مقررو الأمم المتحدة: حكم الغامدي استمرار للانتهاك الصارخ لحرية التعبير في السعودية

اعتبر المقررون الخاصون التابعون للأمم المتحدة أن المملكة العربية السعودية مستمرة في نمط من مقاضاة الأفراد بتهم ليت شديدة الخطورة لمجرد ممارستهم الحق في التعبير، إلى جانب إساءة استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب في هذه الملاحقات القضائية، والتي غالبًا ما تُجرى أمام المحكمة الجنائية المتخصصة وتؤدي إلى عقوبات شديدة وغير متناسبة.

وفي رسالة إلى الحكومة السعودية أرسلت في أكتوبر 2024، فصّل المقررون الخاصون قضية اعتقال أسعد بن ناصر الغامدي والحكم عليه بالسجن 20 عاما، وأكدوا انتهاك السعودية للقوانين الدولية ولالتزاماتها. ووقع على الرأي الذي أرسل إلى السعودية كل من المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، المقرر الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

وأشار الخبراء القانونيون إلى أن مقاضاة الغامدي هي انتهاك صارخ لحرية الرأي والتعبير، حيث أنها تمت بسبب تصريحات له على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعرب عن وجهات نظر خاصة به، وفيما كان بعضها انتقاديا، إلا أنها لم تشكل دعوة إلى كراهية وطنية أو عنصرية أو دينية أو تحريض على التمييز أو العنف.

إضافة إلى ذلك، أعرب الخبراء عن قلقهم من الانتهاكات لمعايير المحاكمة العادلة بما في ذلك الحق في الدفاع عن النفس، حيث تم رفض طلبه تعيين محام من اختياره، كما لم يتم تقديم البيانات والمعلومات اللازمة خلال فترة المحاكمة.

وأوضح الخبراء إلى أن المعلومات أكدت تعرضه لسوء المعاملة ضد طوال فترة احتجازه والتي يبدو أنها تنتهك الحظر المطلق ضد التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والتزامات السعودية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب التي انضمت إليها في 23 سبتمبر 1997. وأعرب المقررون الخاصون عن قلقهم الشديد بشأن الوضع الصحي للغامدي نتيجة للمعاملة التي تلقاها أثناء الاحتجاز، والتي يبدو أنها تنتهك التزامات السعودية بضمان صحة ورفاهية جميع الأفراد المحتجزين لديها.

تفاصيل القضية

اعتقل الغامدي في 20 نوفمبر 2022 في منزله بجدة خلال مداهمة قامت بها قوات الأمن السعودية، واحتُجز في سجن ذهبان، وظل في الحبس الانفرادي لمدة ثلاثة أشهر، منها شهران في الحبس الانفرادي الكامل. نُقل لاحقًا إلى سجن الحائر بالرياض حيث تعرض لفترات احتجاز طويلة مع تواصل محدود مع أسرته. وُجهت إليه تهم بموجب المواد 30 و34 و43 و44 من قانون مكافحة الإرهاب، وتشمل الاتهامات التشكيك في الدين وعدالة الملك وولي العهد، والإخلال بالنظام العام وزعزعة أمن المجتمع وتهديد الوحدة الوطنية، ونشر أخبار كاذبة وملفقة على منصة التواصل الاجتماعي X (المعروفة سابقًا بتويتر).

عُرضت قضيته أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، ومُنع من الوصول إلى تمثيل قانوني مستقل لأكثر من تسعة أشهر، وتم تعيين محامٍ من قبل الدولة لم يمثله بشكل فعال. حُكم عليه بالسجن لمدة 20 عامًا في 29 مايو 2024، وفي الاستئناف خُفضت العقوبة إلى 15 عامًا في 3 أكتوبر 2024 دون توفير وثائق مكتوبة لعائلته.

وبحسب المعلومات تم تشخيصه بالصرع، وحُرم من العلاج الطبي المناسب أثناء الاحتجاز. تدهورت حالته الصحية الجسدية والعقلية بسبب ظروف الاحتجاز، بما في ذلك الحبس الانفرادي والتواصل المحدود مع أسرته. تعرّض للحبس الانفرادي المطول والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، مع غياب الوضوح بشأن البيانات المحددة التي أدت إلى توجيه التهم، مما يشكل انتهاكًا لمعايير الإجراءات القانونية الواجبة. تم منع الأسرة من الوصول إلى وثائق المحاكمة وتفاصيل الحكم.

المقررون أوضحوا أن محاكمته وحكمه ينتهكان المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تحمي الحق في الاحتفاظ بالآراء والتعبير عنها دون تدخل. إضافة إلى ذلك، تم حرمانه من الوصول إلى محامٍ مستقل، في ظل انعدام الشفافية في الإجراءات القانونية، وغياب التفاصيل المحددة حول التهم الموجهة إليه. كما واجه الحبس الانفرادي والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لفترات تتجاوز الحد المعترف به دوليًا وهو 15 يومًا يشكل انتهاكًا لاتفاقية مناهضة التعذيب.

ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن قضية أسعد الغامدي تضم إلى سجل السعودية في انتهاكاتها ضد حرية الرأي والتعبير وإساءة استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب، وحرمان المحتجزين من حقوق المحاكمة العادلة وسوء المعاملة. وتعتبر المنظمة أن ردة الفعل الرسمية السعودية التي لا تتجاوب بشكل فعال مع رسائل المقررين الخاصين المتتالية تعكس حقيقة تعاملها مع آليات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الإنسان.

AR