تحدثت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عن آثار عقوبة الإعدام على القاصرين في المملكة العربية في ندوة أمام المؤتمر الإقليمي الرابع الذي أقامته “منظمة معا ضد الإعدام”.
وفي كلمة ألقتها الباحثة الرئيسية في المنظمة دعاء دهيني، في 12 يوليو 2023، أشارت إلى أنه قبل ساعات من انعقاد الجلسة، تلقت المنظمة خبر مصادقة المحكمة العلياا على أحكام قتل بحق أحد القاصرين،وهو ما يجعل الخطر على حياته وشيكا.
دهيني أشارت إلى أنه من المفترض أن يكون كل شخص يواجه تهما حصلت حين كان قاصرا، محميا من الإعدام بموجب قانون الأحداث. على الرغم من ذلك، فإنهم ينتظرون سنوات في طوابير الإعدام، مع كل وعد تأمل العائلات خيرا، ومع كل تغيير تتامل أن يصبح الأفراج عنهم قريبا، لكن للأسف تتم مصادقة أحكامهم بشكل نهائي دون تبليغ رسمي وينتظرون الإعدام الذي قد ينفذ في أي لحظة بشكل سري من دون حتى الحصول على حق الوداع.
وأوضحت الكلمة أنه خلال السنوات السبع الماضية أعدمت السعودية 12 قاصرا على الأقل. الانتهاكات والتعذيب الذي طالت القاصرين لم تنته مع تنفيذ العقوبة، فبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان لم يتم تسليم جثامين القاصرين الذين تم إعدامهم إلى عائلاتهم، في ممارسة واضحة للتعذيب النفسي بحقهن.
وأشارت دهيني إلى أن أمهات القاصرين تنتظرن حتى اليوم الحصول على حقها في الدفن، وتتحدثن بحرقة عن عدم قدرتهن على وداع أولادهن الذين عوقبوا على جرائم حصلت حين كانوا أطفالا، ولا زال الألم مستمرا مع عدم معرفتهن مكان الدفن ومصير الجثمان.
الكلمة أكدت أن الإعدام لا ينهي حياة المحكوم فقط بل يؤثر على حياة آخرين مرتبطة به، بينهم أيضا قاصرين هم أطفال المحكومين.
وأشارت دهيني إلى أن إتفاقية حقوق الطفل تنص على عدد من الحقوق التي على الدول التي لا زالت تنفذ عقوبة الإعدام أن تتنبه لها، لأطفال المحكومين، وهي المادة 3: ضرورة مراعاة وحماية مصلحة الطفل الفضلى، والمادة 19 التي تؤكد على الحق في عدم التعرض للعنف، والمادة 20 حق الطفل في الحصول على حماية مساعدة خاصتين من الدولة في حال حرمانه من بيئته الأسرية.
وأشارت إلى أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان أكدت في عدة بحوث لها على أن إعدام أحد الوالدين قد يؤثر على صحة الطفل بطرق عديدة منها تعرضه لصدمة عاطفية تخلّف أضراراً طويلة الأمد على صحته العقلية. وأشارت كذلك إلى أن أطفال المحكوم عليهم بالإعدام قد يتعرضون للتمييز، ولا سيما إذا كانت جريمة الوالد أو الوالدة معروفة عند العامّة لأسباب شتى كظهورها في وسائل الإعلام. وهناك أيضاً أدلة تثبت أن الفئات الفقيرة وبعض الأقليات العرقية والإثنية والدينية تتأذى أكثر من غيرها من عقوبة الإعدام. وعليه، فقد يشعر الطفل بأنه يتعرض للتمييز بسبب عرقه أو دينه أو وضعه الاقتصادي، ونتيجة الوصم الذي يتعرض له جرّاء حكم الإعدام المنزل بأحد والديه.
الكلمة أكدت أن العديد من أحكام الإعدام المنفذة، تبين عدم اكتراث السعودية لحقوق الطفل في تنفيذها وخاصة في أحكام الإعدام بحق المعتقلين الساسيين. إضافة إلى ذلك، فإن الامتناع عن إبلاغ أفراد الأسر باقتراب موعد الإعدام يتنافى مع المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ويشكل معاملة لا إنسانية أو قاسية، كما أن إحاطة هذا الموعد بالسرية يشكل انتهاكاً لحق الطفل في الحصول على معلومات عن الأحكام الصادرة في حق أهله بموجب الفقرة 4 من المادة 9 من اتفاقية حقوق الطفل.
بحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق لإنسان، تنفذ السعودية الأحكام بشكل مفاجئ من دون إعطاء المعتقل أو عائلته الحق في الوداع المناسب، وهو ما يشكل صدمة للأطفال.
دهيني أشارت إلى أنه في تقرير للمفوضية السامية لحقوق الإنسان عام 2013، تم دعوة الدول التي ما زالت تطبق عقوبة الإعدام إلى ضمان الحماية الفعلية لحق الطفل في المعلومات وفي إجراء زيارات أو اتصالات أخيرة، على نحو ما أقره قرار مجلس حقوق الإنسان 19/37 المتعلق بحقوق الطفل؛ ودعوتها إما إلى إرجاع جثمان الشخص الذي أعدم وأغراضه الشخصية إلى أسرته لتتمكن من دفنه، وذلك دون إرغام الأسرة على دفع مبلغ مالي لقاء ذلك، أو إلى إعلام الأسرة بمكان دفن الجثة والسماح لها في حدود المعقول بالوصول إلى هذا المكان؛ ودعوتها إلى الإقدام بصورة عاجلة على إنهاء كل أشكال السرية التي قد تحيط بتطبيق عقوبة الإعدام، والتأكد من تماشي القوانين المحلية مع المعايير الدولية المتعلقة بالشفافية.
بحسب متابعة المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان فإن السعودية تحتجز 140 جثمانا على الأقل. منذ العام 2016 بدأت السعودية هذه السياسة، حيث تحرم العائلات من حقها في الوداع والدفن وفي بعض الحالات من إقامة مراسم العزاء حتى. كل هذه الانتهاكات تطال بشكل مباشر أطفال هذه العائلات.
وأوضحت أنه من بين الانتهاكات التي رصدتها المنظمة، انتهاكات بحق أطفال المهددين بالإعدام من بينها حرمانهم من السفر. من بينهم أطفال المهدد بالإعدام الشيخ سلمان العودة.
دهيني أوضحت إلى أن هناك ترقّب بخشية كبيرة مصير القاصرين المهددين بعقوبة الإعدام، منهم عبد الله الحويطي عبد الله الدرازي، جلال الباد، يوسف المناسف، علي المبييوق، حسن زكي الفرج، علي حسن السبيتي، جواد قريرص، ومهدي المحسن. وشددت على أن الظلم الذي تعرض له القاصرون الذين تم إعدامهم لم يتوقف مع استمرار تعذيب عائلاتهم نفسيا باستمرار احتجاز جثامينهم.
وانتهت الباحثة إلى أن الانتهاكات التي ترافق عائلات وأطفال المحكومين بالإعدام، تشير بوضوح أن أن السعودية تنتهك حقوق الطفل وتخالف التزاماتها والقوانين الدولية على مستويات عدة.