إنتقد المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان السيد ميشيل فورست، تعاطي المملكة العربية السعودية مع الآليات الأممية، فيما يتعلق بالحجج التي تقدمها لتبرير عدم إتساق ممارساتها بحق المدافعين عن حقوق الإنسان، مع المعايير الدولية.
وفي تقريره السنوي الذي صدر على هامش دورة مجلس حقوق الإنسان السابعة والثلاثين (26 فبراير -23 مارس 2018)، أشار المقرر إلى أنه يشعر بالقلق البالغ مجددا بشأن وضع المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية. فعلى الرغم من أنها عضو في مجلس حقوق الإنسان (للمرة الرابعة)، واصلت السعودية ممارستها الخطيرة لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان، والأصوات الناقدة في المجتمع، من خلال الإعتقالات التعسفية والإحتجاز والإضطهاد، كما أشار المقرر إلى أنه لاحظتزايداً في إستهدافهم، من خلال الإجراءات القانونية والتدابير الإدارية التي تستخدم في ترهيب وإعاقة نشاطهم الحقوقي.
موجة الإعتقالات
المقرر استنكر استمرار استخدام الحكومة السعودية لقوانين مكافحة الإرهاب لإستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والكتاب والصحفيين والأكاديميين، في “نمط مستمر من الإعتقالات والإحتجاز التعسفي”. وأشار إلى أنه إضافة إلى الحالات السابقة، وبينها حالة جمعية الحقوق المدنية والسياسية “حسم“، شنت الحكومة موجة إعتقالات طالت أكثر من 60 شخصية دينية بارزة وكتاب وناشطون.
المدافعات عن حقوق الإنسان
المقرر أبدى قلقه البالغ فيما يتعلق بقضية مدافعة عن حقوق الإنسان، أحتجزت في دار الرعاية إنتقاما من دورها في معارضة قوانين الوصاية، حيث اعتقلت بتهمة العصيان الأبوي،الأمر الذي إعتبره المقرر دليلاً على القوانين التمييزية بين الجنسين، موضحا أن المدافعات عن حقوق الإنسان يواجهن خطراًمضاعفا.
قانون الإرهاب
المقرر تطرق إلى قضايا كل من عيسى النخيفي وعصام كوشك ومحمد العتيبي وعبد الله العطاوي وعيسى الحامد والمدافعان السودانيان عن حقوق الإنسان إمام الوليد ومحمد سيد القاسم، مشيرا إلى أنهم يحاكمون أو تمت إدانتهم من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة (المنشأة لمحاكمة الإرهابيين)، والتي تستخدم ضد المدافعين عن حقوق الإنسان ولتقييد الحريات الفردية، تحت ذريعة حماية الأمن القومي. المقرر أكد أن على السعودية أن تستخدم قوانين شفافة لتحديد الأعمال الإرهابية، وأن تضمن عدم إنتهاكها للحقوق الأساسية، وأن لاتقوم بأي إعتقال تعسفي أو إنتهاك للمحاكمات العادلة.
المجتمع المدني والتعاون مع الهيئات الأممية
التقرير أشار إلى القلق الشديد إزاء قضية عيسى النخيفي، الذي أعتقل على خلفية نشاطه على وسائل التواصل الإجتماعي وتواصله مع منظمات حقوقية دولية ومع ممثلين للأمم المتحدة، بعد أن كان قد تم إطلاق سراحه من إحتجاز لقرابة4 سنوات. المقرر ناشد الحكومة السعودية بوقف جميع الأعمال التي تبدو أنها نمط للإنتقام والتخويف ضد جميع الأفراد الذي تعاونوا أو يسعون للتعاون مع الأمم المتحدة، وبينها التي تؤثر على أسرهم وتضر بأهداف التعاون الطويل الأجل بين المجتمع المدني والمجتمع الدولي.
وأكد المقرر أنه يعتقد أن عمليات الإعتقال والإحتجاز تبدو جزءا من نمط أوسع لتجريم المدافعين عن حقوق الإنسان، في محاولة للحد من ممارسة حقوقهم وفي تكوين الجمعيات والتعبير عن الرأي والنشاط على الإنترنت.
المقرر إنتهى إلى دعوة الحكومة السعودية إلى إزالة أي قيود تضع عوائق على الأنشطة المشروعة للمدافعين عن حقوق الإنسان، كما حث المقرر الحكومة السعودية على ضمان أن يحصل جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء الذين يواجهون قضايا في المحاكم، على محاكمات عادلة وعلنية من قبل محكمة مستقلة. وفيما يتعلق بالمدافعات عن حقوق الإنسان طالب المقرر الحكومة بإلغاء كافة القوانين التمييزية وخاصة نظام الولاية،كما حث الحكومة على إلغاء كافة القوانين التي تجرم عمل المدافعين عن حقوق الإنسان بإسم الأمن القومي ومكافحة الإرهاب.
تشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن هذا التقرير الصادر عن المقرر الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان السيد ميشيل فورست، يكرر التحذيرات التي قّدمها في تقارير سابقة، ويعكس تزايدا في الإنتهاكات، ما يؤكد إصرار الحكومة السعودية على إضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان. ترى المنظمة أن هذا الإصرار الحكومي، مؤشر على الحاجة إلى آلية أكثر فعالية لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان والمتعاونين مع الآليات والهيئات الدولية داخل السعودية.
تشير المنظمة إلى أن السعودية أعطت في فبراير 2015، موافقة مبدئية لزيارة المقرر السيد فورست، ولكنها مازالت تماطل في تحديد الموعد النهائي، لأكثر من ثلاث سنوات، في ظل تزايد إعتقال وإضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان.