تستمر السعودية في حرمان 15 معتقلا ومعتقلة من حقوقهم القانونية، بعضهم في حالة إختفاء قسري، ما يثير القلق حول تعرضهم التعذيب وللمعاملة القاسية والمهينة. ففي 4 أبريل 2019 بدأت حكومة المملكة العربية السعودية سلسلة جديدة من حملات القمع، حيث شنت إعتقالات طالت كتابا ومدونين ونشطاء وصل عددهم بحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى خمسة عشر، إضافة إلى تردد أنباء عن وجود أعدادٍ أخرى وفق مصادر متنوعة.
عدد من المعتقلين كان يعبر في أوقات سابقة عن آرائه في شؤون تتعلق بالإصلاح وبحقوق الإنسان وحقوق المرأة عبر وسائل التواصل الإجتماعي والمقالات والكتب، إلا أنه وبسبب تصاعد القمع في عهد الملك سلمان وإبنه، توقفوا منذ فترات طويلة.
هذه الإعتقالات زادت من عدد النساء المعتقلات، حيث شملت الطبيبة شيخة العرف زوجة المحامي والناشط عبد الله الشهري الذي اعتقل معها في الليلة ذاتها بعد مداهمة منزلهما في الرياض. كما أُعتُقِلت الكاتبة خديجة الحربي بمعية زوجها الكاتب والناشط في مواقع التواصل الإجتماعي ثمر المرزوقي.
إضافة إلى ذلك، فإن من بين المعتقلين صلاح الحيدر، نجل المدافعة عن حقوق الإنسان عزيزة اليوسف، التي أُفرج عنها مؤقتًا قبل أيام قليلة من إعتقاله، بعد أكثر من 10 أشهر قضتها في السجن إلى جانب مدافعات أخريات. ومن بين المعتقلين أيضاً عبد الله الدحيلان، وهو صحفي وروائي ومدافع عن الحقوق الفلسطينية، وفهد أبا الخيل الذي ناصر حملة قيادة النساء للسيارات، والكاتب نايف الهنداس، والكاتب والمصور رضا البوري.
كما إن من بين المعتقلين الكاتب الدكتور بدر الإبراهيم، والكاتب محمد الصادق الذين أعتقلوا من منازلهم في الرياض بعد أن تم تفتيشها ومصادرة أجهزتهم الإلكترونية. إضافة إلى ذلك أعتقل ضمن الحملة الروائي والمترجم أيمن الدريس وهو زوج الناشطة النسوية ملاك الشهري، والكاتب علي الصفار الذي اعتقل بعد أن تم إستدعاؤه من قبل مركز الشرطة في محافظة القطيف، والمؤلف يزيد الفيفي، والكاتب والروائي مقبل الصقار.
وبحسب معلومات المنظمة، فإن معظم المعتقلين كانوا قد تعرضوا منذ أكثر من شهر لفرض حظر سفر تعسفي، وهو ما يشير إلى أن الحكومة السعودية كانت تخطط لهذه الإعتقالات. وعلى الرغم من مرور أكثر من أسبوعينأكثرهم، لايزال مكان حبسهم غير معروف، كما لم تعرف طبيعة التهم الموجهة ضدهم، ولا توجد أي معلومات تشير إلى أن أي منهم قد حصل على أي من حقوقه القانونية، ومنها على الأقل مرافقة محام له أثناء جلسات التحقيق، رغم إدعاءات السعودية بشكل متكرر بضمانها حقوق المعتقلين. إن عدم سماح السعودية بوجود المحامي إلى جانب المعتقلين السياسيين، يوفر لها إمكانية أوسع لمارسة إساءة المعاملة والتجاوزات والتعذيب، في ظل سياسة راسخة من الإفلات من العقاب، يرعاها ملك البلاد وولي عهده، حيث تعود لهم وبشكل مباشر أهم الأجهزة الضالعة في القمع، ومنها جهاز رئاسة أمن الدولة والنيابة العامة.
تضع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان هذه الإعتقالات في سياق حملات الحكومة السعودية القمعية ضد مختلف فئآت المجتمع، وكل من يعبر عن رأيه ويطالب بالإصلاح وحقوق الإنسان. كما ترى المنظمة إن السعودية ومن خلال هذه الإعتقالات تبعث رسالة تخويف وتذكير مستمرة، بوجود خطر الإعتقال على الكثيرين من أبناء الشعب، حتى لو توقفوا عن إبداء الرأي والتعاطي بالشأن العام. وبحسب متابعات المنظمة ورصدها لإنعكاسات القمع على الشعب، فإن هناك شعوراً متصاعدا لدى فئآت متعددة بوجود خطر على الأمن الشخصي، قد يقع في أي لحظة دون سابق إنذار. إن الحكومة قد نجحت في جعل بعض أبناء الشعب، يرون أنهم قد ينضمون في لحظة ما، لضحايا القمع في البلاد.
وفي ظل التقارير التي أكدت تعذيب المعتقلات في حملة مايو 2018، وإستخدام التعذيب في السجون السعودية بشكل منهجي ومتصاعد، على يد جهاز رئاسة أمن الدولة، فإن المخاوف تتضاعف على سلامة معتقلي إبريل 2019.
إن المنظمة تبدي قلقها البالغ على سلامة المعتقلين والمعتقلات، في ضمنهم الكاتبة خديجة الحربي الحامل في شهور متقدمة. وتشير إلى أن السعودية لم تسمح بزيارة بعض مقرري الأمم المتحدة، من بينهم المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، رغم 4 طلبات للزيارة بدأ بتقديمها منذ 2006 دون أي تجاوب حتى اليوم من قبل السعودية.
وترى المنظمة أن السعودية من خلال هذه الحملة، وعبر مافيها من إعتقالات تعسفية وإخفاء قسري من جهة، وحرمان للمعتقلين من حقوقهم القانونية وعدم السماح للمقرر الخاص المعني بالتعذيب بزيارة البلاد من جهة أخرى، تغلق وبشكل كامل كافة المنافذ القانونية التي يمكن أن يستعين بها الضحايا. إن سبيل الإنتصاف الأول هو الإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي.