في إطار ممارسات الحكومة السعودية الإنتقامية، من المطالبين بالعدالة الإجتماعية والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء، وتضييقها المتزايد على التعبير عن الرأي، تستمر الحكومة السعودية بإعتقال المواطن محمد آل عبيد ، فيما يبدو إنه إنتقام من نقاش قصير جرى بينه وبين ولي العهد السعودي ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.
وآل عبيد (12 أكتوبر 1978)، هو أستاذ في المرحلة الثانوية في مدرسة ابن القيم بمدينة سيهات في محافظة القطيف، كان قد أعتقل يوم الأربعاء 20 من يناير 2016، بشكل تعسفي، ومن دون أي إستدعاء مسبق أو تقديم مذكرة إعتقال، من داخل المدرسة التي يعمل فيها مدرساً للغة العربية، بعد إقتحام ثلاث أفراد مسلحين من قوات المباحث العامة للمدرسة.
فور إعتقاله عمدت حسابات في موقع التواصل الإجتماعي تويتر، إلى نشر إشاعات تتهم آل عبيد بحيازة السلاح داخل منزله، رغم أن القوات الأمنية لم تفتش المنزل. تنسجم هذه الحسابات عادة مع آراء وتوجهات جهاز المباحث السعودية، ويلحظ مراقبون لهذه الحسابات، إن من مهامها أحيانا تهيئة الرأي العام، أو صناعة إنطباعات تخدم القمع الذي تمارسه وزارة الداخلية.
منع آل عبيد من التواصل مع عائلته بعد إعتقاله، كما منع من مقابلة أي شخص، إلا أنه وبعد متابعات أسرية مكثفة لإدارة سجن مباحث الدمام، سمح له بالتواصل الهاتفي لمرة ولمدة قصيرة جدا، ما أكد لهم وجوده في سجن مباحث الدمام، وتعرضه لتعذيب.
ومع تعيين محامي له، إلا إنه لم يتم السماح لهم بالتواصل، على الرغم من محاولة الحكومة لرسم صورة فعالة عن دور ومكانة المحامي، وذلك في تقاريرها المتنوعة التي تقدمها لمجلس حقوق الإنسان.
بعد 77 يوم من الإعتقال، وفي 7 أبريل، 2016، إتصل آل عبيد بزوجته لمدة 5 دقائق. وفي 11 أبريل كانت أول زيارة لعائلته، أوضحت الزيارة تعرض آل عبيد لتعذيب شديد انطوى على قدر كبير من الألم، كما إنه فقد من وزنه منذ الإعتقال بشكل ملحوظ.
منذ مايو العام 2015، وقبل اعتقاله، تعرض آل عبيد لسلسلة من المضايقات من قبل السلطات السعودية على خلفية حوار قصير جرى بينه وبين ولي العهد السعودي محمد بن نايف.
وكان محمد آل عبيد قد انتقد آداء الحكومة السعودية في معالجة الإرهاب، بعد التفجير الذي ضرب مسجد الإمام علي في مدينة القديح في 22 مايو 2015، والذي نتج عنه 23 قتيلا، كان شقيق آل عبيد أحدهم، وذلك خلال لقاء للعزاء جمع بين ذوي الضحايا وبين ولي العهد، قال فيه لولي العهد: أنه في حال لم تقم الدولة بدورها في حماية الشعب فهي شريكة في هذا الجرم. ولي العهد السعودي لم يبدو عليه التقبل لما قاله آل عبيد، وإعتبره منفعلا، مؤكدا أن الدولة قائمة بدورها وأن أي شخص يحاول أن يقوم بدور الدولة سوف يحاسب.
بعد هذه الحادثة بشهرين استدعت الشرطة آل عبيد، حيث تم سؤاله عن دوره في تنظيم مراسيم دفن وعزاء ضحايا التفجيرات الإرهابية، كما تم سؤاله حول أسباب ما قاله لولي العهد خلال العزاء، حيث أكد آل عبيد إن ذلك ناتج عن ردة فعل بعد وفاة أخيه.
ورغم أن السلطات السعودية لم توجه تهما بعد إلى المعتقل محمد آل عبيد، إلا إن المعطيات ترجح إن نقاشه مع ولي العهد، يرجح أن يكون سبباً رئيسيا أو وحيداً، خصوصاً مع عدم وجود أي نشاط حقوقي أو سياسي له.
وفي ظل عدم إستقلالية النظام القضائي في السعودية، والصلاحيات الواسعة التي تمتلكها وزارة الداخلية ووزيرها محمد بن نايف، فإن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإتسان تبدي مخاوفها على مصير المواطن محمد آل عبيد، وتؤكد إن اعتقاله انطوى على إنتهاكات لعدد من القوانين المحلية والدولية.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تطالب السلطات السعودية بضمان عدم تعرض أي معتقل للتعذيب، وتدعوها إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقل محمد آل عبيد، وعن كافة المعتقلين على خلفية تعبيرهم عن رأيهم.