استضافة السعودية لكأس العالم: نقطة سوداء في سجل الفيفا

12 ديسمبر، 2024

في 11 ديسمبر 2024، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن فوز المملكة العربية السعودية باستضافة كأس العالم 2034 رسميا. وكانت الفيفا قد أعلنت حصول السعودية على أعلى تقييم فني في تاريخ ملفات استضافة البطولة. ومع أن الفيفا تتبنى معايير حقوق الإنسان كجزء من عملية اختيار الدول المضيفة، فإن اختيار السعودية يبرز تناقضاً واضحاً بين الالتزامات المعلنة والواقع الفعلي.

التزامات الفيفا والمعايير الدولية
تتضمن سياسة حقوق الإنسان التي أطلقتها الفيفا في يونيو 2017 مبادئ دولية لضمان احترام حقوق الإنسان في جميع مراحل تنظيم البطولة. وتشمل هذه المبادئ احترام الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية ذات الصلة. وعلى الرغم من كشف التقارير الحقوقية عن انتهاكات مستمرة في السعودية تجعلها غير مؤهلة لاستضافة حدث عالمي بهذا الحجم، تم اختيارها لاستضافة بطولة العام 2034.

التوافق مع المبادئ الدولية لحقوق الإنسان

على الدولة المضيفة أن تلتزم، نظرياً، بمعايير حقوق الإنسان الدولية، بما في ذلك الاتفاقيات المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وحماية العمال. ورغم أن السعودية صادقت على عدد من هذه المعاهدات، مثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية مناهضة التعذيب، فإن تقارير الأمم المتحدة والمراجعات الدورية تؤكد انتهاكات ممنهجة لهذه الالتزامات.

وتعد السعودية من بين الدول الأكثر تنفيذاً لعقوبة الإعدام، إذ سجلت أكثر من 300 حالة منذ بداية عام 2024، بينها أكثر من 100 لعاملين أجانب و8 سيدات. وتستمر السعودية في تنفيذ أحكام الإعدام على جرائم لا تصنف كأشد خطورة بموجب القانون الدولي، بالإضافة إلى تهديد حياة القاصرين.

حقوق العمال

على الرغم من الإعلان عن إصلاحات لنظام الكفالة، لا تزال السعودية تطبق هذا النظام على عدد كبير من المهن، وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة شكلاً من أشكال العبودية الحديثة. ومع توقع تنفيذ مشاريع ضخمة للبنية التحتية استعداداً لكأس العالم، قد تتفاقم الانتهاكات بحق العمال، لا سيما مع غياب قوانين تحميهم من سوء المعاملة أو تضمن لهم بيئة عمل آمنة.

التمييز

تنص معايير الفيفا على رفض التمييز بجميع أشكاله، سواء على أساس العرق، الدين، الجنس، أو الأصل. إلا أن الممارسات في السعودية لا تزال تتيح التمييز بين الجنسين. وكانت لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة قد أكدت خلال مراجعتها الأخيرة أن العديد من التشريعات تنتهك اتفاقيّة القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة التي تعد السعودية طرفا فيها، وأنّ النظام المحلّي لا يقدّم تعريفًا للتمييز ضدّ المرأة. إضافة إلى ذلك،  تُظهر تقارير متكررة استمرار التمييز ضد الأقليات بحيث تحرم من ممارسة شعائرها.

حرية التعبير

تشدد معايير الفيفا على احترام حرية التعبير، خصوصاً للصحفيين والمشاركين خلال البطولة. ومع ذلك، تصنف السعودية كواحدة من أكثر الدول قمعاً لحرية الرأي، حيث تنعدم وسائل الإعلام الحرة والمستقلة، فيما تعج السجون بمعتقلي الرأي الذين يواجهون أحكاما مشددة تصل إلى عقود من السجن.

المشاركة المجتمعية

تتطلب المعايير مشاركة المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في مراقبة الالتزام بحقوق الإنسان أثناء تنظيم البطولة. إلا أن السعودية تجرّم نشاط المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان وتمنع وجود منظمات حقوقية محلية.

إضافة إلى ذلك، من المفترض أن يتم مراقبة التزامات الدولة المستضيفة لكأس العالم خلال وبعد الحدث، وهو ما لا يمكن أن يحدث في ظل عدم وجود سبل المراقبة والمسائلة في الداخل. تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أنه على الرغم من الانتهاكات الواضحة، اعتبرت الفيفا أن السعودية مؤهلة لاستضافة كأس العالم، ما قد يعتبر تواطؤاً مع النظام القمعي.
إن استضافة السعودية لكأس العالم تنسف ادعاءات الفيفا بأن البطولات الرياضية الكبرى يمكن أن تعزز حقوق الإنسان. وفي ظل الأرقام الصادمة للإعدامات، والتعذيب، وغياب الحريات، يصبح السؤال ليس فقط عن فعالية المعايير بل عن مصداقية الاتحاد الدولي لكرة القدم في الالتزام بها.
ترى المنظمة أن منح السعودية فرصة استضافة كأس العالم يعكس تناقضاً صارخاً بين ادعاءات الفيفا حول تعزيز حقوق الإنسان وواقع الانتهاكات المستمرة، وتطالب المنظمة بمراجعة شفافة ومستقلة لعملية الاختيار، مع التأكيد على أهمية محاسبة الدول المضيفة على

AR