يصادف اليوم 8 أغسطس 2018، مرور عام على إعلان الحكومة السعودية إنهاء عملياتها العسكرية المدمرة في مدينة العوامية، والتي حدثت في الفترة من 10 مايو 2017 حتى 8 أغسطس 2017، واستغرقت تسعين يوما.
وعلى إثر كثير من التجاوزات والإنتهاكات والتدمير والقتل، قامت الأمم المتحدة بعدة خطوات، منها، بيان أصدرته في 5 أبريل بعنوان: خبراء الأمم المتحدة يحثون السعودية على وقف عمليات الإجلاء القسري وهدم حي المسورة في العوامية، وبيان في 24 مايو 2017 بعنوان: أعمالُ الهدم والإخلاء القسريّ التي تمارسها المملكة العربيّة السعوديّة في حيّ المسورة تنتهك حقوقَ الإنسان.
كذلك في 27 مارس 2017 أرسل 3 مقررين من الأمم المتحدة (المقرر الخاص بالحقوق الثقافية والمقرر الخاص بالحق في السكن والمقرر الخاص بالفقر وحقوق الإنسان) إلى الحكومة السعودية شكوى عن الإنتهاكات التي قامت بها في مدينة العوامية، وفي 24 مايو 2017 قدمت السعودية ردا على شكوى المقررين حاولت فيه تفنيد المعلومات التي أوردها المقررين الخاصين حول أعمال هدم حي المسورة الأثري وتهجير قسري وهدم منازل وأحياء، وفرار أغلب سكان المدينة جراء استخدام الحكومة السعودية للمدفعيات وقذائف الار بي جي على نطاق واسع في عدد من الأحياء السكنية.
تضمن الرد السعودي إدعاءات لا تتطابق مع الواقع، ومع مرور أكثر من عام على العملية العسكرية التي قامت بها الحكومة السعودية تجلت هذه المغالطات المتعمدة التي إحتواها الرد، وتبين أن الوعود التي اعطتها الحكومة للمتضررين ليست إلا سراب بعيد المنال، والغرض منها كسب الوقت وتخفيف الضغوط.
المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أطلعت على رد السعودية الرسمي، وترى أنه أحتوى مغالطات متشعبة، وهنا تقدم ردا على ما ورد فيه، استنادا على متابعات ومقابلات أجرتها مع الضحايا ومصادر متعددة.
(1)
“أولا: المخطط يهدف إلى تطوير مناطق سكنية للتقليل من المخاطر الإقتصادية والإجتماعية والأمنية التي تشكلها، وحي المسورة هو عبارة عن حي سكني من البيوت القديمة المتجاورة غير الآمنة، تستخدمه “الجماعات الإرهابية” لإدارة أنشطتها. وبينها خطف وقتل رموز دينية. إقترحت سلطة المنطقة المخطط وأنشأت لجنة تقييم لوضع قوائم لجرد الممتلكات المعنية وجميع المباني والعناصر المرتبطة بها، والتي تم توقيعها من قبل المالكين وتم إشعار الملاك بالموعد الأخير للإخلاء بشكل واضح ولائق”.
التطوير وتقليل المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والأمنية أهداف سامية ترمي في نهاية المطاف لتوفير الرفاهية والازدهار للإنسان، ولكن الذي جرى في العوامية شرق السعودية جلب أزمات إضافة للمواطنين لايزالون يعانون منها، بعكس ما قالته السعودية في ردها، وفي الفقرات الأخرى سنتوسع في شرح ذلك.
تؤكد مصادر المنظمة من سكان حي المسورة، أن الحي لم يشهد منذ عقود أي جرائم جنائية كبيرة، بل إن طبيعة الحي وتلاصق منازله ومعرفة سكانه لبعضهم البعض يمنع حصول مثل هذه الجرائم. قالت الحكومة السعودية في ردها أن “الجماعات الإرهابية” بحسب تعبيرها، تستخدم الحي لإدارة أنشطتها، وبينها خطف وقتل رموز دينية. من الواضح، أن السعودية تقصد القاضي محمد الجيراني، الذي أختفى في ظروف غامضة في 13 ديسمبر 2016 من أمام منزله الواقع في جزيرة تاروت، وبعد عام تقريباً على تلك الحادثة قالت الحكومة السعودية أنها اكتشفت موقع دفن جثمانه في إحدى مزارع مدينة العوامية، والتي تقع في أقصى أطراف البلدة من جهة الغرب و تبعد بمسافة اكثر من 1500 متر عن حي المسورة.
هذه الحادثة التي تحاول الحكومة السعودية توظيفها من أجل تبرير تنفيذ العملية العسكرية العنيفة في مدينة العوامية كانت قد وظفتها سابقاً لتنفيذ سلسلة من عمليات اعتقال وقتل خارج نطاق القضاء طالت ما يقارب 11 مواطناً في أوقات وأماكن مختلفة، وقال الإعلام الرسمي في حينها أنهم متهمون في القضية على الرغم من عدم تقديمها أدلة ضدهم وعدم حصولهم على محاكمة عادلة. في بادئ الأمر، وعقب عملية الاختطاف، أدان المتحدث الأمني بوزارة الداخلية في 1 يناير 2017 ثلاث أشخاص في مؤتمر صحفي بالوقوف خلف عملية اختطاف الجيراني بعد اعتقال الداخلية لثلاثة أشخاص ذكر المتحدث أنهم راقبوا منزل الجيراني لفترة قبل العملية. بعد ذلك، ادانت الداخلية السعودية عددا من الأشخاص الأخرين عقب عمليات قتل متعددة خارج إطار القانون في الشوارع، في سياق واضح أنها تستخدم عمليات الاختطاف بشكل معيب لإدانة من تقتلهم بعد تنفيذ العملية، من أجل تقديمها كذريعة في الصحف الرسمية لعملية القتل خارج إطار القانون.
لا تكذب الحكومة السعودية عندما تقول أنه كان يتواجد عدداً من الأشخاص المطلوبين لها في حي المسورة، لكن ما لم تقله أنهم كانوا يختبؤون في الحي أعتقاداً منهم أن ذلك يحميهم من عمليات القتل التي نفذتها الداخلية السعودية في الشوارع بحق مطلوبين ونشطاء في المظاهرات التي جرت في العوامية والقطيف، ووصل عددهم حتى الآن بالعشرات. دأبت الحكومة السعودية على إدانة المختبئين في حي المسورة بارتكاب الكثير من الجرائم قبل اقتحام الحي وعقب محاصرة مدينة العوامية وتشريد أغلب سكانها عبر إرهابهم بواسطة استخدام مدفعيات وقذائف الار بي جي على نطاق واسع. ترجح مصادر أهلية أن إدانة الحكومة السعودية للمختبئين في الصحف بعد أقل من 24 ساعة من كل عملية، بدون أجراء أي محاكمة عادلة أو تحقيقات شفافة، لا تتعدى كونها اتهامات سياسية تفتقر للحقائق والأدلة، ما شأنه أن يساهم بشكل فاعل في عدم ثقتهم بجهاز العدالة، وبالتالي عدم تسليمهم أنفسهم.
وفيما يتعلق بآليات التعويض تجاهل الرد الأصوات التي ارتفعت في الحي رفضاً للتقديرات التي وضعت. في 8 يناير 2017 نقلت صحيفة محلية خيبة بعض الأسر بمبلغ التثمين، فقد أشارت إلى تثمين منزل إمرأة مسنة تدعى “أم بدر” بمبلغ 600 ألف ريال، تعويضاً عن منزلها الذي يضم 13 شخصا تعيلهم وحيدة بعد وفاة زوجها، وبحسب التقديرات المحلية في المدينة فإن هذا المبلغ لا يفي لشراء أو بناء منزل ملائم لهذا العدد. الشكاوى الأهلية اكدت أن اللجان التي تواصلت مع الجهات الرسمية لم تعبر عن رغبة كافة المواطنين وموافقتهم على المبالغ التي قالت الحكومة السعودية انها تعويضات عن المنازل، كما أن رصد عمليات التثمين أكد أنها إتسمت بالخلل والعشوائية وغياب المعيارية والمرونة المطلوبة مع اختلاف طبيعة الحالات.
الرد السعودي رفض المعلومات حول إجبار العائلات على الخروج من المنازل وهذا ما يناقض المقاطع المصورة للسكان التي نشرت عبر وسائل التواصل الإجتماعي حول رفضهم الخروج من منازلهم. كما أن السلطات السعودية إستخدمت وسائل عدة لأجبار المواطنين على الخروج من الحي، من بينها قطع الكهرباء والماء عن الحي في 25 يناير2017على الرغم من وجود أطفال وكبار في السن فيه، وصولا إلى إجبارهم على التوقيع على إنذار يلزمهم بالخروج من منازلهم وإلا فأنهم يتحملون مسؤولية ما سيجري عليهم أو على من في منازلهم وقت إزالة المباني، وذلك بالرغم أن أغلبهم لم يكونوا يمتلكون منازل بديلة حينذاك، أو حتى شقق إيجار.
أشارت السعودية إلى أن الأهالي كانوا قادرين على رفع شكاوى إلى الجهات المعنية والقضاء الإداري، بيد أن هذا الإدعاء تؤكد زيفه آراء المواطنين التي ظهرت إلى العلن والمخاوف من تجريم أي رفض للمخطط، إضافة إلى إرتباط الجهاز القضائي السعودية بوزارة الداخلية والسلطة التنفيذية مما يمنع أن يقوم بأي دور فعال في طلبات الإنتصاف أو الدعاوى.
(2)
ثانيا: تم إصدار إخطار للسكان قبل 30 يوما من العملية كما تم الإنتهاء من إجراءات الدفع الخاصة بالتعويضات قبل تاريخ الإخلاء وفي وقت كافي للسماح للسكان هناك بإيجاد سكن بديل مناسب.”
أكد رصد الإجراءات الحكومية التي تتعلق بالإخلاء أنها اقتصرت على تثمين الكثير من المنازل بمبالغ لا تفي لحيازة منزل بديل، حيث أجبر المواطنون على إخلاء منازلهم والانتهاء من إجراءات التنازل عن الملكية، وكان ذلك قبل استلام الكثير منهم التعويضات، وقبل ضمان حيازتهم على سكن بديل، وهذا ما جعل المدة التي تلزم للحصول على سكن جديد مجهولة، ما جعل المواطنين عرضة للتشرد، أو إجبارهم على السكن خارج مدينتهم التاريخية بالإيجار لمدد غير معلومة، ما عاد على الكثير من الأهالي بالضرر المادي، والنفسي بسبب التهديد والترهيب الذي اُستخدم معهم لإجبارهم على الخروج من منازلهم ومدينتهم عنوة.
إضافة إلى ذلك فإن المعطيات أشارت إلى أن عملية النزوح بعد بدء العملية العسكرية أدت في نهاية المطاف إلى هدم أحياء أخرى غير حي المسورة، مثل حي كربلاء الذي دأب أهالي مدينة العوامية منذ 2007 على تنظيم اعتصامات في ساحة تقع في وسطه، ما دفع كافة سكان تلك الأحياء للخروج منها. وصلت نسبة الهاربين من نيران مدفعية وقذائف القوات العسكرية السعودية إلى ما بين 80%- 90% من عدد سكان مدينة العوامية بحسب تقديرات أهلية، الذي يبلغ تعداد سكانها بحسب تقديرات بين 30000-35000 . لم توفر الحكومة السعودية لهم سكن في بادئ الأمر، لكن فيما بعد قامت الحكومة بتأمين منازل لسكان أحياء محددة من النازحين، ولكن ظهر أن بعضها -على الأقل- غير لائقة ، ولاتصلح للعيش الكريم، وتفتقر لأدنى معايير السلامة الصحية والمعيشية. في 4 أغسطس 2017 أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية، تعميماً رسمياً يقضي بمنع الجمعيات الخيرية في محافظة القطيف من تقديم المساعدات للنازحين من بلدة العوامية، وهدّدت بضرورة سحب أي إعلان أو تغريدة تفيد عن استقبال أو تقديم المساعدة، وتذرّعت الوزارة بأن المستفيدين “خارج نطاق الجمعية الجغرافي”، وذلك بعد اعلان عدد من الجمعيات استعدادها لتقديم المعونة للمتضررين من سكان العوامية.
(3)
“ثالثا: حي المسورة لا يحتوي على آثار وهدم المنازل فيه لا يتناقض مع القوانين الدولية والمحلية لحماية التراث والآثار.”
في بداية عملية إزالة منازل حي المسورة، ندّد “مركز التراث العمراني الوطني” الرسمي بالعملية، إذ أنه رأى عدم أحقية أمانة المنطقة الشرقية بإزالة حي المسورة وأي موقع يحتوي على مباني تراثية، وأن ذلك يعد مخالفاً لنظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني، ما يدل على الأهمية التي يتبوأها حي المسورة على الصعيد التراثي . وبحسب مؤرخون محليون فأن عمر حي المسورة قرابة 400 عام، وهو يحتوي على معلم أثري فريد، وبالتالي لا يحق للحكومة هدمه تحت ذريعة التنمية، وعلى أي عملية تطوير أن تراعي ذلك.
إضافة إلى ذلك يؤكد المشروع الذي نشرته السلطات السعودية إحتواء المنطقة على تراث بما يتناقض مع الرد السعودي حيث يحتوي المخطط على محلات ذات طابع تراثي.
أضف إليه، فإن الصحف السعودية تحتوي على كثير من التقارير والمقالات التي تتحدث عن حي المسورة بوصفه معلما أثريا. كما يحتفظ الأهالي بالكثير من مقاطع الفيديو والصور الخاصة بحي المسورة والتي تظهر الجانب الأثري بوضوح.
(4)
“رابعا: مخطط تطوير حي المسورة هو مطلب شعبي وأن الجهات المسؤولة عن المنطقة وبينها المجلس البلدي الذي ينتخب المواطنون نصف أعضائه كان أبرز من دعا لها منذ العام 2003.:”
بحسب مصادر المنظمة فأن تطوير الحي وتحسين أوضاع سكانه هو مطلب أهلي في المقام الأول، وغير مرتبط بأعضاء المجلس البلدي، الذين لا يتمتع أغلبهم بالاستقلالية. فلقد قدمت شخصيات من أهالي مدينة العوامية قبل ما يقارب 20 سنة اقتراح للحكومة السعودية يتضمن تحويل الحي إلى سوق تراثي بعد ترميم بعض منازله بما يحفظ هذا الصورة التراثية من أجل جعله وجهة سياحية لعاشقي الفنون المعمارية الأثرية، من جانب آخر، توفير منازل حديثة لائقة لسكان الحي تعويضاً لهم عن منازلهم الأصلية. ما جرى أن الحكومة السعودية دمرت الحي الأثري بالكامل حتى أصبحت مساحته أرضاً خالية، وأجبرت أهله على ترك منازلهم عنوة قبل أن تضمن لهم الحصول على سكن لائق بديل. بالطبع، تدمير الأحياء الأثرية لا يمكن تسميته بالتطوير لأنه انهى المباني والمنازل ذات الفنون المعمارية الأثرية.
(5)
“خامساً: تتضمن الخطط الموضوعة للحي إعادة توطين السكان بحسب ما ينص القانون الدولي.”
لا يستطع معظم الذين خرجوا من الحي الأثري ومن الأحياء المجاورة العودة إلى أحيائهم، بعد أن أصبحت أرضا خالية بعد عملية التدمير، كما أن النص الرسمي حول المخطط لا يحتوي على مخططات سكنية بديلة للأهالي لإعادة توطينهم فيها، إذ تحتوي المشروعات المقترحة على محلات تجارية، مطاعم، صالة رياضية، قاعات، مواقف للسيارات، ومركز ثقافي ومكتبة عامة.
إضافة إلى ذلك فإن إستخدام الحكومة السعودية للأسلحة في العملية أدى إلى أضرار كبيرة، تتجاوز الميزانية التي كانت قد رصدتها لتعويض أصحاب العقارات في حي المسورة وبعض الأحياء المجاورة له. أدت العملية إلى هدم منازل أخرى دون علم أهلها مسبقا، وتضررت منازل لا تشملها الخطط الرسمية جراء استخدام الاسلحة والمدفعيات أو عمليات الهدم، عدد منها تضرر أيضا بشكل كامل وتحتاج إلى إعادة بناء، وذلك وفق تقديرات محلية، على سبيل المثال، تم هدم منزل المواطن عبد المحسن أبو جوهر، على الرغم أن منزله خارج الأحياء المهدمة، ما تسبب في أتلاف جميع ممتلكاتهم ووثائقهم التي كانت موجودة في المنزل.
إضافة إلى ذلك تعرضت منازل إلى السرقة، على الرغم من اخلاء مناطقها بالكامل تقريباً، حيث أكدت مصادر أهلية أن 40 بيتاً في أحياء المنيرة و الفتية و المنصوري و كربلاء و النصيرية سرق أثاثها وأجهزة منها، وهذه المناطق تحت سيطرة القوات العسكرية السعودية بشكل مطلق، ولم يكن يتواجد فيها تلك الأثناء مواطنين. إضافة إلى ذلك أدت العملية إلى إحتراق 6 منازل ومحلات تجارية على الأقل ، بسبب القذائف المدفعية والرصاص التي تطلقه المدرعات.
إلى جانب البيوت أدت العملية إلى هدم إستراحات بكامل أجهزتها، حيث تقدر مصادر أهلية أن الخسائر أكثر من إثني عشر مليون ريال سعودي. إلى جانب الإستراحات أتلفت العملية حوالي 30 مولد كهربائي بحجم كبير، كما تمت سرقة مولدات أخرى. أدت العملية أيضاً إلى اتلاف ما لا يقل عن 55 محلاً تجارياً، ووصلت الخسائر وفق تقديرات أهلية 11 مليون ريال على أقل تقدير، فيما قدرت خسائر ٣ مطاعم متضررة بأكثر من 6 مليون ريال. مؤسسة جمعية العوامية الخيرية إحدى أكثر المتضررين من العملية العسكرية على الصعيدين المادي والمعنوي، مع الأخذ بالاعتبار أعداد المستفيدين من المؤسسة من شريحة الفقراء والأيتام. فلقد احرقت جميع مكاتب المؤسسة، والسجلات، واجهزة الكمبيوتر والخوادم، ما تسبب بفقدان كافة البيانات والمعلومات، وموقع الجمعية الجغرافي يقع في منطقة كانت طوال العملية العسكرية تحت سيطرة القوات السعودية. مصادر أهلية تقول أنه تبين بعد الفحص أن مبنى الجمعية يجب إعادة بنائه من جديد.
إضافة إلى ذلك، تضرر خلال العملية ما لا يقل عن 400 سيارة، وتدمرت أكثر من 50 سيارة بصورة كاملة، خسائرها بالملايين. علاوة على ما ذكر، إن العملية أدت إلى نفوق حوالي ألفي رأس من المواشي، كالأبقار، الخراف، الجمال، والخيل، لم يتمكن أصحابها من تغذيتها أو نقلها بسبب خطورة العملية العسكرية وخشية الأهالي من التنقل بسبب سلوك القوات الحكومية التي كانت تصوب على المدنيين وقتلت عددا منهم، إضافة إلى سرقة ما لا يقل عن ألف رأس من الماشية من مزارع الرامس. تقدر هذه الخسائر بما لايقل عن 11 مليون ريال.
إلى ساعة إعداد هذا التقرير، لم تقم الحكومة السعودية بتعويض المتضررين، على الرغم أنها وعدت الأهالي قبل ما يقارب العام أنها سوف تتكفل بالتعويضات.
أدت العملية أيضا، إلى إصابة مدارس ومحطتي ضخ للمياه ومحطة التغذية الكهربائية إلى جانب إحتراق لكبائن الهاتف. وعلى الرغم من مرور عام على العملية لازالت تتراكم الخسائر على المواطنين أصحاب الأعمال التي تضررت في المنطقة.
(6)
“سادسا: الحكومة السعودية وفرت مساعدة قانونية للمعترضين والهدف من المخطط هو “تأمين احتياجات المجتمع ومتطلبات السكان”.”
لم توفر الحكومة السعودية مساعدات قانونية بحسب مصادر المنظمة، ولم تذكر للمواطنين حقوقهم وسبل الانتصاف الممكنة. في ديسمبر 2016 وقع قرابة مئة شخص من “أصحاب العقارات في مسورة العوامية” رسالة إلى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، حيث أكدوا فيها أنهم لم يحصلوا على التعويضات التي تجعلهم قادرين على تأمين مساكن بديلة، خاصة الفئات الأكثر فقرا منهم، كما طالب السكان بإعطائهم وقت كاف للإخلاء، ولكنهم لم يحصلوا على رد على تلك الرسالة.
إضافة إلى ذلك، فإن المواطنين خشوا من الإنتقام في حال اللجوء إلى القضاء خاصة في ظل عدم تمتعه بالإستقلالية ومع عدم وجود منظمات مجتمع مدني ومنظمات حقوقية مستقلة حرم السكان من الحصول على المساعدات، كما أثار مخاوف لديهم من التعبير عن رأيهم. فلقد كانت الحكومة السعودية ترفض أي أنتقاد للعملية التي قامت بها وتعاقب كل من يتجرأ على ذلك. على سبيل المثال، انتقد المواطن مجيد البدن من أهالي العوامية، العملية العسكرية وهدم الأحياء في مبنى محافظة القطيف أمام المسؤولين، أثناء زيارة لشخصيات من المدينة في وقت العملية، فما كان من المسؤولين إلا إطلاق أمر فوري باعتقاله من داخل المبنى، ولم يفرج عنه إلا بعد ما يقارب ستة أشهر على أعتقاله.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن رد الحكومة السعودية على مقرري الحكومة السعودية مضلل، واحتوى على مغالطات متعددة.
إن السعودية إذا كانت صادقة فعليها دعوة مقرري الأمم المتحدة لزيارة البلاد، دون أي قيود أو عراقيل في زيارتهم ودون حجبهم عن مقابلة الأهالي أو ترهيب الأهالي من مقابلة المقررين.
أن المنظمة تؤكد أن السعودية لم تقم بواجباتها كاملة في توفير سكن لائق للمواطنين الذين أجبرتهم على ترك منازلهم عنوة بواسطة العملية العسكرية التي نفذتها في العام المنصرم، بالإضافة إلى أنها لم تعوض أصحاب المحلات التجارية والسيارات التي تضررت، وأصحاب المنازل التي تضررت بأشكال متفاوتة.
لقد قامت السعودية بعمليات قتل متعددة خارج نطاق القانون للمدنيين، شملت أطفالاً كالطفل جواد الداغر وسجاد أبو عبدالله، ورجالاً كالسيد أمين آل هاني الذي أحرقته في سيارته والسيد محمد الرحيماني الذي وجهت له رصاصة أثناء تطوعه في إجلاء الأهالي، كما أنها خلف عشرات الإصابات منها إصابة الممرضة آيات المحسن التي لاتزال حتى اليوم تتعالج، كما ان السعودية لم تتكفل بعلاج المصابين وتكبد بعضهم مبالغ طائلة ولازالوا لم ينتهون من علاجهم بعد. كما أنها قضت على معلم تراثي يشكل أهمية ثقافية بالغة لسكان المنطقة الأصليين.