أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته الثانية الثلاثين، أعادت الحكومة السعودية ممثلة بوفدها الرسمي تكرار خطابها المتملص من مسؤولياتها في الاعتراف بالواقع وحماية حقوق الإنسان فيها.
الوفد رد في كلمته (17 يونيو 2016)، على تقرير المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وإنشاء الجمعيات ماينا كياي، الذي رأى أن السعودية مثال على ممارسة الأصولية السياسية والدينية، وذلك في الفقرات 47 و 57 من تقريره.
الوفد اعتبر أن التقرير جنح إلى محاولة رسم صورة عن السعودية مغايرة عن الواقع ولا تحترم خصوصيتها الدينية والثقافية، وأنه استقى المعلومات من مصادر غير موثوقة.
وادعت الكلمة أن الوافدين إلى السعودية يأتون للعمل وأنهم ملزمون بقوانين البلاد، واحترام ثقافتها ومشاعر أهلها، معتبرا أن السعودية تكفل ممارستهم لشعائرهم الدينية في أماكنهم الخاصة ومن دون مضايقة.
إلا أن الواقع يؤكد أن السلطات في السعودية تعمد إلى ملاحقة واعتقال الوافدين بسبب ممارستهم لشعائرهم، ومن ذلك اعتقال مسيحيين في سبتمبر 2014 بسبب أدائهم الصلاة داخل منازلهم، كما أنها عمدت إلى مصادرة كتبهم الدينية. كما ان الحكومة السعودية تحتفظ بسجل طويل ومتراكم في استهداف المواطنين المختلفين عن المذهب الرسمي، وليس على سبيل الحصر، الحكم على المواطن الشيعي زهير بو صالح بالسجن شهرين وجلده ستين جلدة في يوليو 2015 بسبب إقامته للصلاة جماعة في منزله في مدينة الخبر شرق السعودية.
وحول حرية الرأي والتعبير، اعتبر الوفد أنها مكفولة ما لم تحمل تعديا على النظام العام للبلاد، أو على القانون، وشدد على أن السعودية تكفل ذلك في إطار القوانين الدولية وأهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة 29 الفقرة 2، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المادة 19، كما أشار إلى أن تشريعات المملكة لا تنضوي على أي شكل من أشكال التمييز.
هذه التصريحات تتناقض مع ملاحقة السلطات السعودية للأفراد بسبب ممارستهم لحقوقهم، حيث تعتقل السلطات كتابا ومنهم زهير كتبي و زكريا آل صفوان، وشعراء مثل أشرف فياض و عادل اللباد بسبب تعبيرهم عن رأيهم.
وانتهى الوفد إلى أن أي محاولة لتشويه صورة المملكة دون مراعاة الثقافة والدين هو تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد وغير مقبول أبدا.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان تؤكد تناقض كلمة الوفد الحكومي السعودي مع الواقع في داخل السعودية، وإن معارضة الوفد لما ورد من رأي في تقرير المقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وإنشاء الجمعيات، لا يستند على حقائق موضوعية، حيث تتوافر تقارير متعددة تؤكد ما ذهب له المقرر في تقريره.
نذكر حكومة السعودية بوجود طلب من قبل المقرر الخاص السيد ماينا كياي منذ 30 أكتوبر 2013 تقدم به لزيارة السعودية، وإنه إذا كانت السعودية تدعي إن المقرر (جنح إلى رسم صورة مغلوطة) عن السعودية، وإنه استند إلى (مصادر غير موثوقة)، فإن المسؤولية هنا تقع على عاتقها في إيقاف الاستمرار بتجاهل طلب الزيارة المقدم منذ 3 سنوات.
إن المنظمة ترى إن تكذيب ورفض السعودية لآراء واستنتاجات المقررين في الأمم المتحدة، ورفضها في ذات الوقت لعدة طلبات لزيارات قدمها عدة مقررين في الأمم المتحدة، دلالة على عدم تعاون مع آليات الأمم المتحدة، والتي يُنتظر منها لكونها عضو في المجلس أن تبدي تعاونا عالي المستوى مع مختلف آليات الأمم المتحدة. إن هذا السلوك الغير إيجابي، لا يساعد على تحسين حالة حقوق الإنسان في السعودية.