أكد الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي أن المملكة العربية السعودية تعتقل حسين بن عبد الله الصّادق تعسفيا، وأن ذلك يأتي في سياق الاعتقالات الممنهجة والواسعة النطاق التي تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي.
وفي رأي كان قد تبناه في مارس 2022، ناقش الفريق العامل المعلومات التي وصلته من المصدر حول قضية الصادق، ورد الحكومة السعودية، وانتهى إلى دعوة الأخيرة إلى إطلاق سراحه بشكل فوري وإعطاءه حقه في التعويضات ومحاسبة المنتهكين. رأي الفريق العامل بين أن قضية الصادق، تتضمن انتهاكات واسعة، كما أنها تعكس سوء استخدام القوانين وتجاهل الحكومة السعودية للتوصيات والآراء.
معلومات المصدر:
حسين الصادق (1975) هو ناشط اجتماعي سعودي، كان يعمل في جمعيات دينية ولجان تطوعية خيرية، وفي تنظيم فعاليات وأنشطة ومحاضرات دينية وثقافية في القطيف.
في 24 سبتمبر 2015، تسبب تدافع خلال موسم الحج في السعودية في وفاة أكثر من 2400 حاج، معظمهم من إيران. على إثر ذلك، حملت الحكومة الإيرانية السلطات السعودية المسؤولية عن الكارثة. ثم قام عمدة تاروت بالتهجم اللفظي على المرشد الأعلى لإيران السيد علي الخامنئي. بعد ذلك، أقدم الصادق على الاتصال بالعمدة للاحتجاج على الاعتداءات اللفظية، وتصاعد الخلاف بينهما، حيث اتهم رئيس البلدية الصادق بإهانة الملك والحكومة السعودية.
في 1 أكتوبر 2015، تم استدعاؤه بناء على مزاعم موجهة ضده من قبل عمدة تاروت، تفيد بإقدامه على إهانة الملك والحكومة، قبل اعتقاله داخل مركز الشرطة دون إبراز أي مذكرة توقيف، دون إبلاغ عائلته عن اعتقاله. وسرعان ما اكتشفت عائلته أنه محتجز في مركز شرطة القطيف.
كانت عائلته تزوره بشكل شبه يومي لمدة أسبوعين، حيث كان يُسمح لها بالتحدث معه لمدة قصيرة جدا. وبعد ذلك، نقل الصادق إلى سجن المباحث العامة بالدمام، حيث تعرض للسجن الانفرادي ولمختلف أشكال التعذيب النفسي والجسدي، وتم شتم مذهبه، وحرم من التواصل مع أسرته لمدة ثلاثة أشهر. ونتيجة التعذيب، أغمي عليه لثلاثة أيام، وأجبر على الاعتراف بالتهم الموجهة إليه.
خلال أول عامين من اعتقاله، حرم الصادق من الاستعانة بمحام. وبعد السماح له بتعيين محام، لم يسمح للأخير بالاجتماع بموكله. وجه إليه عدة تهم بينها الولاء لإيران، الانتماء إلى حزب الله، وإنتاج وإعداد ونقل وتخزين مواد تمس النظام العام والقيم الدينية والآداب العامة والخصوصية من خلال كمبيوتر. في 20 فبراير 2018، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على الصادق بالسجن تسع سنوات. وفي 17 يناير 2021، أصدرت محكمة الاستئناف قرار بزيادة عقوبة الصادق أربع سنوات إضافية، مما يمنحه حكمًا إجماليًا بالسجن لمدة 13 عامًا.
رد الحكومة السعودية:
في مايو 2022، ردت الحكومة السعودية على الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي واعتبرت أن الادعاءات الواردة في البلاغ غير دقيقة وبلا أدلة. الحكومة قالت أن الصادق أتيحت له إمكانية الوصول إلى محام، وبررت الحكم الصادر بحقه بثبوت إدانته بجرائم يعاقب عليها نظام مكافحة جرائم الإرهاب ونظام مكافحة جرائم المعلوماتية. واعتبر الرد أنه لا يوجد تمييز بين المواطنين وأن القوانين تجرم التمييز.
رد الفريق العامل:
ناقش الفريق العامل المعلومات التي وردته من المصدر ورد الحكومة السعودية عليه، وأكد على صحة المعلومات الواردة من المصدر، واعتبر أن ادعاء السعودية بعدم صحة المعلومات يفتقر إلى الأدلة. وأكد الفريق أن عدم تقديم مذكرة توقيف هو انتهاك للقانون الدولي، وأشار إلى اجتهاداته السابقة المتعلقة بالسعودية، التي اعتبرت أن أمر التوقيف الذي يصدر عن وزير الداخلية أو أجهزة مفوضة مثل المديرية العامة للمباحث، غير قانوني حيث يجب أن يخضع أمر السجن إلى الرقابة الفعلية من سلطة قضائية.
وأوضح الفريق أن الصادق تعرض للسجن الانفرادي لثلاثة أشهر، وبقي موقوفا لسنتين دون محاكمة. وأكد الفريق أن الحبس الانفرادي الذي يفتقر إلى أي أساس قانوني سليم هو تعسفي بطبيعته، لأنه يضع الضحايا خارج حماية القانون ويحرمهم من أي ضمانات قانونية. وأشار الفريق إلى عدم قانونية احتجاز الصادق لسنتين دون محاكمة. واعتبر القريق العامل إقدام السلطات السعودية على إخفاء الصادق قسرا وحرمانه من التمثيل القانوني المناسب وتعذيبه ومعاقبته على إبداء آرائه بشكل سلمي وعلى ممارسة شعائره الدينية مخالفا للقانون الدولي.
وأشار الفريق إلى استخدام السعودية المتكرر لنظام مكافحة الجرائم الإلكترونية ولنظام مكافحة جرائم الإرهاب -بموادهما الفضفاضة- بهدف تجريم ممارسة الحقوق في حرية الفكر والدين وحرية الرأي والتعبير. بناء على ذلك، اعتبر الفريق أن احتجاز الصادق تعسفي.
وطلب الفريق العامل من الحكومة السعودية الإفراج الفوري عن الصادق ومنحه التعويض المناسب، وفقًا للمعايير الدولية، داعيا إياها إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان الإفراج الفوري غير المشروط عنه. وحث الفريق العامل الحكومة السعودية على ضمان إجراء تحقيق كامل ومستقل في الظروف المحيطة بحرمان الصادق التعسفي من الحرية، وعلى اتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حقوقه.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن اعتقال الصّادق وإخفائه قسريا وسجنه انفراديا غير قانونيين. وتنبه المنظمة من خطورة استخدام السعودية الممنهج والواسع النطاق لنظامي مكافحة جرائم الإرهاب ومكافحة جرائم المعلوماتية ضد الناشطين المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان والأقليات الدينية، إضافة إلى تعذيبهم وتعريضهم لمحاكمات غير عادلة قد تؤدي إلى أحكام سجن ومنع سفر طويلة الأمد، أو ربما إلى أحكام أكثر قسوة، كالإعدام مثلا. وتشدد المنظمة أن عدم تجاوب الحكومة السعودية مع مطلب الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة، يثبت مروق السعودية على القوانين الدولية.