في 19 سبتمبر 2022، أصدر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي في الأمم المتحدة رأياً رسمياً، يفيد بأن اعتقال المملكة العربية السعودية للمواطن عبد الرحمن السدحان -المخفي قسرا منذ أكتوبر 2021- هو اعتقال تعسفي وفقًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان. الفريق العامل دعا الحكومة السعودية إلى إطلاق سراحه بشكل فوري والتعويض عن اعتقاله غير القانوني، وإلى التحقيق في ظروف اعتقاله، وإلى اتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن تلك الانتهاكات. وطلب الفريق العامل من الحكومة السعودية جعل قوانينها متوافقة مع الالتزامات التي تعهدت بها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
معلومات المصدر:
عبد الرحمن السدحان هو مواطن سعودي، حاصل على شهادة جامعية في إدارة الأعمال، وكان يعمل كمساعد لرئيس الهلال الأحمر السعودي في الرياض قبل اعتقاله في 12 مارس 2018، حين أقدمت عناصر من رئاسة أمن الدولة ترتدي ثياب مدنية على اعتقاله داخل مكان عمله دون إبراز أي مذكرة توقيف، كما قاموا بمصادرة هاتفه ونقله إلى مكان مجهول، حيث انقطعت أخباره عن عائلته منذ لحظة اعتقاله. وفي اليوم التالي، قام ضباط من جهاز رئاسة أمن الدولة بمصادرة حاسوبه وسيارته وممتلكات شخصية أخرى. في منتصف أبريل 2018، اعترفت السلطات باحتجازه على ذمة التحقيق، إلا أنها رفضت الكشف عن مكان احتجازه ومنعت أحدا من زيارته أو الاتصال به. منذ اعتقاله وحتى سبتمبر 2022، انقطعت أخبار السدحان عن عائلته عدة مرات.
بين عامي 2018 و2019، وصلت تقارير إلى عائلة السدحان تفيد بتعرضه للتعذيب الوحشي بينما كان يقبع في مركز احتجاز سري، حيث تعرض للصعق الكهربائي والضرب -الذي تسبب في كسور في العظام- والجلد والتعليق من القدمين والحرمان من النوم والتهديد بالقتل وقطع الرأس، إضافة إلى الإهانات اللفظية والسجن الإنفرادي. علاوة على ذلك، زعمت التقارير أنه أجبر على التوقيع على اعترافات وهو معصوب العينين.
في 3 مارس 2021، اتهم السدحان بتمويل الإرهاب، تقديم الدعم والتعاطف لتنظيم داعش الإرهابي، استخدام موقع الكتروني وأجهزة الكترونية لارتكاب جرائم محظورة في نظام مكافحة الإرهاب، وإعداد وتخزين وإرسال ما من شأنه المساس بالنظام العام والقيم الدينية من خلال تغريدات، بحسب نظام مكافحة الإرهاب ونظام مكافحة الجرائم الإلكترونية. والتهم التي اتهم فيها السدحان حدثت فبل دخول نظام مكافحة الإرهاب حيز التنفيذ، ما يجعلها غير قانونية. مُنع السدحان من الاستعانة بمحام في عدة جلسات. وحرم والد السدحان -والذي هو وكيله القانوني- بالإضافة إلى محام آخر معين من قبل السلطات، من الاجتماع به لوقت كاف ومن الحصول على الوقت الكافي لمراجعة الأدلة ومن المرافعة عنه لوقت كاف. وفي 5 أبريل 2021، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على السدحان بالسجن لمدة 20 عاما، يليها حظر سفر لمدة 20 عاما آخر، بالإضافة إلى مصادرة أجهزته الالكترونية وإغلاق حسابات تويتر التي يزعم أنه كان يستخدمها. ونتيجة الظروف غير الانسانية التي رافقت اعتقال السدحان، تدهورت صحته، وأصبح يعاني من مشاكل في التركيز ومن ارتفاع في نسبة الدهون الثلاثية في الدم، وأصبح قريبا من الإصابة بمرض السكري نتيجة سوء نوعية الطعام في السجن والسجن الانفرادي والضغط والتعذيب، عدا عن أنه لا يتلقى الرعاية الطبية الكافية.
استأنف والد السدحان الحكم في 4 مايو 2021، وفي 5 أكتوبر 2021، أيدت محكمة الاستئناف الحكم. ومنذ ذلك التاريخ، لا زال السدحان مخفيا قسرا. في 2 نوفمبر 2021، استأنف والد السدحان حكم الاستئناف أمام المحكمة السعودية العليا، مقدما تفاصيل عن التعذيب التي تعرض له ابنه، إلا أنه لم يصدر الحكم عن المحكمة العليا بعد.
رد الحكومة السعودية:
في فبراير 2022 ، ردت الحكومة السعودية على الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي واعتبرت أن الادعاءات الواردة في البلاغ غير صحيحة وبلا أدلة، مشيرة إلى أنها اتخذت خطوات للتحقيق في الادعاءات وتوضيح كل ما هو ذي صلة، دون أن تقدم الحكومة أي دليل يثبت ادعاءاتها.
رد الفريق العامل:
طالب القريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي السعودية بتقديم الأدلة التي تثبت صحة ادعاءاتها. واعتبر القريق العامل إقدام السلطات السعودية على توقيف السدحان بدون مذكرة توقيف وإخفاءه قسرا واحتجازه السابق للمحاكمة لأكثر من ثلاث سنوات دون قرار قضائي وحرمانه من التمثيل القانوني المناسب وتعذيبه وحرمانه من الرعاية الطبية والحكم المطول بحقه ومعاقبته على إبداء آرائه بشكل سلمي مخالفا للقانون الدولي. كما اعتبر الفريق احتجاز السدحان تعسفي لكونه ناجم مباشرة عن ممارسة حقه في حرية التعبير، إثر إدانته بتهم لها صلة مباشرة بزعم السلطات إدارته لحسابين ساخرين على تويتر.
الفريق أكد أن نظام مكافحة الجرائم الإلكترونية يحتوي عبارات فضفاضة للغاية تسمح بتجريم التعبير السلمي ووضعها ضمن إطار الإرهاب. وأشار الفريق أيضًا إلى أن المادة 1 من نظام مكافحة الإرهاب تحتوي على تعريف فضفاض وغامض للجريمة الإرهابية، وأن هذه الأحكام تسمح بتجريم التعبير السلمي، إضافة إلى أن السدحان اتهم بارتكاب جرائم لم يكن منصوص عنها في القانون حينها، في انتهاك للقانون الدولي.
وطلب الفريق العامل من الحكومة السعودية الإفراج الفوري عن السدحان ومنحه التعويض المناسب، وفقًا للمعايير الدولية، داعيا إياها إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان الإفراج الفوري غير المشروط عنه. وحث الفريق العامل الحكومة السعودية على ضمان إجراء تحقيق كامل ومستقل في الظروف المحيطة بحرمان السدحان التعسفي من الحرية، وعلى اتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حقوقه.
كما طلب الفريق العامل من الحكومة السعودية أن تجعل قوانينها متوافقة مع الالتزامات التي قدمتها السعودية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. وأخيرا، أوصى الفريق العامل الحكومة السعودية بالانضمام إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن اعتقال عبد الرحمن السدحان وإخفائه قسريا غير قانونيين. وتنبه المنظمة من خطورة استخدام السعودية الممنهج والواسع النطاق لنظامي مكافحة جرائم الإرهاب ومكافحة جرائم المعلوماتية -بموادهما الفضفاضة- ضد الناشطين المعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان. كما تشير إلى أنه بناء على هذه القوانين، وبعد تعذيب ومحاكمات غير عادلة تصدر السعودية أحكاما تعسفية بالسجن ومنع السفر لسنوات وصولا إلى أحكام الإعدام. وتشدد المنظمة أن عدم تجاوب الحكومة السعودية مع مطلب الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة، يثبت مروق السعودية على القوانين الدولية الراسخة.