رصدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، استمرار المملكة العربية السعودية في انتهاك حقوق الإنسان على مختلف المستويات، متذرعة بالإجراءات المتعلقة بجائحة كوفيد 19.
وفيما تتحدث الحكومة السعودية في المحافل الدولية عن إنجازتها في إطار مكافحة الجائحة، فإن الواقع يؤكد انتهاك هذه الإجراءات للعديد من الحقوق الأساسية، ومن بينها حقوق السجناء.
حقوق السجناء:
وعلى الرغم من تجاوز عدد جرعات اللقاح التي تم تلقيها في السعودية، 34 مليون جرعة بحسب وزارة الصحة، وعلى الرغم من تأكيد السعودية تلقيح 68 بالمئة من نزلاء سجون أمن الدولة حتى شهر مايو 2021، لا زالت الإجراءات مشددة بحق السجناء وعائلتهم، فيما تم رصد إجراءات تعسفية انتقامية إضافية.
وبحسب المعلومات التي وصلت إلى المنظمة الاوروبية السعودية، فإن إدارة سجن المباحث في الدمام، تعمد إلى وضع المعتقلين بعد حضورهم جلسات المحاكمة في “الحجر الاحترازي” لمدة 10 أيام. المعلومات أشارت إلى أن سياق هذا الحجر يبين أن إدارة السجن تتعامل مع هذا الإجراء على أنه عقوبة من دون جريمة، حيث تمنع المعتقل من التواصل مع العالم الخارجي، وتضعه في زنزانه من دون تلفاز، بما وصفه أحد السجناء بأنه “سجن انفرادي من جديد” يسبب حالة نفسية صعبة.
كما أشارت المعلومات التي وردت إلى المنظمة إلى أن المعتقل يحرم من أبسط حقوقه خلال هذه الفترة وبينها الحصول على ملابس إضافية، وهذا ما يخالف شروط السلامة الأساسية فيما يتعلق باجراءات النظافة لمواجهة الجائحة.
إضافة إلى ذلك، فإن الحكومة السعودية وعلى الرغم من الترويج لتحسين في إجراءات السفر والدخول والخروج من البلاد بعد حملات التحصين، لا زالت تتشدد فيما يتعلق بزيارات السجناء. فبعد أن كانت منعتها بالمطلق، عادت وسمحت بها بشكل متقطع. وبحسب المعلومات لا زالت الزيارات تتم من وراء حاجز زجاجي، ولعدد محدود من أفراد العائلة، حتى في حال تلقي الزائر والمعتقل للقاح.
الوفيات في السجون:
إلى جانب حقوق المعتقلين، رصدت المنظمة وفيات ارتبط بالجائحة داخل السجون. في 8 مايو 2021 توفي معتقل الرأي زهير علي شريدة المحمدعلي في سجن الحائر بالرياض بعد إصابته بكورونا وسط تفشي المرض في السجن في وقت سابق. نُقل المحمد إلى المستشفى، حيث مكث أكثر من شهر حتى وفاته. لم تتلق أسرته أي أخبار عن مرضه، كما حُرموا من أي زيارات أو اتصالات معه منذ فبراير 2021، ثم تسلموا جثته في اليوم التالي لوفاته، من دون أي معلومات عن وفاته خاصة أنه كان بصحة جيدة قبل إصابته بالفيروس. وبحسب المعلومات التي أكدتها منظمات متابعة، فإن المحمدعلي، كان قد احتجز مع آخرين، في نفس عنبر السجناء المصابين بفيروس كورونا عمدا. وأشارت المعلومات إلى أن معتقلي رأي آخرين أصيبوا بالعدوى بينهم المدافع عن حقوق الإنسان محمد القحطاني.
وكان زهير علي وأكثر من 30 معتقل رأي في سجن الحائر قد أعلنوا الإضراب عن الطعام في مارس 2021، احتجاجًا على المضايقات.
وفي ظل انعدام أي تحقيق جدي ومستقل، فإن الإهمال الطبي أو المتعمدة هو سبب رئيسي لعدد من الوفيات خلال فترة الجائحة. من بين ذلك وفاة الناشط الحقوقي عبد الله الحامد في أبريل 2020، ووفاة الصحفي صالح الشيحي، في 19 يوليو 2020، بعد شهرين فقط من الإفراج غير المتوقع عنه.
وكانت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، قد رصدت انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان تحججت فيها الحكومة السعودية بالإجراءات المتعلقة بمكافحة الجائحة منذ بدايتها:
- الاعتقالات التعسفية: منذ بداية جائحة كورونا عمدت الحكومة السعودية إلى منع أي انتقاد للإجراءات المتخذة، ومن بين ذلك استهداف المنتقدين بالاعتقال، وبينهم أحد مشاهير وسائل التواصل الإجتماعي علي العيسى الشهير ب “أبو الفدا”، بعد نشره مقطعا مصورا أظهر نقصا في للخبز في المحلات، ودعا إلى الترشيد. كما رصدت المنظمة تقييدا شديدا للتعبير عن الرأي فيما يتعلق بكافة الإجراءات التي أعلنتها الحكومة السعودية في إطار مكافحة الجائحة.
- الانتقائية في التعامل مع التجمعات: رصدت المنظمة الأوروبية السعودية استنسابية في تعامل الحكومة السعودية مع الاجراءات الاحترازية في التجمعات. ففيما سمحت بإقامة حفلات وتجمعات في بعض المناطق بينها المنطقة الشرقية وأبها، منعت العديد من التجمعات الدينية، بما في ذلك منعها سكان منطقة القطيف من إحياء الأيام الأولى من ذكرى عاشوراء على الرغم من إعلان التقيد بشروط السلامة.
- منع الزيارات وقطع الاتصالات لأشهر متواصلة: رصدت المنظمة الأوروبية السعودية منع الحكومة السعودية وفي أوقات متفاوتة معتقلين ومعتقلات من التواصل مع عائلتهم في ظل وقف الزيارات بسبب الجائحة. دفع منع التواصل مع العالم الخارجي المعتقلين، إلى إعلان الإضراب عن الطعام أكثر من مرة.
- العمال الأجانب: أشارت المعلومات إلى أن الحكومة السعودية تعتقل مئات العمال المهاجرين في أمكان احتجاز غير مؤهلة كانت بيئة خصبة لانتشار فيروس كورونا. وبحسب التقارير تُحتجز النساء الحوامل والأطفال الصغار والأطفال في “ظروف مروعة”، حيث مات ثلاثة أطفال على الأقل منيجة لهذه الظروف.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن سياسة الترهيب التي تنتهجها الحكومة السعودية تجاه المجتمع في الداخل السعودي، والحظر الذي تمارسه على المنظمات الحقوقية، يمنع الوصول إلى المعلومات. على الرغم من ذلك، فإن المعلومات التي رصدتها المنظمة تؤكد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ولحقوق السجناء في ظل الجائحة.
وبحسب تقرير للمقرر الخاص المعني بحالات القتل خارج نطاق القضاء، تحت عنوان “كوفيد -19 وحماية الحق في الحياة في مراكز الاحتجاز“، يقع على عاتق السلطات واجب التحقيق في كافة الوفيات التي سجلت أثناء الاحتجاز في السجون لتحديد الظروف الواقعية المحيطة بالوفاة أثناء جائحة كوفيد 19. وفيما من الصعب الوثوق في نتائج أي تحقيق رسمي تقوم به السعودية في ظل انعدام استقلالية القضاء، فإن الحكومة لم تعمد حتى إلى تنفيذ التوصيات الأممية، والقيام بتحقيق شكلي على الرغم من تأكيد المسؤولية الرسمية عن حالات إصابة وإهمال.
وتشير المنظمة إلى أنه فيما كان من المفترض، بحسب التوصيات القانونية الدولية، استبدال الزيارات المقيدة بزيادة الوصول إلى وسائل الاتصال البديلة مثل الهاتف والمكالمات غبر الفيديو، عمدت السعودية إلى منع المعتقلين من التواصل مع عائلاتهم بشكل تام في فترات متفاوتة.
وفيما تؤكد المعايير القانونية الدولية التي أقرتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه “يجب تقييم التدابير التقييدية بانتظام في ظل تطور الوباء في البلد، واحتياجات السجين المحدد، والتسهيلات المتاحة في السجن”، فإن القيود المفروضة على السجون لا زالت بعيدة عن التطور الذي تقول السعودية أنه يحصل في المجتمع فيما يتعلق بتخفيف الاجراءات والقيود.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن الحكومة السعودية تتجاهل في الإجراءات التي تتخذها لمواجهة جائحة كوفيد 19، حقوق الإنسان، وتقوم بممارسات على مستويات مختلفة تزيد فيها من معاناة الأفراد في ظل الجائحة. وتشير المنظمة إلى أن السجناء والعمال المهاجرين ضمن الفئات الأكثر عرضة لهذه الانتهاكات.
وتؤكد المنظمة أنه لا يمكن الحديث عن إنجازات، في ظل استمرار السعودية بالقيام بممارسات انتقامية مستخدمة اجراءات الجائحة أو في زيادة معاناة أفراد من فئات المجتمع الضعيفة بسبب الجائحة.