مع أغسطس 2019، يكتمل عام على بدء محاكمة المدافعة عن حقوق الإنسان إسراء الغمغام والذي طلبت فيها النيابة العامة حكم الإعدام. الطلب الذي استتبعه استنكار واسع، لكونها المرة الأولى التي تطلب النيابة العامة حكم القتل بحق معتقلة من المدافعات عن حقوق الإنسان، تم تغييره بعد أشهر على ذلك. فبعد عقد ٤ جلسات للمحاكمة التي بدأت في أغسطس 2018، حضرت الأولى بدون محام، أعقبتها ٣ جلسات مضطربة وغامضة لم تحضر الحكومة فيها الغمغام، أكدت مستندات رسمية تغيير طلب الإعدام إلى السجن.
وعلى الرغم من مرور عام على أول جلسة عقدت للغمغام، لا تزال جلسات محاكمتها سارية، مع طلب النيابة العامة عدة عقوبات ضدها من بينها: معاقبتها بالحد الأعلى من العقوبة المقررة في المادة الثامنة من النظام الجزائي لجرائم التزوير، وهو ما يعني أنها تواجه حكما قد يصل إلى 5 سنوات في السجن وغرامة مالية تصل لنصف مليون ريال (120 ألف يورو)، والحد الأعلى من العقوبة المقررة في المادة السادسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية .التي تصل حتى السجن 5 سنوات وغرامة حتى 3 ملايين ريال (722 ألف يورو)، وكذلك طلبت النيابة الحكم بمنعها من الكتابة. ومن المفترض أن تعقد جلسة المحاكمة المقبلة للغمغام في سبتمبر 2019، في ظل إستمرار افتقار محاكمتها للكثير من شروط العدالة.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن اعتقال المدافعة إسراء الغمغام مبني على أسس تنتهك حقوق الإنسان، حيث أنها واجهت تهماً غير متناسبة وغير عادلة، وهذا ما كان التحليل القانوني للائحة التهم الذي قام به المحامي الدولي لحقوق الإنسان أوليفر ويندريدج قد خلص إليه. كما تشير المنظمة إلى أنه على الرغم من تراجع الإدعاء العام عن طلب القتل، إلا أن ذلك لا يعني أن الحكومة السعودية بدأت في إنصافها، إذ أنها لاتزال تحاكم في محكمة الإرهاب وبموجب قانون الإرهاب بسبب ممارستها لأنشطة سلمية مكفولة في القوانين الدولية.
وتوضح المنظمة أن الحكومة السعودية كانت قد ردت في يناير 2019، على رسالة مشتركة من 10 مقررين وفِرَق من الأمم المتحدة في أكتوبر 2018، تناولت قضية عدد من الناشطات بينهن الغمغام. الرد الرسمي احتوى على عدد من المغالطات، حيث كرر أن التهم التي تواجهها الغمغام تهم إرهاب، ونفى كون المظاهرات التي شهدتها المنطقة الشرقية كانت مظاهرات وتحركات سلمية، ومدعيا أن الغمغام حصلت على كافة حقوقها القانونية. الرد السعودي نفى طلب الإدعاء العام الإعدام للغمغام فيما أكد طلبه لأربعة من المعتقلين في القضية نفسها، وذلك على الرغم من أن منظمات حقوقية عدة من بينها المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، كانت قد حصلت على نسخة من لائحة النيابة العامة السابقة التي طلبت فيها الإعدام لإسراء الغمغام.
هذا التزوير الذي انتهجه الرد السعودي، يبيّن طريقة تعاطي الحكومة السعودية مع الآليات الأممية ومجانبتها للشفافية. إضافة إلى ذلك، فإن أصل طلب الإعدام لأربعة معتقلين في نفس القضية يواجهون تهما متقاربة مع آخرين تطالب النيابة بسجنهم، يؤكد افتقار المحاكمات إلى معايير موحدة في النظر للقضايا. إنه من المثير للاستغراب إستمرار النيابة العامة بطلب قتل زوج إسراء السيد موسى الهاشم، وزملاؤها خالد الغانم وعلي العويشير وأحمد المطرود، على الرغم من تشابه التهم إلى حد كبير جداً، وعدم وجود فرق جوهري بينها.
إضافة إلى ذلك، فإن استمرار محاكمة الغمغام، هو تجاهل للبيان العلني الذي كان مقررون أمميون قد أصدروه في أكتوبر 2018، أشاروا فيه إلى قضية المدافعات عن حقوق الإنسان المعتقلات وبينهن الغمغام، حيث طالبوا الحكومة بشكل عاجل بالإفراج غير المشروط عنهن ورفع التهم الموجهة لهن.
إن المنظمة تؤكد أن ما تواجهه المدافعة عن حقوق الإنسان إسراء الغمغام، ينطوي على أشكال متعددة من القمع على خلفية نشاطها السلمي، وهو جزء من حلقات الانتهاك بحق النساء المعتقلات في السعودية. وتؤكد المنظمة أن سبيل الانتصاف الوحيد للغمغام هو الإفراج الفوري عنها ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات التي تعرضت لها.