في سابقة غير معهودة، اعتقلت الحكومة السعودية في 26 مارس 2018، والدة ناشط سياسي. حيث داهمت قوات الحكومة السعودية منزل والدة اللاجيء السياسي المقيم في بريطانيا عبد الله الغامدي، السيدة المسنة عايدة الغامدي، واعتقلتها من منزلها في محافظة جدة، واعتقلت معها إبنها عادل، دون أي أمر قضائي، وإقتادتهم إلى مكان مجهول.
بالتزامن مع ذلك، وفي توسيع لإستهداف أسرة عبدالله الغامدي، قامت الحكومة السعودية أيضا بمداهمة منزل أخيه المقيم في محافظة الدمام، سلطان، واعتقلته عبر قوات أمنية ترتدي الزي المدني، واقتادته لمكان مجهول.
الناشط السياسي عبدالله الغامدي نشر بيانا بعد عملية الإعتقال، أشار فيه إلى أن سبب إعتقال والدته هو تقديمه هدية لها عبارة عن مبلغ مالي بسيط لايتجاوز الإحتياجات الإعتيادية.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، إن ما تعرضت له السيدة عايدة الغامدي، وولديها عادل وسلطان، هو إجراء تعسفي، يتضمن العديد من التجاوزات والإنتهاكات للقوانين السعودية والدولية.
تلجأ الحكومة بعد الإعتقال، إلى حرمان الضحايا من أغلب حقوقهم القانونية الهامة والضرورية، وتقوم بإرهابهم بالتهديد والتعذيب، وتجري معهم التحقيقات بدون محام، وفي أحيان يكون الإستجواب في أثناء ممارسة التعذيب، وتجبرهم على الموافقة على التهم عبر إكراههم على التصديق عليها أمام قاضي التصديق، وقبل هذا كله تتهم الضحايا عبر الإعلام التابع والرسمي، بتهم قطعية، قبل أي تحقيق أو محاكمة، ومع أولى لحظات الإعتقال، وتقوم بتشويه سمعة الضحايا، وذلك كما فعلت مع والدة الناشط الغامدي، مما يجعل أي تهم ومحاكمات، خارج نطاق العدالة.
ترجح المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن إعتقال والدة الغامدي، وإعتقال شقيقيه، هو إنتقام من النشاط السياسي المشروع الذي يمارسه. وترى المنظمة إن هذا الإعتقال يؤكد أن الدور الذي يقوم به جهاز رئاسة أمن الدولة، الذي أنشأه الملك سلمان في 21 يوليو 2017، ويرجع له مباشرة، هو دور قمعي وتعسفي، وليس دورا يمنح المواطنين الأمان أو يرعى القانون. يضم جهاز رئاسة أمن الدولة 5 جهات، بينها المديرية العامة للمباحث وقوات الأمن الخاصة وقوات الطوارئ الخاصة، والتي تعد الجهات الأكثر ضلوعا في الاعتقالات وانتهاكات حقوق الإنسان.
تبدي المنظمة قلقها من أن يكون إستهداف أسرة الغامدي، بداية لتكريس نهج في إستهداف عوائل النشطاء المهاجرين الذين فروا من القمع والإضطهاد والوحشية.
تؤكد المنظمة أن العقاب التعسفي للأبرياء من أقرباء المعتقلين، هو نهج متبع، وقد وثقته المنظمة في تقرير سابق، تناول منع أبناء الشيخ سلمان العودة من السفر، وإعتقال العباس إبن الشيخ حسن فرحان المالك، ولايمكن للضحايا الإنتصاف بسبب عدم وجود قضاء مستقل.
إن استمرار إعتقال الحكومة السعودية للسيدة عايدة الغامدي، هو تجاسر صارخ على القيم الإجتماعية والدينية، وعلى الأعراف المعتادة في البلاد. وكذلك من شأنه أن يعرض حالتها الصحية لمزيد من التدهور ويضع حياتها في خطر.
إن هذا الإنتهاك المشين بحق السيدة الغامدي، يأتي بعد أقل من شهر على مشاركة السعودية في أعمال لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي قدمت السعودية خلالها عددا من الإدعاءات في مجال حقوق المرأة، ليؤكد إن المرأة في السعودية لاتزال عرضة للقمع الحكومي، ورهينة في ميزان الإستبداد السياسي، وإن الخطابات الحقوقية التي تقدمها السعودية في المحافل الدولية، بعيدة بشكل واضح، عن واقع المرأة في البلاد.