إعتقلت السلطات السعودية يوم الثلاثاء 12 يناير 2016، المدافعة عن حقوق الإنسان سمر بدوي على خلفية نشاطها الحقوقي، حيث ما تزال السعودية ترى في الأنشطة الحقوقية جريمة تستوجب المحاكمة في المحكمة الجزائية المتخصصة التي يحاكم فيها الإرهابيين والمدافعين عن حقوق الإنسان على حد سواء بالاستناد على (نظام مكافحة الإرهاب وتمويله).
في 6 يناير 2016 تلقت السيدة سمر بدوي اتصالا يطالبها بالحضور في اليوم التالي إلى هيئة التحقيق والادعاء العام في مدينة جدة، ولكنها تلقت في اليوم التالي اتصالا بتأجيل الموعد حتى يوم الأحد 10 يناير، ثم تلقت اتصالا آخر يوم الأحد لتأجيله إلى الثلاثاء، طالبين منها أن تحضر برفقة رجل طبقا للقوانين المتبعة في السعودية. توجهت صباح الثلاثاء برفقة إبنتها الرضيعة، وإبنها (15 سنة)، إلى قسم البحث الجنائي قسم (القضايا المتنوعة)، ومن هناك تم تحويلهم إلى مركز (شرطة السلامة)، حيث نقلت مع ابنتها بسيارة شرطة، أما أبنها فتم رفض مرافقته معها. التهمة الرئيسية التي وجهت إلى سمر بدوي كانت (تأليب الرأي العام ضد الدولة)، كما وجهت لها تهمة إدارة حساب تويتر الذي يخص المدافع عن حقوق الإنسان وليد أبو الخير المحكوم بالسجن 15 عاما على خلفية دفاعه عن حقوق الإنسان وهي التهمة التي نفتها السيدة بدوي، واتهمت بقيامها بنشر صورة وليد أبو الخير مع عضو جمعية حسم المدافع عن حقوق الإنسان المهندس فوزان الحربي. كما أدان المحقق تغريدتين لها، باركت في الأولى قرب الخروج النهائي لعضو جمعية حسم والمدافع عن حقوق الإنسان محمد البجادي من السجن، وأبدت في الثانية شعورها إزاء غياب حرية التعبير في السعودية بقولها: (الصمت قاتل.. لكن صمود).
أنتهى التحقيق عند الساعة 2:30 مساء، مع قرار بإرسالها إلى سجن ذهبان الجنائي الجديد حيث يتم احتجاز وليد أبو الخير، وأخيها رائف بدوي المحكوم بالسجن 10 سنوات والجلد 1000 جلدة. انتظرت في قسم شرطة السلامة بضع ساعات حتى وصول نساء أمن لنقلها، حتى نقلت عند الساعة 8:30 مساء. على أن ترسل إلى التحقيق الأربعاء 13 يناير 2016 في هيئة التحقيق والإدعاء العام.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، إن التجني على السيدة سمر بدوي من قبل الادعاء العام أمر محتمل إلى حد بعيد، حيث تتبع هيئة التحقيق والإدعاء العام إلى وزارة الداخلية بحسب المادة الأولى من نظامها (تُنشى بموجب هذا النِظـام هيئة تُسمَّى “هيئة التحقيق والادِعاء العام”. ترتبط بوزير الداخلية. ويكون لها ميزانية ضِمن ميزانية الوزارة)، بخلاف ما هو متبع في الأنظمة التي تقوم على فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، حيث يكون الادعاء العام (النيابة العامة) تابعة للسلطة القضائية، بينما يتبع في السعودية السلطة التنفيذية. ما يجعل الهيئة أداة طيعة بيد وزارة الداخلية التي تعتبر الجهة الأساسية في انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية. كما تتضاعف الخشية على السيدة بدوي من خلال ما يتيحه (نظام مكافحة الإرهاب وتمويله) من صلاحيات واسعة لوزير الداخلية، أرقى من سلطة القضاء:
· المادة 4 (لوزير الداخلية إصدار أمر بالقبض على من يشتبه في ارتكابه جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام، وله أن يفوض من يراه وفق ضوابط يحددها).
· المادة 7 (لا يجوز الإفراج المؤقت عن أي متهم إلا بأمر من وزير الداخلية أو من يفوضه).
· المادة 24 (لوزير الداخلية – ولأسباب معتبرة – الإفراج عن الموقوف أو المحكوم عليه في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام أثناء تنفيذ العقوبة).
ومن خلال هذه المواد، فإن إيقاف سمر بدوي الثلاثاء 12 يناير أو الإفراج عنها ليس راجعا للقضاء، بل إلى وزير الداخلية بصلاحياته المطلقة التي حددها قانون الإرهاب الذي يستخدم في محاكمة المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية.
الناشطة سمر بدوي كانت قد تعرضت لسلسة من المضايقات بسبب نشاطها الحقوقي، ففي 2 ديسمبر 2014، قامت السلطات السعودية بمنعها من السفر دون أمر قضائي، حينما كانت متجهة لتلبية دعوة للمشاركة في منتدى الاتحاد الأوروبي السادس عشر حول حقوق الإنسان للمنظمات غير الحكومية في بروكسل، أعقب ذلك بشهور جلسات تحقيق وتعهد بأن تمتنع عن ممارسة أي نشاط حقوقي وإلا ستكون عرضة للمحاكمة والسجن.
منع بدوي من السفر جاء إثر مشاركتها في إجتماعات الدورة ال24 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، حيث ألقت كلمة سلطت الضوء على وضع حقوق الإنسان في المملكة وطالبت بالإفراج عن وليد أبو الخير وكافة معتقلي الرأي.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، ترى أن الاعتقال التعسفي لبدوي يؤكد إصرار الحكومة السعودية على تجريم مختلف أشكال حرية التعبير، وتعمد تجاهل المطالب الدولية الداعية لاحترام حرية التعبير، ومنها بيان أجمع فيه 8 خبراء من الأمم المتحدة، يجمعون على التحذير من زيادة قمع الحريات في السعودية، ويطالبون السلطات بإجراءات لحمايتها.
كما أكملت الناشطة إسراء الغمغام 35 يوما في سجن مباحث الدمام، منذ اعتقالها في 8 ديسمبر 2015، على خلفية إتهامات تتعلق بمشاركتهما في التظاهرات الاحتجاجية، حيث تم إعتقالها مع زوجها موسى جعفر الهاشم، بعد أن قامت قوات أمنية بمداهمة الشقة بطريقة غير إنسانية وكسر الباب، وتفتيش الشقة وبعثرة محتوياتها واقتيادهما دون علم أسرتهم أو أي أحد آخر، لتفاجأ أسرهم بإنقطاع الإتصال بهم، ولم يعلموا إلا بعد الذهاب لشقتهم ومشاهدة آثار المداهمة. يؤكد اعتقال السيدة الغمغام الذي جاء بعد اعتقال مجموعة من النساء والناشطات من بينهن سامية عثمان البدر، أم عمار الرشودي، والسيدة بهية سليمان الرشودي التي قضت ثمانية أشهر في السجن، يؤكد إتجاها خطيرا يمتهن كرامة المرأة في السعودية.
يعطي قانون الإرهاب وزير الداخلية الصلاحية المطلقة في القيام بمثل المداهمة المهينة التي استهدفت شقة الناشطة إسراء الغمغام، والتي تعتبر انتهاكا جارحا للغاية في المجتمع السعودي المحافظ: (المادة 16: لوزير الداخلية – أو من يفوضه – الإذن بدخول المساكن والمكاتب لتفتيشها والقبض على الأشخاص في أي تهمة تتعلق بجريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا النظام في أي وقت خلال المدة المحددة في إذن التفتيش، وفي حالة الضرورة لا يلزم الحصول على إذن للقيام بذلك، على أن يدوَّن محضر توضح فيه الأسباب ودواعي الاستعجال).
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تؤكد أن الناشطة سمر بدوي والناشطة إسراء الغمام معتقلتا رأي، وأن إعتقالهما يؤكد اتجاها خطيرا تجاه كرامة المرأة في السعودية وحقها في حرية التعبير، ليضاف على جملة الإنتهاكات الممنهجة ضد المرأة وحقوقها في السعودية.
وتطالب المنظمة السلطات السعودية بالإفراج الفوري عن الناشطتين سمر بدوي وإسراء الغمام، وكافة المعتقلين والمعتقلات على خلفية قضايا حرية الرأي والتعبير.