في ظل استمرار المملكة العربية السعودية باستخدام عقوبة الإعدام بشكل وحشي وجائر، صادقت المحكمة العليا بشكل نهائي على الإعدام تعزيرا للمواطن علي حسن آل ربيع، ما يعني أنه قد يقتل في أي لحظة، وبحسب قانون السعودية الصوري، لا يمكنه الآن الطعن في الحكم، ولا يوجد بينه وبين القتل سوى توقيع الملك سلمان أو من ينيبه.
علي آل ربيع (1979) متزوج ولديه طفل، وهو من أسرة قتلت الحكومة السعودية منها 3 أفراد، وقد يكون هو الرابع. اُعتقل في 9 ديسمبر 2013 أثناء زيارته لأخويه أحمد وحسين آل ربيع، اللذان اعدمتهما السعودية مع 35 آخرين في إبريل 2019، بعد إخضاعهم لمحاكمات جائرة تفتقر لأبسط معايير العدالة، تجاهل فيها القضاة شكاوى الضحايا بتعرضهم للتعذيب الممنهج أو أساليب أخرى من الإكراه وسوء المعاملة، التي يمارسها محققو المباحث من أجل إجبار الضحايا على الإدلاء باعترافات محددة. وقد كان من بين هؤلاء الضحايا ستة وجهت لهم تهما في فترة الطفولة.
كان علي آل ربيع يمارس حياته بشكل اعتيادي بين العمل والأسرة ولم يتم إخباره مسبقا بأنه متهم أو مطلوب للتحقيق بأي شكل من الأشكال. واجه آل ربيع ظروفا مروعة بعد اعتقاله المباغت، منها:
- عُزِل في زنزانة انفرادية لمدة ستة أشهر.
- اُخضِع للتعذيب الممنهج الشائع استخدامه في السجون السياسية السعودية.
- حُرِم من النوم لأيام متواصلة.
- مُنِع لمدة طويلة من الاستحمام والنظافة الشخصية.
- حُرِم من حقه في الاستعانة بمحام.
- مُنِع من التواصل مع عائلته.
بالإضافة إلى ذلك، قام محقق المباحث بكتابة الأقوال بالنيابة عنه، وأجبره على التوقيع عليها، عبر الأساليب المذكورة آنفاً، وعبر تهديده بتركه في الزنزانة الانفرادية وحرمانه من رؤية ابنه في حال امتنع عن التوقيع.
أخبر آل ربيع قضاة المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض عن جريمة التعذيب التي تعرض لها وجميع الإنتهاكات التي مورست بحقه، وعلى الرغم من ذلك تجاهلوا جميع شكاواه، واستندوا للأقوال التي وقع عليها تحت وطأة التعذيب والتهديد، وأصدروا حكمهم الجائر بقتله تعزيرا.
آل ربيع لديه أخ ثالث قاصر، اسمه ثامر، قتلته القوات السعودية حينما كان عمره سبعة عشر عاما إلى جانب أربعة آخرين، أثناء تنفيذها مداهمة في مدينة العوامية في تاريخ 20 ديسمبر 2014 . كان ثامر يقود سيارة حينما أتته رصاصة في حلقه من إحدى المدرعات الأمنية. تجاهل المتحدث الأمني بوزارة الداخلية، اللواء منصور التركي، مقتل الطفل ثامر آل ربيع، واكتفى بالتصريح أن القوات الأمنية قامت بقتل أربعة إرهابيين. وقد وسمت الصحافة الرسمية الطفل ثامر آل ربيع بالإرهابي، وزعمت أنه قُتِل مع الآخرين في إحدى المزارع، وهذا ما يتنافى تماما مع ما أكدته مصادر أهلية للمنظمة.
أُتهم علي آل ربيع بالخروج في المظاهرات والمشاركة في مراسم تشييع ابن خالته (خالد اللباد) الذي قتلته القوات السعودية، وترديد الهتاف “القصاص القصاص لمن أطلق الرصاص”، بالإضافة لحيازة ثلاثة رشاشات كلاشنكوف والمشاركة في إطلاق النار على مركز شرطة العوامية. لم تقدم الجهات السعودية أية أدلة على التهم التي وجهتها. أكد آل ربيع في المحكمة عدم صحة التهم الموجهة له ما عدا مشاركته في مراسم تشييع خالد اللباد وترديد الهتاف “القصاص القصاص لمن أطلق الرصاص”، لكن القضاة اعتبروا الأقوال التي كتبها المحقق بيده وأجبر آل ربيع بالتوقيع عليها تحت التعذيب والتهديد، شرعية، على الرغم من مخالفة ذلك للإجراءات المدونة في الانظمة المحلية.
منذ 2015 وبداية تسلم الملك سلمان حكم البلاد، تصاعد تنفيذ أحكام الإعدام في السعودية بشكل وحشي، وبلغ مجموعها حتى أكتوبر 2020 ما لا يقل عن 794 بحسب إحصائيات المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، 51 بالمئة من الأحكام المنفذة كانت مبنية على جرائم ليست بالغة الخطورة، وبعضها على ممارسات مشروعة.
علاوة على تطبيق السعودية لعقوبة القتل التعزيري، التي هي مورد اختلاف بين علماء المسلمين، تمتلك السعودية أفهام “شديدة التطرف” للنصوص الدينية وأقوال العلماء، وتستخدمها على نطاق واسع، بحيث أنها تستطيع من خلالها تبرير إعدام أي صاحب رأي مختلف معها، سواء كان سياسيا أو دينيا. ويقصد بالتعزير هي العقوبة التأديبية التقديرية على جناية لا حد لها ولا كفارة في الشريعة. وعلى الرغم أن الكثير من الأفهام الإسلامية لا ترى أن التعزير يصل لحد القتل، إلا أن السعودية تستغل هذه العقوبة التقديرية بشكل متطرف وتستخدم أفهام تبيح قتل من يختلف سياسيا ودينيا معها.
من خلال اطلاعها وتحليلها لعدد من صكوك الأحكام الصادرة عن القضاة الغير مستقلين، وجدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن السعودية تستخدم أفهامً شديدة التطرف لإضفاء الشرعية على أحكامها الجائرة، التي تصدرها بعد انتهاك جميع حقوق المعتقل الأساسية.
إن الحكم الجائر على علي آل ربيع، يعبر عن دوافع سياسية شرسة، وليس له علاقة بأي تهم شديدة الخطورة. إن تطرف قضاء السعودية، وعدم إستقلاليته، وإفتقاره لشروط المحاكمات العادلة، يجعل من هذا الحكم تأكيد على الوحشية الغير مسبوقة التي طرأت في عهد الملك سلمان وإبنه.