تمخضت سنوات حكم الملك سلمان وإبنه ولي العهد، عن تصاعد في عمليات الإعدام، حيث وَقَّعَ الملك سلمان -أو من ينيبه- خلال سنوات حكمه، على 703 أحكام إعدام، وذلك في الفترة من بدء تسلم الملك سلمان الحكم، حتى آخر مايو 2019، تضمنت إعدامات طالت 10 قاصرين على الأقل، لم يٌعرف إن أي منهم قد حظي بمحاكمة تتضمن شروط المحاكمات العادلة. وقد وجدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان بعد متابعة حثيثة لبعض محاكماتهم، وملابسات إعتقالهم، وتفاصيل ما تعرضوا له من إنتهاكات، خروقات عميقة للإنظمة المحلية والمعاهدات الدولية، إضافة إلى وقوع جرائم تعذيب متعددة، لم ينتج عنها أي محاسبات قانونية.
ففي 23 أبريل 2109، وضمن إعدام جماعي مروع حصد 37 سجيناً، قامت السعودية بقطع رؤوس 6 قاصرين، على خلفية تهم وجهت لهم بإعمار 16 و 17 سنة، الغالبية العظمى منها لا تتعلق بالجرائم الأشد خطورة، بل كان كثير منها يتعلق بممارسات إحتجاجية سلمية.
وفي 2 يناير 2016 وضمن إعدام جماعي سابق، نُفذ بعد سنة من تولي الملك سلمان الحكم، تم إعدام 47 سجينا، وقفت المنظمة على وجود 4 قاصرين من بينهم، وهم علي آل ربح و مصطفى أبكر ومشعل الفراج وأمين الغامدي. وقد كان علي آل ربح أحد الذين تم إدخالهم إلى مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، الذي تقول السعودية إلى أنها تهدف من خلاله إلى إعادة التأهيل الفكري للمعتقلين قبل إطلاق سراحهم، وقد أتم آل ربح دورة تأهيلية وحصل على تقييم إيجابي، رغم ذلك نُفذ فيه الإعدام.
تعمد الحكومة السعودية وعبر النيابة العامة التي ترجع للملك سلمان مباشرة، لإدراج خليط من التهم، ولكنها لاتوضح في صكوك الأحكام، التهمة التي كانت سببا في رأي القاضي لإصدار حكم الإعدام، حيث لوحظ من خلال مراجعة عشرات القضايا، إن المنهج المتبع يتمثل في حشر تهم متنوعة وتذييلها بالإستشهاد بنصوص دينية، ويتم إختتامها بإصدار حكم الإعدام. وجدت المنظمة في تحليل قامت به إن النصوص الدينية محل الإستشهاد، لاتتعلق بالتهم الموجهة في أحيان عديدة.
يقبع حالياً أربعة قاصرين تحت تهديد تنفيذ حكم الإعدام. فلايزال علي النمر وداوود المروهون وعبد الله الزاهر تحت حكم الإعدام منذ العام 2014. وقد خضعوا لمحاكمات انتهكت شروط العدالة بشكل صارخ، حيث حرموا من المساندة القانونية بشكل كبير، كما تعرضوا لمختلف أنواع التعذيب، وقد يتم إعدامهم في أي لحظة.
إلى جانبهم، ضمت السعودية مؤخراً، القاصر مرتجى قريرص (24/10/2000)، الذي اعتقل في 20 سبتمبر 2014، حين كان يبلغ من العمر 13 عاما، إلى قائمة القاصرين المهددين بالإعدام، وطالبت النيابة بقتله بتطبيق حد الحرابة. يعد مرتجى أصغر معتقل سياسي لحد الآن يتعرض لطلب الإعدام، وهو يواجه تهما منها ما يعود إلى عمر 11 عاما، وبينها ما يتعلق بالمشاركة في مظاهرات. وكان مرتجى قد بدأ المشاركة بالإحتجاجات منذ أن كان عمره 10 سنوات، وزاد نشاطه بعد أن قامت القوات السعودية في 23 نوفمبر 2011 بقتل أخيه الناشط علي قريريص في مظاهرة سلمية. بناء على بعض المعلومات المتوفرة، ترجح المنظمة إنضمام قاصرين آخرين لقوائم المهددين بالإعدام.
في 22 نوفمبر 2018 عدلت الحكومة السعودية على نظام الأحداث وإدعت أن هذا القانون يحمي الأطفال من الإعدام، حيث تنص المادة 15 من القانون على أنه “إذا كان الحدث متماً (الخامسة عشرة) من عمره وقت ارتكابه فعلاً أو أفعالاً معاقباً عليها فتطبق عليه العقوبات المقررة عدا عقوبة السجن، فيعاقب بالإيداع في الدار مدة لا تتجاوز نصف الحد الأقصى للعقوبة الأعلى المقررة لذلك الفعل ودون التقيد بالحد الأدنى لتلك العقوبة. وأما إذا كانت الجريمة مما يعاقب عليه بالقتل، فيعاقب بالإيداع في الدار مدة لا تتجاوز عشر سنوات”. إن طلب النيابة لقتل مرتجى قريريص ينطوي على تجاهل شرس لهذا القانون ولغيره من القوانين.
إلى جانب كونه إنتهاكا للقوانين المحلية، فإن إستمرار قطع رؤوس القاصرين وتهديد حياة آخرين منهم، يعد إمعاناً في تجاهل مواقف قانونية ودولية. فإضافة إلى الإنتقادات التي وجهت للسعودية بسبب إعدام القاصرين، طالب الفريق العامل بالإعتقال التسعفي بالإفراج عن الأطفال الأربعة المهددين حالياً بالإعدام. ففي فبراير 2017، نشر الفريق رأيه في قضية القاصرين علي النمر وداوود المرهون وعبد الله الزاهر، وأكد أن ما تعرض له الثلاثة هو إعتقال تعسفي. وفي يناير 2017، نشر الفريق رأيه بقضية القاصر مرتجى قريريص وطالب بالإفراج الفوري عنه.
إضافة إلى ذلك، طالبت لجنة إتفاقية حقوق الطفل في تقريرها الصادر في أكتوبر 2016 السعودية بإتخاذ إجراءات قضائية تحمي الأطفال وتمنع إعدامهم. كما أن أحكام الإعدام تجاهلت تحاليل قانونية أكدت عدم صحتها، بينها التحليل القانوني الذي قام به القاضي ظفر جوندال، وهو خبير مستقل في مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، والذي شدد على عدم صحة الحكم الذي صدر بحق الطفل علي النمر وعدم كفاءة القاضي.
ترى المنظمة أن إستمرار تهديد حياة القاصرين، وتناقض ذلك مع الإدعاءات الرسمية السعودية فيما يتعلّق بعدم إصدار أحكام بالقتل عليهم، هو أعلى مستويات الدموية. وتشدد المنظمة على أن ذلك يتطلب موقفا جادا وفوريا من مجلس حقوق الإنسان الذي تشغل السعودية عضويته للمرة الرابعة، وخاصة مع إنتهاكها لإلتزاماتها الخاصة، ومن بين ذلك إتفاقية حقوق الطفل وإتفاقية مناهضة التعذيب.