عقدت لجنة القضاء على التمييز العنصري دورتها الرابعة عشرة بعد المئة في جنيف خلال شهر نوفمبر 2024، حيث ناقشت التزامات المملكة العربية السعودية بموجب اتفاقية القضاء على التمييز العنصري التي انضمت لها عام 1997.
المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان كانت قد قدمت بالتعاون مع التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام ومنظمة أدفوكيتس رايتس، تقريرًا شاملاً تناول أبرز القضايا المتعلقة بالتمييز العنصري.
إضافة إلى ذلك شارك المدير القانوني في المنظمة طه الحاجي في نقاشات اللجنة حول التقرير الدوري العاشر والحادي عشر المقدم من السعودية. الحاجي أكد أن الانفتاح الذي شهدته السعودية في السنوات الأخيرة لا يشمل جميع الفئات، حيث لا يزال يخضع لمزاجية المسؤولين بدلًا من أن يكون قائمًا على سيادة القوانين واحترام الحقوق الأساسية. كما استعرض المدير القانوني جوانب التمييز العنصري ضد الأقليات، وبالأخص الأقلية الشيعية.
مناقشات اللجنة:
في 28 نوفمبر 2024، اختتمت لجنة القضاء على التمييز العنصري النظر في التقرير الدوري العاشر والحادي عشر المشترك للسعودية، وركزت المناقشات على مجموعة من القضايا المتصلة بحقوق الإنسان، بما في ذلك عقوبة الإعدام، أوضاع العمال المهاجرين، وتمثيل الأقليات في النظام القضائي، مع الإشادة ببعض الإصلاحات وجهود المملكة لتعزيز الحماية الاجتماعية.
عقوبة الإعدام وتأثيرها على الأقليات
أشارت الخبيرة ستاماتيا ستافريناكي إلى المخاوف المتعلقة بفرض عقوبة الإعدام بشكل غير متناسب على الأقليات في السعودية، حيث يتم تطبيقها أحياناً بأثر رجعي على القاصرين. وأوضحت اللجنة أن النساء المهاجرات يمثلن نسبة غير متناسبة بين المحكوم عليهن بالإعدام، مما يثير تساؤلات حول ظروفهن القانونية والاجتماعية التي تؤدي إلى مثل هذه الأحكام.
حقوق العمال المهاجرين
ناقشت اللجنة التمييز الذي يواجهه العمال المهاجرون، وخاصة فيما يتعلق باختبارات فيروس نقص المناعة البشرية التي تُمارس بشكل تمييزي ضدهم. ورغم أن السعودية أنشأت ملاجئ لتعزيز حماية العمال، خصوصاً المبلغين عن الانتهاكات، إلا أن اللجنة أشارت إلى غياب تشريعات واضحة تحمي العاملات المنزليات المهاجرات، مما يجعلهن عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
تمثيل الأقليات في القضاء
تساءلت اللجنة عن التمييز الهيكلي ضد الطائفة الشيعية، بما في ذلك ضعف تمثيلها في النظام القضائي. كما أثيرت تساؤلات حول ما إذا كانت السعودية تدعم بناء أماكن عبادة للأقليات، وما إذا كانت هناك جهود حقيقية لمعالجة هذه القضايا بشكل فعال.
مشروع “نيوم” وتهجير القبائل
أثارت اللجنة قضية تهجير قبيلة الحويطات بسبب مشروع “نيوم” التنموي، مشيرة إلى مزاعم باضطهاد أفراد القبيلة الذين رفضوا مغادرة أراضيهم. تضمنت هذه المزاعم تدمير ممتلكاتهم وانقطاع الخدمات عنهم مثل الكهرباء، بالإضافة إلى تعرضهم للمضايقات والتهديدات.
استخدام القوة ضد المهاجرين
تناول النقاش في اللجنة تقارير تشير إلى عمليات صد عنيفة على الحدود الجنوبية للمملكة مع اليمن. وأشارت التقارير إلى استخدام مفرط للقوة من قِبل قوات الأمن السعودية، مما أدى إلى مقتل مئات المهاجرين وطالبي اللجوء الإثيوبيين بين عامي 2022 و2023.
ردود وفد السعودية
كرر وفد السعودية ادعاءاته السابقة فيما يتعلق بالمسائل المطروحة، ففيما يتعلق بعقوبة الإعدام، أكد أنها تُفرض فقط في الجرائم الأكثر خطورة وبعد استنفاد جميع إجراءات التقاضي. وأوضح أن الحكم يُراجع من قِبل 13 قاضياً قبل أن يصبح نافذاً.
وفيما يتعلق بتمكين العمال المهاجرن قال الوفد أن نظام الكفالة قد أُلغي، وأن العلاقة بين أصحاب العمل والعمال تُنظم الآن بعقود قانونية. كما أشار إلى إنشاء ملاجئ لحماية العاملات المنزليات ضحايا الإساءة وضمان حقوقهن القانونية. الرد لم يتطرق إلى استثناءات إلغاء نظام الكفالة ولم يجب على التساؤلات حول فعالية ملاجئ الحماية.
وحول مشروع “نيوم: لم يقدم الوفد تفاصيل شاملة عن مزاعم تهجير قبيلة الحويطات، لكنه أكد التزام المملكة بتطبيق القوانين الوطنية لضمان الإنصاف.
في 13 ديسمبر 2024 أصدرت اللجنة ملاحظاتها الختامية والتي تضمنت مجموعة من القضايا المثيرة للقلق والتوصيات للحكومة السعودية.
اللجنة أعربت عن قلقها مما يتعرض له أفراد الأقلية الشيعية في نظام العدالة الجنائية، حيث يتعرضون بشكل غير متناسب للاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة. كما أشارت اللجنة إلى غياب ضمانات المحاكمة العادلة واعتماد الاعترافات القسرية في القضايا التي تنطوي على عقوبة الإعدام.
- عقوبة الإعدام:
- لاحظت اللجنة أن عقوبة الإعدام تُفرض بشكل غير متناسب على الأقليات، بمن فيهم الشيعة والنساء المهاجرات، وغالبًا ما تعتمد على اعترافات قسرية. ودعت اللجنة السعودية إلى فرض وقف مؤقت على عقوبة الإعدام بهدف إلغائها، وإلى حصر استخدامها على أخطر الجرائم.
- العمال المهاجرون والعاملات المنزليات:
- أعربت اللجنة عن قلقها إزاء الانتهاكات التي يتعرض لها العمال المهاجرون، خاصة العاملات المنزليات، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي، وظروف العمل القسرية، والاستغلال. ودعت اللجنة إلى إصلاحات تضمن حماية فعالة لهذه الفئات، بما في ذلك التشريعات التي تجرّم إساءة المعاملة.
- اللاجئون والمهاجرون غير المسجلين:
- أشارت اللجنة إلى الظروف اللاإنسانية التي يواجهها المهاجرون غير المسجلين وطالبو اللجوء في مراكز الاحتجاز، إضافة إلى الترحيل القسري والانتهاكات على الحدود مع اليمن. وأوصت بفتح تحقيقات شاملة في الانتهاكات المبلغ عنها وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.
- التمييز في التعليم والعمل:
- لاحظت اللجنة أن التشريعات السعودية تمنع التمييز رسميًا، لكنها أعربت عن قلقها إزاء التطبيق غير المتساوي للقوانين، خاصة فيما يتعلق بتوظيف وتعليم الأقليات.
اللجنة انتهت إلى عدد من التوصيات التي ستتم مراجعة تنفيذها خلال العام. من بينها:
- فرض وقف مؤقت على عقوبة الإعدام بهدف إلغائها.
- ضمان المحاكمات العادلة وحظر استخدام الأدلة المُنتزعة تحت التعذيب.
- تحسين أوضاع العمال المهاجرين والعاملات المنزليات من خلال تشريعات فعالة وآليات تنفيذ صارمة.
- ضمان حقوق الأقليات العرقية والدينية في المساواة والتمثيل العادل داخل النظام القضائي.
- حماية المهاجرين وطالبي اللجوء من الترحيل القسري والانتهاكات الحدودية.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن الوفد الرسمي الذي مثل العديد من الوزارات إلى جانب هيئة حقوق الإنسان والذي شارك في أعمال دورة لجنة القضاء على التمييز العنصري، مارس المعتاد، حيث شارك في غسيل صورة السعودية وتجاهل الرد على القضايا الأساسية المطروحة. وتعتبر المنظمة أن أي حديث عن إصلاحات وموافقة على توصيات أممية يجب أن يترافق مع آليات واضحة لمراقبة التطبيق، على رأسها تمكين المجتمع المدني بمختلف فئاته من المشاركة.