مع ترقب كيفية تعامل الحكومة في المملكة العربية السعودية مع ملف الإعدامات وإمكانية العودة إلى تنفيذها بشكل متصاعد بعد انتهاء اجراءات جائحة كورونا، ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أنه سيكون من الاستهتار الواضح بالأرواح، تنفيذ أي حكم في ظل النقاش الدائر في مجلس الشورى فيما يتعلق بوقف كافة أحكام الإعدام تعزيرا.
وبحسب المعلومات، رفع أحد أعضاء في مجلس الشورى توصية بإلغاء عقوبة الإعدام في جميع العقوبات التعزيرية والاكتفاء بعقوبات الحدود، بما يتناسب مع “الشريعة الإسلامية” وتفسيراتها المتبعة في السعودية. هذا النقاش، جاء بعد أسبوعين من إعلان السعودية إيقاف عقوبة الجلد التعزيرية في 24 أبريل 2020 بعد دراسة مقدمة من قِبل الهيئة العامة للمحكمة العليا والاكتفاء بعقوبتي السجن أو الغرامة أو بهما معًا، أو عقوبات بديلة “بحسب ما يصدره ولي الأمر من أنظمة وقرارات بالشأن ذاته”.
إضافة إلى ذلك، يأتي الحديث عن وقف أحكام القتل التعزيرية، بعد نشر هيئة حقوق الإنسان أمرا ملكيا يقضي بتنفيذ نظام الأحداث والذي يمنع قتل القاصرين بأحكام تعزير، إلا أنه وبحسب معلومات المنظمة، لم يُتخذ أي إجراء رسمي حتى الآن، مع المعتقلين المهددين بالإعدام أو عوائلهم.
والأحكام التعزيرية هي أحكام تخضع للسلطة التقديرية للقضاة، وأحكام القتل الصادرة بموجبها تعتمد على تفسير متشدد ونادر لا تتبعه معظم المدارس الإسلامية.
وفي ظل عدم مهنية القضاة وعدم استقلال وعدالة القضاء تدور الأحكام ضمن دائرة التوجهات الرسمية الحكومية، حيث تم إصدار العديد من أحكام الإعدام السياسية والتمييزية، إلى جانب كونها غير عادلة بسبب الانتهاكات التي انطوت عليها المحاكمة.
إن المنظمة تبدي خشيتها من تنفيذ أحكام إعدام في ظل مناقشة إلغاء أحكام القتل التعزيرية، حيث أنها رصدت عدم التزام السعودية لمدى عامين قانون الأحداث الذي صدر عام 2018، حيث كانت النيابة العامة والقضاء والديوان الملكي والجهات التنفيذية السعودية قد استمروا بتنفيذ وإصدار أحكام القتل بحق القاصرين.
وعلى الرغم من الترويج للأمر الملكي الأخير الذي يتعلق بوقف أحكام الإعدام التعزيرية بحق القاصرين، لم يتم اتخاذ أي خطوات جدية لحماية القاصرين المهددين بالإعدام حاليا وهم بحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان 13 قاصرا على الأقل مهددين حاليا بالإعدام. يثير ذلك مخاوف من إمكانية تلاعب الحكومة السعودية بالأنظمة للاستمرار بإصدار أحكام الإعدام بأوجه أخرى مثل القصاص والحد.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن الإعدامات التي نفذتها الحكومة السعودية بحق قاصرين على الرغم من وجود قانون يمنعها، توضح طبيعة تعامل الحكومة المستهتر بحياة الأفراد، كما يبين كيفية تعاطيها في القضايا رغم وجود قوانين.
كما تعتبر المنظمة أن إصدار مثل هذه القوانين لا يكفي لحماية حرية وحياة وسلامة الأفراد، بل إنها تبين انعدام المسؤولية في الإعدامات التي نفذت سابقا. فبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية، فإن 49% من أحكام الإعدام التي نفذت منذ العام 2015 حتى نهاية 2019 كانت بأحكام تعزيرية، رصدت المنظمة انتهاكات جسيمة في عدد منها.
تعتبر المنظمة الأوروبية السعودية أن الحكومة حاولت من خلال الأمر الملكي المتعلق بإعدام القاصرين وقرار وقف عقوبات الجلد التعزيرية، تضليل الرأي العام حول الواقع الحالي واستمرار تهديد حياة القاصرين، وبالتالي قد يكون الحديث عن وقف الإعدامات التعزيرية محاولة للترويج للإصلاحات المزعومة بالتزامن مع التحضير لانعقاد قمة دول العشرين في الرياض في نوفمبر 2020.
وتشدد المنظمة على أن الخطوات التي يمكن البناء عليها، هو وقف كافة الأحكام الصادرة حاليا وإعادة المحاكمة بما يضمن عدالة المحاكمات وخاصة لجهة الإكراه في انتزاع الاعترافات ومنح الحق في الدفاع عن النفس. كما أن بحث إمكانية إصدار قانون يمنع القتل التعزيري يجب أن ينعكس بشكل واضح في وقف أحكام الإعدام الحالية التي من الصعب الوصول إلى أرقامها النهائية في ظل انعدام الشفافية في التعامل الرسمي. من بين ذلك 52 قضية تمكنت المنظمة من رصدها معظمها يعود لمعتقلي رأي بينهم قاصرين. كما يوجب هذا القرار، في حال تطبيقه، تحقيقا في الأحكام التي نفذت سابقا ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي اعترتها.