في 19 يوليو 2020، توفي الكاتب الصحفي صالح الشيحي، وقد أفاد أحد اقربائه في 26 يونيو 2020 بأن الشيحي يرقد في العناية المركزة في برج الشمال الطبي في محافظة عرعر (منذ عشرة أيام). إطلق سراحه بشكل مفاجئ في 19 مايو الماضي، بعد مضي 28 شهرا على اعتقاله منذ 3 يناير 2018، بينما كان من المفترض أن يُتم حكماً جائرا بالسجن خمس سنوات تعقبها خمس أخرى منع من السفر، بسبب انتقاده فساد الدائرة التي تحيط بالملك سلمان في الديوان الملكي.
لاتوجد معلومات حتى اللحظة عما كانت عليه حالته الصحية بعد الإفراج المفاجئ، ولكن وفق المتوافر من معلومات فإنه أدخل المستشفى في محافظة عرعر قبل وفاته بثلاثة وثلاثين يوما، أي في 16 يونيو 2020، وأفادت وسائل إعلام إنه نقل من مدينة عرعر للرياض، وقالت وسائل إعلام رسمية إنه توفي بسبب فيروس كورونا الذي أصيب به منذ 3 أسابيع على حد قولهم، أي أنه أصيب به في قرابة تاريخ 28 يونيو 2020.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إن الإعلام في السعودية غير مستقل، كما لا يمكن الوثوق في الجهات الحكومية التي تتحكم بالإعلام بشكل تام. كما يصعب سماع رأي الأُسر بحرية في السعودية في ظل أجواء الترهيب والتخويف، ولا توجد جهات عدالة مستقلة من شأنها أن تنتصف للشعب من الأجهزة الحكومية، في حال وقعت انتهاكات من قبل الأخيرة.
لم تبرز أغلب وسائل الإعلام الرسمية، وفي النطاق الذي رصدته المنظمة، إن الكاتب الشيحي كان معتقلا.
وفي ظل السحق الكامل للمجتمع المدني في السعودية، وبعد رصد تزايد أعداد الوفيات في السجون السعودية، فإن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تشكك في الرواية التي تناقلتها الوسائل الإعلامية السعودية. إن القيام بتحقيق من جهات مستقلة، وبذل الطرق الطبية للتأكد من أسباب الوفاة، إجراءات ضرورية، ولكن يتعذر القيام بها في داخل السعودية، مع الهيمنة الكاملة للملك وإبنه وأجهزتهم القمعية، على كل المفاصل في البلاد.
أعتقل الشيحي بعد أن أبدى تضامنا، مع ما أطلقته عليه وسائل الإعلام السعودية حملة لمكافحة الفساد قامت بها في نوفمبر 2017، ورُفِعَت فيها شعارات مكافحة الفساد من الأعلى، وغير ذلك. قادت هذه الشعارات الكاتب الشيحي عرف بمواقفه الجريئة والشجاعة، وصولا إلى انتقاد الديوان الملكي الذي يعد واحدا من بؤر الفساد الهامة والرئيسية في السعودية، والذي لم تأتي عليه حملة نوفمبر المزعومة. في 8 ديسمبر 2017 انتقد الشيحي في لقاء تلفزيوني المؤسسات التي أصلت للفساد الإداري في السعودية، ضاربا مثالا بالديوان الملكي (مكتب الملك)، موضحاً: “إذا كنت تعرف أحدا في الديوان الملكي أو كنت تعرف ثغرة في الديوان الملكي أو تعرف رئيس الديوان الملكي في السعودية أو تعرف نائب رئيس الديوان الملكي أو سكرتير رئيس الديوان الملكي في السعودية، يستطيع أن يعطيك منحة أرض في موقع استراتيجي ومهم”.
أدى هذا الإنتقاد الذي صرح به به الشيحي في أوج ترويج السعودية لما أسمته حملة لمكافحة الفساد، لإصدار حكم عليه بالسجن 5 سنوات والمنع من السفر 5 سنوات بتهمة بالقدح والإساءة لأحد أجهزة الدولة (الديوان الملكي) والعاملين فيه، عبر حديثه في لقاء تلفزيوني.
الشيحي من الكتاب الصحفيين البارزين والشجعان في الأوساط السعودية، عرف بمواقف جريئة، وتميز بمناصرة الفئات الضعيفة، وكان يكتب في عدد من الصحف الرسمية السعودية وأبرزها صحيفة الوطن، كما أنه عضو مجلس إدارة نادي الحدود الشمالية الأدبي، وعمل في السابق مديرا لتحرير مجلة (الثقافية) الصادرة عن الملحقية الثقافية السعودية في بريطانيا.
تضاف قضية الكاتب صالح الشيحي إلى عدة قضايا ارتبطت بالموت في ظروف متنوعة ذات علاقة بالسجون السعودية. إن إطلاق سراحه المفاجئ في وقت لا تكاد السعودية تطلق معتقلي الرأي في السنوات الأخيرة خصوصا المحكومين منهم، وإضافة لعوامل أخرى، يقدح الشكوك ويفتح فرضية مسؤولية أجهزة حكومية، لا يمكن الوثوق بتصريحاتها، عن الأسباب التي قادت لوفاته.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن وفاة الكاتب الشيحي تزيد المخاوف والقلق على معتقلي الرأي والنشطاء خصوصا مع انقطاع تواصل عدد من المعتقلين مع عائلاتهم لأشهر، وشح المعلومات عنهم، وفي ظل الغموض حول أسباب هذا الانقطاع وعدم استجابة الجهات الحكومية لإتخاذ إجراءات مطمئنة، ومنها تجاهل قلق أسرة لجين الهذلول وعدم الرد على استفساراتهم المتكررة والملحة.
تؤكد المنظمة على أهمية توثيق قضايا القتل بالتعذيب أو بالإهمال الطبي أو الوفيات الواضح منها أو الغامض والمتصل بالسجون، والسعي المستمر لفتح تحقيقات جدية وعاجلة لمحاسبة المتورطين كافة.