الأشد خطورة وفقًا للقانون الدولي، مثل القضايا المتعلقة بالمخدرات.
المناسك الدينية:
يعد موسمي الحج والعمرة في السعودية أبرز مواسم السياحة الدينية في البلاد. الدعاية الرسمية تغطي على انتهاكات جسيمة تعاظمت خلال السنوات الأخيرة، جعلت فئات كبيرة من المسلمين يتخوفون من أداء هذا الفرض.
ففي موسم 2024، توفي أكثر من 1100 شخص من أكثر من 20 دولة، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية. أظهرت اللقطات التي تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا مؤلمة للحجاج الذين انهاروا على الطريق. ويُعتقد أن العديد من الذين لقوا حتفهم لم يتم تسجيلهم رسميًا، وبالتالي لم يتمكنوا من الوصول إلى الخيام. انعدام الشفافية في التعاطي الرسمية فاقم من حجم الكارثة، في ظل انعدام سبل المحاسبة الجدية للمسؤولين عنها.
إلى جانب كارثة الحج، رصدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان اعتقال العديد من الحجاج والمعتمرين في 2024. مع بداية موسم الحج 2024، برزت معلومات عن اعتقال عدد من المواطنين العراقيين، بينهم المحلل السياسي عماد المسافر من دون توجيه تهمة. بعد أيام أكد رئيس هيئة الحج والعمرة العراقية سامي المسعودي اعتقال مواطنين عراقيين، موضحا أن سبب الاعتقال هو إجراءات السعودية التي “تتعلق بتنظيم الحج، ومن بينها الشعارات والنشر الالكتروني والنشر السياسي”. بالتالي فإن سبب الاعتقال هو ترديد أو نشر عبارات سياسية.
إضافة إلى ذلك، تم رصد عدد من الاعتقالات، بينها اعتقال النائب البرلماني التركي، حسن طوران، أثناء أدائه مناسك الحج، بسبب ارتدائه الشال الفلسطيني، واعتقال الأستاذ العراقي سلمان داود السبعاوي، الأكاديمي في جامعة نينوى، أثناء تواجده في مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة. إضافة إلى ذلك اعتقال السعودية الحاج المصري والمحامي إسلام صبحي، وذلك بعد انتشار مقطع فيديو له يتحدث فيه عن الظروف الكارثية التي واجهها الحجاج، من داخل أحد مستشفيات مكة.
حقوق العمال:
تتجاوز نسبة الأجانب من عدد المقيمين في السعودية ال40% معظمهم من العمال. تؤكد التقارير والمتابعات أن العمال لا زالوا يتعرضون للعديد من الانتهاكات. فعلى الرغم من قول السعودية أنها ألغت نظام الكفالة الذي وصفه خبراء قانونية بنظام العبودية الجديد، لا زالت مفاعيله على أرض الواقع، حيث يخضع له ملايين العمال والعاملات من الفئات الأضعف، ومنهم العاملون في الخدمة المنزلية والسائقين والمزارعون وعمال البستنة والحراس، مستثنون من التغييرات القانونية التي طالت العمال مؤخرا. وبحسب الأرقام لا زال أكثر من 3 ملايين عامل لا يزالون يخضعون لنظام الكفالة الذي يضع وصاية إلزامية لمواطن سعودي على العامل الأجنبي، ما يؤدي إلى انتهاكات جسيمة بما في ذلك العمل الجبري وسوء المعاملة وغيرها.
بحسب رصد المنظمة شكل الأجانب ما نسبته 31% من مجمل الإعدامات، فيما كانت قد أعدمت 38 شخصا من جنسيات أجنبية في 2023، ما نسبته 22% من مجمل الإعدامات. توزعت الجنسيات على الشكل التالي: المصرية: 17، السورية: 16، اليمنية: 27، الأثيوبية: 8، السودانية: 3، النيجيرية: 14، الهندية: 3، الباكستانية: 25، السريلانكية: 1، الأردنية: 17، الأفغانية: 3، الفيليبينية: 1، البنغلادشية: 1، الإريترية: 1، الكينية:1.
ارتفاع عدد الأجانب الذين تم إعدامهم يأتي في ظل ازدياد المخاوف من كون العمال الأجانب في السعودية، عرضة لانتهاكات شنيعة بما في ذلك الاتجار بالبشر. ومع استعداد السعودية لاستضافة كأس العالم، ترتفع مخاوف من أن هذه الانتهاكات قد تتفاقم، خاصة مع العامل الذي سيشاركون في بناء المنشآت والبنية التحتية اللازمة لاستضافة هذا الحدث العالمي.
وكانت المنظمة قد رصدت قضايا انتهكت فيها السعودية القوانين الدولية الخاصة بالعمال بما في ذلك اتفاقية العمل الجبري التي وقعت عليها السعودية، بينها قضية أحمد عبد المجيد، وهو عامل هندي، قضى أربعة عقود في السعودية، حيث عمل في شركة “سيرا” للسفر. مع التغييرات الإدارية في الشركة بعد حملة “مكافحة الفساد” التي قادها ولي العهد محمد بن سلمان وبعد سيطرته عليها، تعرض لسلسلة من الانتهاكات، بينها سحب جواز سفره ومنعه من العودة إلى بلده، إجباره على العمل دون أجر لسداد ديون لا علاقة له بها.
عقوبة الإعدام:
شكل العام 2024، وصمة في تاريخ السعودية فيما يتعلق بعقوبة الإعدام، حيث نفذت 345 حكما بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية، وهو رقم قياسي وغير مسبوق. ارتفاع يتجاوز 100% مقارنة بالعام السابق. التوسع في تنفيذ العقوبة تزامن مع توسع في التهم والفئات التي شملتها، من بين ذلك تضاعف عدد النساء اللواتي تم إعدامهم وارتفاع عدد الأجانب، وعشرات الإعدامات بتهم الخيانة، إلى جانب تصفية للمتهمين بقضايا مخدرات.
القاصرين:
استمرت السعودية بتهديد حياة 9 قاصرين بالقتل. من بينهم 8 تمت محاكمتهم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة بالإرهاب بتهم ليست من الأشد خطورة في القانون الدولي وهم عبد الله الدرازي، جلال الباد، يوسف المناسف، علي المبيوق، حسن زكي الفرج، علي حسن السبيتي، جواد قريرص، ومهدي المحسن، فيما حكمت على القاصر عبد الله الحويطي بالقتل قصاصا بتهمة حصلت حين كان عمره 14 عاما.
وكان بحث للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قد بين أن جابر زهير المرهون، وهو أحد ضحايا إعدام أبريل عام 2019، كان قد وضع حين تم اعتقاله في دار الملاحظة، وهو السجن المخصص للقاصرين. وبحسب المعلومات التي تمكنت المنظمة من تتبعها، فإن المرهون اعتقل مع آخرين في 27 فبراير 2014، ووضع في السجن المخصص للقاصرين، حيث كان يبلغ من العمر 17 عاما.
يؤكد هذا التحليل أن عدد القاصرين الذين تم إعدامهم أو المهددين حاليا غير دقيق، حيث يؤدي التلاعب الذي تمارسه الحكومة السعودية، وانعدام الشفافية في التعامل الرسمي مع الملف، إلى انعدام اليقين، يضاف ذلك إلى استمرار السعودية بانتهاك قوانينها الداخلية التي تحظر إعدام القاصرين والتزاماتها الدولية وخاصة اتفاقية حقوق الطفل.
التهم السياسية:
في 30 يناير 2024، أعدمت السعودية عون حسن أبو عبد الله. بيان وزارة الداخلية أشار إلى أن أبو عبد الله اتهم بالانضمام إلى خلية إرهابية تسعى إلى الإخلال بأمن المملكة وزعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة واستهداف رجال الأمن واشتراكه في تصنيع المتفجرات وتمويله الإرهاب. بالتالي يؤكد البيان أن أبو عبد الله لم يواجه تهمة القتل العمد، فيما يظهر استخدام تهم فضفاضة لا تبين بالضبط الجريمة المزعومة.
في 10 فبراير 2024، نشرت وكالة الأنباء السعودية بيانا عن تنفيذ وزارة الداخلية حكم قتل بحق المواطن حسان بن ثابت الحزوبر. البيان لم يذكر نوع الحكم بحق الحزوبر، من دون أن يتم الإعلان عن نوعه، فيما من المرجح أن يكون تعزيرا. وبحسب البيان فإن التهمة التي واجهها الحزوبر، هي: تستره على أحد الإرهابيين الهالكين والتواصل معه والاجتماع به مع علمه بمخططاته الإجرامية. البيان يؤكد أن المتهم لم يواجه تهما من الأشد خطورة في القانون الدولي، وهي حصرا، تهم القتل. إضافة إلى ذلك، فإن البيان افتتح بعبارة توصيف فضفاضة للجريمة المزعومة، حيث قالت الوزارة أنه ارتكب جريمة :”خطرة مهددة للأمن القومي”.
في 24 يونيو 2024، أعلنت وزارة الداخلية تنفيذ حكم قتل بحد الحرابة بحق عبد الله بن علي المحيشي في المنطقة الشرقية، في أول حكم بحد الحرابة بحق معتقل من معتقلي أحداث القطيف وهو ما يأتي في سياق التضليل والتلاعب بعد الوعود بالحد من أحكام القتل التي لا تنص عليها الشريعة الإسلامية، والانتقادات لأحكام القتل التعزيرية التي تستند إلى تقدير القاضي للعقوبة.
في 17 أغسطس 2024، نشرت وكالة الأنباء السعودية، بيانا صادرا عن وزارة الداخلية، أعلنت فيه تنفيذ حكم القتل بحق عبدالمجيد بن حسن بن عبدالله آل نمر. البيان لم يشر إلى نوع الحكم الذي نفذ بحقه، إلا أنه قال أنه صادر عن المحكمة الجزائية المتخصصة وبالتالي على الأرجح هو حكم تعزيري. بيان الداخلية قال أن التهم التي واجهها النمر تتعلق بانضمامه لخلية تابعة لتنظيم القاعدة الإرهاب، بالرغم انه ينتمي للطائفة الشيعية. تشير لائحة التهم في صك الحكم إلى أن التهم التي واجهها تتشابه إلى حد كبير مع التهم التي دأبت النيابة العامة على توجيهها إلى المتهمين الذين تم الحكم عليهم على خلفية الأحداث الذي شهدته محافظة القطيف، ولا تظهر تهمة الانتماء لتنظيم القاعدة التي أوردها بيان وزارة الداخلية، وهذا ما يعتبر تزييفا واضحا للحقيقة.
نفذت السعودية في 2024، 31 حكما بتهمة الخيانة الفضفاضة بعد محاكمات أمام المحكمة الجزائية المتخصصة. تشكل أحكام القتل في هذه القضايا 14% من مجمل إعدامات 2024.هذا التصاعد المقلق في استخدام تهمة الخيانة يضاف الى العديد من المؤشرات والتساؤلات حول شرعية هذه المحاكمات وظروفها. تُعد تهمة الخيانة من التهم السياسية الغامضة التي تفتقر إلى الشفافية والمراقبة الحقوقية، مما يجعلها أداة محتملة للتمادي في القمع والقتل.
حاليا، لا زال العشرات يواجهون أحكاما بالقتل أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في قضايا سياسية وقضايا تعبير عن الرأي، من بينهم 8 قاصرين. كما تستمر السعودية بالمماطلة في محاكمة رجال دين وباحثين تطالب النيابة العامة لهم بالإعدام منذ 2018.
المخدرات:
في 11 مايو 2024 قتلت المملكة العربية السعودية مواطنان من الجنسية السورية بتهم تتعلق بالمخدرات، وكان آخر حكم قتل بتهم تتعلق بالمخدرات قد نفذ في أغسطس 2023.
في أغسطس 2024، وردت إلى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان معلومات أشارت إلى توتر في سجن تبوك العام الذي شهد عددا من الإعدامات بتهم مخدرات منذ بداية العام.
وثقت المنظمة الأوروبية السعودية، انتهاكات مشتركة، تعرض لها العديد من المحكومين بالقتل في قضايا مخدرات من الجنسية المصرية في سجن تبوك والذي يتجاوز عددهم الثلاثين. من بين ذلك انعدام أي دور للقنصلية أو السفارة المصرية في القضايا، إلى جانب عدم حصولهم على حقهم في الدفاع الكافي عن النفس وعدم تعيين محام لهم، وعدم التعامل بجدية مع مرافعاتهم أمام المحكمة، إضافة إلى تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة.
ويعدّ ملف إعدام المعتقلين على خلفية تهم مخدرات من أبرز الملفات التي تؤكد عشوائية وتخبط السعودية وانعدام الثقة في الوعود الرسمية السعودية، والإصلاحات التي تم الترويج لها في السنوات الأخيرة. ففي يناير 2021، نشرت هيئة حقوق الإنسان الرسمية السعودية بيانا قالت فيه أن وقف تنفيذ أحكام القتل في قضايا مخدرات، الذي بدأ في يناير 2020، يهدف إلى إعطاء المعتقلين المتهمين بقضايا غير عنيفة فرصة ثانية. إضافة إلى ذلك، كان ولي العهد محمد بن سلمان قد أكد في مارس 2022 أن عقوبة الإعدام، باتت تقتصر على جرائم القتل. على الرغم من ذلك عادت السعودية إلى تنفيذ أحكام القتل بقضايا مخدرات في نوفمبر 2022. وفي 2024 سجلت أرقاما قياسية، حيث نفذت 122 حكما مقابل حكمين عام 2023. إضافة إلى ذلك، رصدت المنظمة إعدامات طالت 15 شخصا، بتهم تتعلق بمادة الحشيش فقط، فيما واجه 2 منهم تهمة ترويج هذه المادة فقط، أي بيعها في الداخل، وهو ما يشير إلى التوسع في المواد والتهم.
الخاتمة:
في تعليقه على حصول السعودية على حق استضافة بطولة كأس العالم للرجال، قال ولي العهد محمد بن سلمان إن عام 2024 يمثل “نقطة المنتصف نحو تحقيق مستهدفات وطموحات رؤية المملكة 2030″، مشيرًا إلى أن هذا العام يعد جزءًا من مسيرة التحول التي تهدف إلى تعزيز موقع المملكة على الساحة العالمية.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن ظهر نقطة المنتصف التي تحدث عنها بن سلمان كانت في الواقع عامًا داميًا شهد تصاعدًا غير مسبوق في عمليات الإعدام، التي حطمت أرقامًا قياسية، فضلاً عن نسف الوعود الإصلاحية السابقة.
هذا الوضع يعكس الصورة المقلقة للسنوات القادمة ويثير العديد من التساؤلات حول الاتجاه الذي تسلكه السعودية. فبينما تروج السعودية لنجاحاتها الرياضية في سياق الرؤية الاقتصادية والتنموية، تتجاهل بشكل صارخ سجل حقوق الإنسان، الأمر الذي يطرح شكوكا حول مدى انسجام هذه الطموحات مع الواقع القائم.
وفي الوقت الذي يعلن فيه بن سلمان عن أهمية القطاع الرياضي كأداة لتحقيق النمو والتطوير، فإن الواقع في الداخل يكشف عن معاملة قاسية ضد الرياضيين والجماهير، حيث يتعرضون لاعتقالات تعسفية بسبب تعبيرهم عن آرائهم أو لمجرد كونهم جزءًا من الجماهير.
وعلاوة على ذلك، وفي ظل تصاعد الاعتقالات التعسفية بحق الزوار وخاصة المعتمرين والحجاج، ما هي ضمانة سلامة وأمن الجماهير الدولية التي من المتوقع أن تحضر هذه الفعاليات الكبرى في المستقبل.
تعتبر المنظمة أن واقع الانتهاكات هو حجة ضد الدول والجهات التي تساهم في محاولة إخفاء الحقيقة أو التستر على هذه الانتهاكات. بدلاً من الوقوف مع الضحايا، تساهم الجهات التي تدعم محاولات السعودية في غسيل صورتها تضاعف أعدادهم وطمس قصصهم.