أعرب الفريق العامل المعني بالاعتقال التعسفي في الأمم المتحدة، عن استيائه وغضبه من تنفيذ المملكة العربية السعودية حكم الإعدام بحق كل من عبد الكريم الحواج ومنير آل آدم، كجزء من مجزرة أبريل المروعة التي شملت 37 شخصًا في 23 أبريل 2019، وخاصة أنه كان قد دعا على وجه التحديد إلى ضمان سلامتهم الجسدية والعقلية في أغسطس 2018.
وفي رأي أصدره الفريق العامل في 9 أكتوبر 2019، أشار إلى أن مجلس حقوق الإنسان كان قد طلب من الدول في قراره رقم 33/30 الذي صوتت السعودية لصالحه، أن تراعي آراء الفريق العامل، وعند الاقتضاء أن تأخذ الخطوات المناسبة لتصحيح وضع الأشخاص المحرومين تعسفاً من حريتهم، وهذا ما خالفته الحكومة السعودية بقتلها لآل أدم والحواج، رغماً عن تصويتها السابق على القرار.
وأوضح الفريق العامل أنه بينما يمكن معالجة حالة الاحتجاز التعسفي بالإفراج عن المحتجز وتقديم تعويضات مناسبة له، فإن إعادة شخص ما من الموت غير ممكن، وهذا ما يطرح تساؤلاً حول ما إذا كان تنفيذ أحكام إعدام بحق حالات ما زالت تحت النقاش بين الأمم المتحدة والسعودية، متوافقا مع التزامات السعودية الدولية، كدولة عضو في الأمم المتحدة. كما شدد على أن السعودية ملزمة باحترام وحماية وإعمال الحق في الحرية وفقا للمعايير الدولية.
الفريق العامل أشار في الرأي الذي أصدره، إلى أنه خلال 28 عاما من عمله، انتهكت السعودية التزاماتها الدولية في حوالي 60 قضية، وأنه كان قد ألمح في قرارات سابقة، إلى أنه “في ظل ظروف معينة، قد يشكل السجن على نطاق واسع أو منهجي أو غيره من أشكال الحرمان الشديد من الحرية، بما ينتهك قواعد القانون الدولي، جرائم ضد الإنسانية”.
حيثيّات القضية:
أشار الفريق العامل في قراره الصادر إلى أن عبد الكريم الحواج ولد في 19 نوفمبر 1995، ويشير تاريخ التهم الموجهة له بإنه كان قاصراً في حينها، فيما ولد منير آل آدم في 24 أغسطس 1992، وكان يعاني من إعاقة سمعية.
أوضح القرار حيثيات القضيتين، والانتهاكات التي انطوت عليهما، ومن بين ذلك إخضاع المعتقلين للتعذيب وحرمانهما من الحق في المحاكمة العادلة، كما أشار إلى أن التهم التي وجهّت إليهما، وكان من بينها ما يتعلق بالتعبير عن الرأي والمشاركة في مظاهرات، أفضت في 2017 إلى تأييد المحكمة العليا لأحكام الإعدام الصادرة بحقهما.
في 2 أغسطس 2018، أرسل الفريق العامل شكوى إلى السعودية حول قضيتيهما، طالبا منها أن تقدم بحلول 1 أكتوبر 2018 معلومات مفصلة عن قضية الحواج وآل آدم، وأي تعليقات تتعلق بما تعرضا له من إنتهاكات، داعياً الحكومة في الضمن، إلى ضمان سلامتهما الجسدية والعقلية.
في سبتمبر 2018 ردت الحكومة السعودية على الفريق العامل نافية تعرض عبد الكريم الحواج للإخفاء القسري، مدعيةً أن مراكز الاحتجاز تخضع للرقابة، وأنه فقط منع من الاتصال بالعالم الخارجي لفترة محددة لصالح التحقيق، كما أنكرت تعرضه للتعذيب، مؤكدة تجريم التعذيب في القوانين السعودية.
وفيما يتعلق بحقيقة أن الحواج كان يبلغ من العمر 16 عامًا وقت ارتكاب جرائمه المزعومة، قال السعودية أنه كان يتحمل المسؤولية الجنائية الكاملة في ذلك الوقت، لأنه وصل إلى العمر القانوني وفقا للشروط المحلية، وهذا ما يتناقض مع التزامات الحكومة السعودية وفقا لاتفاقية حقوق الطفل التي انضمت إليها في 1996. رد السعودية قال أن الحواج حصل على حقه في الدفاع عن نفسه وأن القضاة لا يكتفون بالاعترافات بل يعتمدون على أدلة أخرى لإصدار الحكم.
وفي معرض ردها أنكرت الحكومة السعودية أنها تمارس أي تمييز ضد الأقلية الشيعية، وقالت إن جميع المواطنين مسلمين وأنهم يتمتعون بحقوق متساوية بغض النظر عن طوائفهم، مدعية أن التمييز جريمة تستوجب العقوبة.
وفيما يتعلق بقضية منير آدم، أنكرت السعودية إنه من ذوي الإعاقة، رغم فقدانه للسمع بشكل كامل في إحدى أذنيه، وذلك نتيجة ماتعرض له من تعذيب.
مناقشة الفريق العامل (9 أكتوبر 2019):
فيما يتعلّق بانطباق اتفاقية حقوق الطفل على قضية عبد الكريم الحواج، أشار الفريق العامل إلى أن لجنة حقوق الطفل حثت الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الطفل على مراجعة التشريعات القائمة لضمان حصول جميع الأطفال حتى سن 18 على الحماية التي يحتاجونها، وأشار إلى أن اللجنة كانت قد أعربت عن قلقها للحكومة السعودية بسبب السلطة التقديرية التي يتمتع بها القاضي في تقرير سن الرشد عن الطفل. واعتبر الفريق العامل أن الحكومة السعودية لا يمكنها الانسحاب من التزاماتها الدولية بموجب الاتفاقية في مسألة عمر الحواج.
وفيما يتعلق بانطباق اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على حرمان السيد آل آدم من الحرية، أشار الفريق العامل إلى أن لجنة الأشخاص ذوي الإعاقة اعتبرت أن التشريعات السعودية في تعريف الأشخاص ذوي الإعاقة تتعارض مع اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة، كما أن الحكومة لم تقدم أي مبرر أو أدلة طبية أو أي نوع آخر من المواد لإثبات حجتها بأن ضعف سمع السيد آدم وفقدانه السمع في إحدى أذنيه، لا يمثل “إعاقة” بحسب الاتفاقية.
الخلاصة:
- انتهى الفريق العامل إلى أن الحرمان من الحياة لعبد الكريم الحواج، خالف المواد 3 و 5-11 و18-19 و 20 (1) و 25 (1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمواد 2 و 13 (1) و 14 (1) و 15 (1) و 24 (1) و 37 و 40 (2) (أ) و (ب) (ط) ) – (4) من اتفاقية حقوق الطفل. كما اعتبر الرأي أن الاعتقال والقتل كان تعسفيا، ويقع ضمن الفئات الأولى والثانية والثالثة والخامسة من الحالات التي يعتبر فيها الاعتقال تعسفيا بحسب معايير الفريق العامل.
- وأن الحرمان من حياة وحرية منير عبد الله أحمد آل آدم ، يخالف المواد 3 و 5-11 و18-19 و 20 (1) و 25 (1) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسانK والمواد 3 (ب) و 10 و 12 (1) و 14 (1) و 21 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وأن الاعتقال والقتل كان تعسفيا ويقع ضمن الفئات الأولى والثانية والثالثة والخامسة من الحالات التي يعتبر فيها الاعتقال تعسفيا بحسب معايير الفريق العامل.
- طالب الفريق العامل الحكومة السعودية اتخاذ خطوات لعلاج وضع آل آدم والحواج بما يتوافق مع المعايير الدولية، وأنه في هذه الحالة فإن سبيل الانتصاف هو منح أسرتي السيد الحواج وآل آدم حقاً قابلاً للإنفاذ في التعويض.
- حثّ الفريق العامل الحكومة على ضمان إجراء تحقيق كامل ومستقل في الظروف المحيطة بالحرمان التعسفي من الحرية للسيدان الحواج وآل آدم واتخاذ التدابير المناسبة ضد المسؤولين عن انتهاك حقوقهم.
- طلب الفريق العامل من الحكومة مراجعة قوانينها، ولا سيما تلك المتعلقة بفرض عقوبة الإعدام، والسلطة التقديرية الممنوحة للقضاة لتحديد سن الرشد، وعمل المحكمة الجزائية المتخصصة، وعمل جهاز المباحث العامة، لضمان كونها تطبق شروط المحاكمات العادلة وفقا لالتزامات السعودية في القوانين الدولية، وتدوين مبادئ العقوبات التي تترك حاليا للتقدير وفقا للقضاة.
- أوصى الفريق العامل الحكومة بالتصديق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وكذلك بروتوكوليها الاختياريين.
- طلب الفريق العامل من الحكومة السعودية نشر هذا الرأي من خلال جميع الوسائل المتاحة وعلى أوسع نطاق ممكن.
إجراءات المتابعة
وفقاً للفقرة 20 من أساليب عمله، طلب الفريق العامل إلى المصدر والحكومة، تزويده بمعلومات عن الإجراءات المتخذة في متابعة التوصيات المقدمة في هذا الرأي، بما في ذلك إذا كان قد تم تقديم تعويضات أخرى لعائلتي الحواج وآل آدم، وما إذا كان قد تم إجراء تحقيق في الانتهاكات، وإذا ما حصل مشاركة لنتيجة التحقيق. كما طلب معرفة إذا ما كانت قد أجريت أي تعديلات تشريعية أو تغييرات في الممارسة لموائمة قوانين وممارسات السعودية مع التزاماتها الدولية بما يتماشى مع هذا الرأي.
ترحّب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بالرأي الذي أصدره الفريق العامل في قضية كل من عبدالكريم الحواج ومنير آل آدم، معتبرة أنه أوضح حقيقة تعامل الحكومة السعودية مع الآليات الأممية وانتفاء الادعاءات التي تسوقها حول احترامها للقوانين والالتزامات الدولية. وتؤكد المنظمة على ضرورة الاستمرار باجراءات المتابعة التي طالب بها الفريق العامل، خاصة أن المعاناة لم تنته مع استمرار احتجاز جثمانيهما، إلى جانب 81 جثماناً لأفراد أعدموا أو قتلوا خارج نطاق القضاء.