في ما لا يمكن وصفه إلا بأنه عملية قتل، نفذت المملكة العربية السعودية في 23 أبريل 2019 عملية إعدام بحق 37 شخصاً بشكل سري، ستة على الأقل منهم قاصرين وهم: محمد سعيد السكافي، وسلمان أمين آل قريش، ومجتبى نادر السويكت، وعبد الله سلمان آل سريح، وعبد العزيز حسين سهوي، وعبدالكريم محمد الحواج.
عائلات هؤلاء القاصرين صدموا بعد تنفيذ الإعدامات، حيث لم يكونوا على علم بموعد تنفيذها مما حرمهم حتى من فرصة توديع أبنائهم، كما أنهم لم يعلموا بقتلهم إلا بعد إعلان عملية الإعدام عبر وسائل الإعلام الرسمية.
وبحسب القانون الدولي فإن الحظر المطلق لعقوبة الإعدام على القاصرين، يتعلّق بكل من تقل أعمارهم عن 18 عاماً وقت إرتكاب التهمة المزعومة. من بين الستة القاصرين الذين أعدموا، من قبض عليه في سن تقل عن 18 عاما وقت التهمة الموجهة، فيما واجه الآخرون تهما يُزعم بإرتكابها عندما كانت أعمارهم تقل عن 18، مما يجعلهم ضمن فئة المحميين وفق القانون الدولي من عقوبة الإعدام.
إلى جانب مواجهتهم عقوبة الإعدام، واجه القاصرون الستة محاكمات جائرة بشكل فادح في المحكمة الجزائية المتخصصة سيئة السمعة. وعلى الرغم من كونهم قاصرين فإن ذلك لم يحميهم من التعذيب، حيث تعرضوا جميعا لأشكال مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة. من بينهم مجتبى السويكت الذي تعرض للحبس الإنفرادي والتعليق من يديه وضربه بالأسلاك والخراطيم وحرق السجائر في أجزاء مختلفة من جسده. فيما بقي عبد الكريم الحواج في السجن الإنفرادي لمدة 5 أشهر، وضرب بالخرطيم البلاستيكية، والصعقات الكهربائية وأجبر على أخذ حبوب الهلوسة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعدم السعودية فيها قاصرين، ففي يناير 2016، وفي الإعدام الجماعي الذي طال 47 شخصا، أعدم 4 قاصرين، بينهم مصطفى أبكر ,امين الغامدي ومشعل الفراج، وعلي آل ربح الذي أدين بتهم تتعلق بالتظاهر بعد إجباره على التوقيع على اعترافات تحت التعذيب.
يظهر إعدام القاصرين على الرغم من الحماية الخاصة بموجب القانون الدولي، تجاهل السعودية الصارخ لإلتزاماتها الدولية بصفتها عضو في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ودولة طرف في إتفاقية حقوق الطفل. فبدلا من حماية الأطفال، تستخدم السعودية مصادقتها وعضويتها في العلاقات العامة وتواصل إستخدام عقوبة الإعدام كعقوبة ترهيب ضد القاصرين وغيرهم.
وكانت لجنة حقوق الطفل في تقريرها الختامي قد طالبت السعودية على الكف فورا عن إعدام أفراد تقل أعمارهم عن 18 عاما عند ارتكاب التهمة، وبينهم سلمان آل قريش ومجبتى السويكت وعبد الكريم الحواج الذين طالهم الإعدام الجماعي الأخيرة. بالتالي فإن السعودية تجاهلت من خلال هذه الإعدامات توصيات واضحة ضد فرض عقوبة الإعدام على القاصرين.
ينتمي جميع هؤلاء القاصرين هم من المنطقة الشرقية التي يقطنها أفراد من الأقلية الشيعة، وكان المقررالخاص المعني بالإرهاب وحقوق الإنسان بن أميرسون أشار إلى النمط التمييزي في عمليات التوقيف والإعدام الذي يمارس ضد سكان هذه المنطقة.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن الإعدامات الجماعية الأخيرة، تسلط الضوء على أن وعد محمد بن سلمان بتخفيض عقوبة الإعدام هو خداع تام، وجزء من الحملات الدعائية التي يقودها للترويج لنفسه ولخططه.
وفي ظل إستمرار تجاهل السعودية الصارخ لإلتزاماتها تجاه حماية الأطفال، تدعو المنظمة إلى مراجعة عاجلة لعضويتها في مجلس حقوق الإنسان واللجان التابعة له، خاصة أنه وفقا لرصد المنظمة لا زال العشرات بمن فيهم قاصرين عرضة لخطر الإعدام.
تدعو المنظمة مجلس حقوق الإنسان، إلى إتخاذ إجراءات فورية، أولاً لإدانة هذا الإعدام، وثانيا لحماية المهددين بالإعدام الوشيك عن طريق ممارسة كافة أنواع الضغط على السعودية لمنع تنفيذ أي حكم، وخاصة الصادر على أساس محاكمات جائرة.