أدانت الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان حكومة المملكة العربية السعودية في تقريرها حول قانون مكافحة الإرهاب في المملكة. وتبيّن للخبراء في مجال حقوق الإنسان أن القانون “يهدف إلى الحد من الحريات الأساسية والمبادئ الجوهرية للقانون الدولي لحقوق الإنسان” إذ “قد يُستخدَم لتشديد القيود على الأنشطة المشروعة والتي تتمتّع بحماية دولية التي تمارسها بعض المجموعات السياسية أو الدينية”.
صدر التقرير عن المقرر الخاص المعني بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب، والمقرر الخاص المعني بحريّة التعبير وغيرهم، ونُشر في 17 كانون الأول/ديسمبر 2020. وأتى التقرير في أعقاب سلسلة الإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة السعودية على مدار العام بهدف تحسين وضع حقوق الإنسان في المملكة بشكل جذري، ولكنها بقيت حبرًا على ورق منذ إقرارها. ضمّ تقرير الأمم المتحدة 25 صفحة، وفاق بطوله قانون مكافحة الإرهاب السعودي المعني الذي صيغَ بلغة مبهمة ومختصرة، وقدّم تحليلًا شاملًا للقانون وسلّط الضوء على جوانبه التي تنتهك مبادئ حقوق الإنسان الدولية الراسخة.
في خلال وصف آثار القانون على حرية التعبير مثلًا، أفاد التقرير أن المتطلبات التي يفرضها القانون تفتقر جميعها إلى مبرر ملائم بموجب القانون الدولي، على غرار إرغام المواطنين على إعلان “الولاء للملك” بموجب المادة 6 أو إلزام “وسائل الإعلام الجماهيري ووسائل التعبير الأخرى استخدام لغة تحترم الآداب والأصول”.
ووجّه التقرير نقدًا لاذعًا لاستثناءات القانون لمتطلبات الإجراءات القانونية الواجبة وأشار إلى أن السلطة التنفيذية “تتمتّع بسلطة مطلقة وغير مقيّدة تقريبًا” عند التعامل مع مكافحة الإرهاب. ولفت التقرير إلى أن القانون قد يُستخدَم تعسفيًا لملاحقة أي شخص أو اعتقاله أو تجريمه، حتى لو اقتصرت تهمته على عدم الولاء. وفي هذا الصدد، أفاد التقرير أن القانون “لا يمت إلى الإرهاب أو التطرف العنيف بصلة” على ما يبدو، بل قد تستخدمه السلطات لمعاقبة الأفراد الذين يعبرون عن “انتقادات مشروعة” للحكومة السعودية.
يتماشى التقرير مع النتائج التي نشرتها منذ عام 2015 المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان (ESOHR) وثلاث منظمات أخرى تُعنى بحقوق الإنسان، وقد كشفت آنذاك وما زالت أن قانون مكافحة الإرهاب بنسختيْه السابقة والحالية يُستخدم لانتهاك حقوق الإنسان وقمع حرية التعبير والحق في التجمّع. ووثّقت المنظمة منذ إقرار القانون في عام 2014 الحالات التي استُخدم فيها لاعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان، ومحاكمة المعارضين السلميين، وإعدام منتقدي الحكومة السعودية. صرّح جيمس سوزانو، مدير الشؤون القانونية في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، قائلًا: “استُخدم قانون مكافحة الإرهاب لعام 2017 بطريقة مريعة في المملكة، إذ جرّم بشكل أساسي عدم الولاء وعاقب حتى أبسط أشكال المعارضة.
وعلى الرغم من الإصلاحات الأخرى التي تعد بها السعودية، من الواضح أن علاقة الحكومة بهذا القانون لا تبشّر بأي تغيير على ما يبدو. تأكدّوا أن الحكومة ستعاقب كل من يجرؤ على التعبير عن رأيه الخاص، بغض النظر عن الإصلاحات التي قد تقرّها.” وأفاد طه الحاجي، المستشار القانوني في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، قائلًا: “ليست نسخة عام 2017 من قانون مكافحة الإرهاب سوى واجهة لتجميل قانون جائر أُقرّ في عام 2013 – ولا يُعدّ استخدامها لتجريم المعارضة وإعدام منتقدي الحكومة السعودية أمرًا جديدًا. لقد رأت الأمم المتحدة أخيرًا القانون على حقيقته وهذا أمر جيّد. أما الآن، فلا بدّ من التصرّف. بعدما أصبح هذا التقرير بمتناول اليد المجتمع الدولي، عليه الآن أن يتّخذ الإجراءات بحق المملكة العربية السعودية ويرغم الحكومة على احترام المبادئ الدولية لحقوق الإنسان”.