يلف الغموض مصير عدد من المعتقلين والمعتقلات في المملكة العربية السعودية في ظل انقطاع اتصالهم بعائلاتهم ومنع الزيارات، وذلك في ظل جائحة كوفيد 19 التي تُضاعف قلقهم. ففيما من المعتاد أن يتصل المعتقلين في سجون المباحث بشكل أسبوعي وأن تتم زيارة كل شهر، وخاصة بعد انتهاء فترة التعذيب أو التحقيق، رصدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إنقطاع عدد من المعتقلين عن الاتصال بالعالم الخارجي لمدة أشهر.
في 6 يونيو 2020 تلقت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان معلومات عن إصابة أحد المعتقلين في سجن مباحث الدمام بفيروس كوفيد 19، تحتفظ المنظمة بإسمه لحمايته من أي إجراءات انتقامية من قبل مسؤولي السجن، بينما لم تصرح الجهات الرسمية بوجود هذه الإصابة، كما إن هذه الحالة تثير الشكوك لحدوث حالات أخرى تتكتم عليها الحكومة. وفيما لا تزال أسباب المنع مجهولة، يتزايد الخوف على سلامة المعتقلين، ليس من جهة إحتمالية الإصابة بفيروس كورونا فحسب، بل بسبب ما باتت تُعرف به السجون السياسية خصوصا، من تعذيب وإهمال طبي، والتي شهدت ارتفاعا لأعداد موتى السجون في عهد الملك سلمان.
عائلة المدافعة عن حقوق الإنسان لجين الهذلول، المعتقلة منذ العام 2018، أكدت أيضا انقطاع أخبارها منذ قرابة 10 يونيو 2020، ومنعها من الاتصال بالعائلة من دون معرفة الأسباب، ما يعني مرور قرابة 50 يوما على انقطاعها التام حتى نشر هذا التقرير. وعلى الرغم من مناشدة العائلة للجهات الرسمية لمنح الهذلول حقها في التواصل مع عائلتها في ظل المخاوف على سلامتها وصحتها، لم يتم التجاوب معها.
وفي ظل ترويج هيئة حقوق الإنسان الرسمية السعودية ورئيسها عواد العواد لإطلاق مبادرات متعلقة بالتواصل الدولي لإبراز الإصلاحات في مجال حقوق الإنسان، يتجاهل إجابة عائلة الهذلول، التي اضطرت بعد نفاذ السبل للتواصل معه عبر تويتر لسؤاله عن وضع لجين.
عائلة الشيخ سلمان العودة المعتقل منذ سبتمبر 2017 والذي تطالب النيابة العامة بإعدامه، أكد نجله في 18 يونيو 2020 أن أبيه منقطع عن الإتصال منذ أكثر من شهر، ما يعني مرور قرابة 75 على انقطاعه حتى نشر هذا التقرير. وأشار نجل العودة، الدكتور عبدالله، إلى أن الأوضاع في سجن الحائر بالرياض مقلقة جدا، وأن منع الاتصال يضاف إلى المعاملة غير الإنسانية والظروف السيئة التي يعيشها الشيخ العودة.
وفي 22 يوليو أشار أبو بكر حسن المالكي، في تغريدة له عبر موقع تويتر، إلى أن الاتصالات مع والده الباحث حسن فرحان المالكي، الذي تطالب النيابة العامة بإعدامه، وأخوه العباس حسن المالكي، منقطعة منذ قرابة 3 أشهر، وذلك حتى كتابة هذا التقرير.
الشيخ سمير الهلال المعتقل منذ العام 2015، انقطع التواصل معه منذ أكثر من شهرين. والشيخ الهلال معزول عن العالم الخارجي منذ اعتقاله، حيث ترفض إدارة السجن فتح باب الزيارات للعائلة، كما أنه لم يتصل بشكل منتظم منذ اعتقاله. وفيما قالت إدارة السجن أن سبب منع الزيارات عن الشيخ الهلال هو عدم تعاونه مع التحقيق، فإن هيئة حقوق الإنسان الرسمية في الرياض أكدت أنها زارت الشيخ الهلال مرتين خلال شهر مايو 2016 وفبراير 2017، وأوضحت أنها رفعت خطاب لوزارة الداخلية يتضمن مجموعة من الطلبات، منها فتح زيارة وإتصال للضحية. إلا أن حقوقه لم تعطى كما ينبغي، ما يؤكد شكلانية عمل الهيئة.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن منع المعتقلين والمعتقلات من التواصل مع العائلات هو ضرب من ضروب سوء المعاملة، وأنه يزيد المخاوف على صحتهم وسلامتهم وخاصة في ظل الظروف المقلقة للجائحة، وفي ظل عدم أمان السجون.
وتشير المنظمة إلى أنه بدلا من أن توجد الحكومة السعودية سبلا لتخفيف المعاناة عن العائلات والمعتقلين في ظل انقطاع الزيارات، كما عمدت عدد من الدول وكما طالب مقررو الأمم المتحدة، خصوصا في ظل ظروف الجائحة، فإنها تعمل على مضاعفة المعاناة وزيادة المخاوف عبر عدم الإفراج عن المعتقلين تعسفيا وعبر قطع الإتصالات عن البعض. إن إنقطاع الإتصالات لفترات مطولة، يبعث على القلق، خصوصا مع تزايد أعداد ضحايا السجون في عهد الملك سلمان.