فيما يحتفل العالم في 3 أيار من كل عام “بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة بهدف تقييم حرية الصحافة في شتى أنحاء العالم والدفاع عن الصحافة ضد ما تتعرض له من هجمات تهدد استقلالها”، تشهد المملكة العربية السعودية تدهورا في أوضاعها. فمنذ تسلّم الملك سلمان بن عبد العزيز وإبنه ولي العهد محمد بن سلمان زمام السلطة في البلاد، إزدادت القيود على حرية الصحافة في السعودية وتضاعفت الإنتهاكات بحق روادها بهدف الإنتقام من نشاطهم ودفعهم إلى الصمت.
أشد أوجه هذه الإنتهاكات تمثّل بعملية القتل الوحشي الذي تعرض له الكاتب والصحفي الشهير جمال خاشقجي في أكتوبر 2018 داخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول التركية، والتي لاقت إنتقادات دولية شديدة اللهجة وإستدعت فتح تحقيق دولي تقوده المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالإعدامات خارج نطاق القضاء أو التعسفية والموجزة أغنس كالامار.
قتل الصحفي خاشقجي لم يكن الوجه الوحيد لهذا التدهور، حيث إستمرت الحكومة السعودية بإعتقال الصحفيين والمدونين وبإصدار أحكام بحقهم، كان آخرها الإخفاء القسري الذي تعرض له الصحفي الأردني عبد الرحمن فرحانه منذ فبراير 2019. وعلى الرغم من الإنتقادات الدولية التي وجهت إلى السعودية وتخفيض مرتبتها إلى 172 من 180دولة عالميًا من قبل منظمة مراسلون بلا حدود، لا زالت أعداد الصحفيين المعتقلين في تزايد. وكانت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قد وثقت عددا من قضايا الصحفيين والإنتهاكات الواقعة بحقهم.
إلى جانب ذلك، وعلى الرغم من الإنتقادات الدولية التي وجهت لسياساتها بحق الصحافة، لم تعمد السعودية إلى تعديل أي من القوانين التي تشرع الإنتهاكات بحق الصحفيين وتمنع التعبير عن الرأي، وبينها نظام حقوق المؤلف و اللائحة التنفيذية لنشاط النشر الإلكتروني، و نظام المؤسسات الصحفية، ونظام المطبوعات والنشر واللائحة التنفيذية لنظام المطبوعات والنشر، التي تمكن الحكومة من استهداف الصحفيين وكل من يعبّر عن رأيه في وسائل الإعلام التقليدية والحديثة. إلى جانب ذلك، لا زالت تستخدم نظام جرائم الإرهاب وتمويله، لتجريم النشطاء السلميين والصحفيين.
في اليوم العالمي لحرية الصحافة، ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن التدهور الذي وصلت له حرية الصحافة في السعودية مؤشر ليس فقط على مستوى التضييق على الحريات، بل على إرتفاع حدة القمع الممارس بحق كافة المواطنين، والترهيب الذي قد يصل حد التهديد بالقتل وإخفاء الجثة في حال التعبير عن أي رأي مخالف للسلطة.
وترى المنظمة أن التقرير المرتقب للمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالإعدامات خارج نطاق القضاء أو التعسفية والموجزة أغنس كالامارقد يكون الخطوة الأولى لكشف الحقائق، كما تأمل أن يفتح هذا التقرير باب المسائلة لمحاسبة المنتهكين المسؤولين عن الحرمان من الحياة أو الحرية الذي يتعرض له الصحفيون في السعودية.