في 25 فبراير 2022، وقبل 15 يوما من إعلان المملكة العربية السعودية تنفيذ أكبر إعدام جماعي موثق في تاريخها، كان سبع خبراء لحقوق الإنسان من الأمم المتحدة قد أرسلوا رسالة إلى الحكومة السعودية طالبوها فيها بوقف إعدام أفراد كانوا ضمن ضحايا الإعدام الجماعي.
تجاهل الحكومة السعودية لرسالة المقررين لم يكن الأول، حيث أعدمت القاصر مصطفى الدوريش، بعد أيام من تلقيها رسالة أكدت انتهاك محاكمته لشروط العدالة.
الرسالة التي فصّلت في قضايا الشابين عقيل الفرج وأسعد شبر، دعت الحكومة السعودية إلى الوقف الفوري لأي خطوة قد يتم النظر فيها أو اتخاذها في الوقت الحالي تجاه إعدامهما باعتبار أن المعلومات تؤكد أنها قد تشكل إعدامات تعسفية. ودعا الخبراء إلى “إلغاء عقوبة الإعدام المفروضة عليهما” والتحقيق “بشكل جدي وكامل ودقيق وشامل في مزاعم التعذيب التي ربما تعرضوا لها والتأكد من إعادة محاكمتهم وفقًا للقانون والمعايير الدولية على وجه السرعة”.
الرسالة وقع عليها كل من المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو الإعدام التعسفي، الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات، المقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد ، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وبينت الرسالة التي وصلت إلى المقررين الخاصين في قضيتي كل من أسعد شبر وعقيل الفرج.
أسعد مكي شبر
في 28 أبريل 2017 تم اعتقال أسعد مكي شبر، وهو من الأقلية الشيعية دون إبراز أمر قضائي، واحتُجز لأكثر من عامين دون محاكمة، بما في ذلك الحبس الانفرادي. يُزعم أنه تعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وأُجبر على توقيع اعترافات.
في مايو 2019، وجهت إليه أمام المحكمة الجزائية المتخصصة تهم تتعلق بالإرهاب بموجب عدد من الأحكام القانونية، بما في ذلك قانون مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله.
في يناير 2021، حُكم عليه بالإعدام. أيدت محكمة الاستئناف المتخصصة الحكم في يوليو 2021، وفي 27 أغسطس 2021، بينما كانت القضية معلقة أمام المحكمة العليا وجه عدد من المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة نداءً عاجلاً إلى حكومة السعودية، مطالبين السلطات المختصة لضمان عدم إعدام شبر واتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمعالجة أي ادعاء بالتعذيب والاحتجاز التعسفي وانتهاك المحاكمة العادلة وضمانات الإجراءات القانونية الواجبة التي قد يكون قد عانى منها والدعوة على الأقل إلى إجراء محاكمة جديدة في إطار الامتثال الكامل للقواعد والمعايير القانونية الدولية . ووفقًا للمعلومات الجديدة الواردة في 12 فبراير 2022، صادقت المحكمة العليا على حكم الإعدام الصادر بحق السيد شبر.
عقيل حسن الفرج
في 25 ديسمبر 2013، ألقي القبض على عقيل بن حسن الفرج عند نقطة تفتيش في حي الناصرة في القطيف أثناء قيادته لمركبة يتبين أن فيها رقم الهيكل المعدَّل. نقل إلى مركز للشرطة واستُجوب لمدة ثلاث ساعات. احتُجز الفرج في الحبس الانفرادي لمدة شهرين ونصف تقريبًا زُعم أنه تعرض خلالها للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ولم يتمكن من التواصل مع أسرته أو العالم الخارجي.
وبحسب ما ورد، تعرض للضرب والصعق بالكهرباء وإطفاء السجائر على جسده ووضعه في زنازين شديدة البرودة. وأدى ذلك إلى تدهور في بصره وألم دائم في الظهر والمفاصل وضيق نفسي شديد. بعد قرابة خمس سنوات من اعتقاله، مثل الفرج أمام المحكمة الجزائية المتخصصة. بمجرد أن علم بالتهم الموجهة إليه وطلب النيابة العامة الحكم عليه بالإعدام، أصيب الفرج بانهيار عصبي.
وأثناء المحاكمة، أبلغ الفرج المحكمة أنه أُجبر على التوقيع على اعتراف تحت التعذيب. ومع ذلك ورد أنه لم يتم التحقيق في هذه الادعاءات. وبعد ثلاث جلسات عينت الحكومة محام للفرج لم يحضر سوى جلستين تاليتين في المحكمة. قررت الأسرة تعيين محامٍ جديد، ولكنه لم يتمكن من الوصول إلى المعلومات الكافية والوثائق اللازمة للدفاع بشكل كاف عنه. قدمت الأسرة التماسات إلى سلطات مختلفة، بما في ذلك الديوان الملكي على خلفية الانتهاكات التي تعرض لها. ولكن لم يتم الاستجابة لها.
رأي المقررين
المقررون الخاصون أبدوا مخاوفهم فيما يتعلق بقضية كل من أسعد شبر والفرج اللذان حكم عليهما “دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة”. وأوضح المقررون انتهاك القانون الدولي في القضايا من خلال عدم حصولهما على المساعدة القانونية اللازمة، وتعرضهما للتعذيب وسوء المعاملة.
وشدد المقررون على أنه عندما لا تكون عقوبة الإعدام محظورة قانونًا، لا يجوز فرض عقوبة الإعدام إلا بموجب حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة بعد الامتثال لمجموعة صارمة من المتطلبات الموضوعية والإجرائية وضمانات المحاكمة العادلة. وأكد المقررون على أن الحق في عدم الحرمان التعسفي من الحياة هو قاعدة من قواعد القانون الدولي العرفي، بالإضافة إلى أنه مبدأ عام للقانون الدولي وقاعدة من القواعد الآمرة، وبالتالي فإن أي حكم بالإعدام يتم فرضه بما يتعارض مع التزامات الدولة بموجب القانون الدولي هو بمثابة إعدام تعسفي وبالتالي غير قانوني.
المقررون الخاصون كرروا مخاوفهم فيما يتعلق بتشريعات السعودية لمكافحة الإرهاب بشكل عام، وقانون مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله بشكل خاص، بما في ذلك فترات احتجاز انفرادي تصل إلى تسعين يومًا، وفترات احتجاز قبل المحاكمة تصل إلى عام واحد ويمكن تمديدها، إلى جانب القيود الخطيرة على الحق في الاتصال بمحام وغير ذلك من معايير المحاكمة العادلة.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن الإجراءات الخاصة في الأمم المتحدة وخبراء حقوق الإنسان، بينوا بشكل واضح انتهاك السعودية للقانون الدولي ولالتزاماتها في قضيتي أسعد شبر وعقيل الفرج، وذلك قبل أيام من تنفيذ الإعدام الجماعي الذي شملهما. بالتالي فإن تجاهل مطالب ودعوات المقررين الخاصين هو استخفاف بالقوانين الدولية وبهيئات الأمم المتحدة، على عكس ادعاءات الحكومة السعودية. وترى المنظمة أن إعدام شبر والفرج و79 آخرين هو إعدام تعسفي بحسب تعريف المقررين الخاصين وتفنيدهم للمعطيات وانتهاك صارخ للحق في الحياة.