يسير في هذه الأثناء في غرب جنوب السعودية، باص وعلى متنه 4 أخوات، لترحيلهن لليمن بشكل قسري وتعسفي، على إثر قرار أصدرته وزارة الداخلية بترحيلهن، على الرغم من وجود قضية تتعلق بالإيذاء الأسري الذي تعرضن له من والدهن منظورة في المحكمة، وستعقد جلستها الثانية بتاريخ 10 سبتمبر 2020.
الأخوات هُنَّ: هنا 31 سنة، هدى 30 سنة، سارة 22 سنة وهاجر 21 سنة، بدأت قضيتهم منذ أن أرسلوا برقية لولي العهد محمد بن سلمان، يناشدونه الحماية والإنصاف من تعنيف والدهن وإهماله لهن بعدم الإنفاق والعناية والحرمان حتى من الزواج.
تحولت البرقية لشرطة “النزهة” ولكنها أغلقت بعد ذلك بطريقة غير واضحة، وبعد ذلك توجهت الأخوات بالشكوى للنيابة العامة وأقيمت جلستي تحقيق معهن ولكن بعد ذلك توقفت التحقيقات.
الأب بعد ذلك أجبر الأم على تقديم شكوى على بناتها في شرطة النزهة والزعم بإنها ضُرِبت من قبلهن، أو سيقوم بقتل البنات. وتحت الخوف والتهديد أجبرت الأم على تقديم الشكوى، ووقعت الأم أوراقاً دون أن تتمكن من قرائتها بسبب أميتها، تفيد بأن البنات “عاقات لوالديهن”، وعلى أثر ذلك أودعت البنات في توقيف شرطة النزهة حتى الساعة الثانية فجرا.
بعد ذلك نقلت الفتيات إلى سجن ذهبان الجنائي ومكثن فيه 7 أيام، حتى وصل خطاب من أمير المنطقة لتحويلهن إلى دار الحماية، وفي أثناء وجودهن في الدار قام أباهن بإصدر أمراً بترحيلهن بشكل نهائي مع أمهن.
بعد ذلك وأثناء وجودهن في الدار، رفعت الفتيات قضية في المحكمة يطالبن بالنفقة، ولكن القاضي أسقط الطلب على إعتبار أن هناك أمراً بالترحيل وقال أن نفقتكن تقدر في اليمن، وكذلك طالبن بالسكن ولكن القاضي رفض لأنهن مودعات في دار الحماية. وتمكنت الأخوات من كسب قضية طلب أوراقهن الثبوتية وهويتهن، وتمكنا من الحصول عليها، وكذلك تمكنوا من الحصول على قرار بضمهن مع أمهن، وبعد ذلك رفعوا قضية “عضل” ضد أبيهن ولكن القاضي رفض بدعوى عدم وجود زوج في الوقت الحالي.
يتم الآن ترحيل الأخوات بعد سنة وسبعة أشهر من سجنهم في ما تسميه السعودية دار حماية الفتيات، التي عرقلت طوال هذه المدة تحركاتهن القانونية، ولم تساعدهن على تحقيق قرار المحكمة الذي قضى لهن بالضم مع أمهن.
رُفضت الكثير من المحاولات، وعوملت الفتيات بمثابة الأملاك القانونية للأب المعنف والمعضل، ولم يسمح للأم أو الأخ الأكبر بضم البنات قانونيا، بسبب تعسف الأب.
تواطئت دار الحماية عبر موظفاتها ضد الفتيات رغم وجود قضية لم تحسم في المحكمة، وتم تقييد أيدهن بالقيود كالمجرمين، وتم إرسالهن لمركز الإيواء بالشميسي الذي هو سجن يودع فيه الأجانب الذي سيتم ترحيلهم ومن بينهم المجرمين، في تجاوز واضح للقضية المقامة في المحكمة والتي لم تحسم بعد. وقد رفض مركز الأيواء إستقبالهن في باديء الأمر بسبب وجود قضية منظورة، إلا أنه استقبلهن في نهاية المطاف ورحلهن.
قامت القنصلية اليمنية في جدة اليوم، بتقديم خطاب لمركز الإيواء بالشميسي، يؤكد وجود خطر عليهن في حال الترحيل، والتذكير والتأكيد على وجود قضية منظورة لم تحسم بعد، ولكن رفض الخطاب وتم تجاهله.
إن ماجرى على الفتيات من أبيهن، هو ماتشير له المادة الأولى من “نظام الحماية من الإيذاء”، التي توضح أن: (الإيذاء : هو كل شكل من أشكال الاستغلال، أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، متجاوزاً بذلك حدود ما له من ولاية عليه أو سلطة أو مسؤولية أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية. ويدخل في إساءة المعاملة امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء �A8واجباته أو التزاماته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته أو ممن يترتب عليه شرعاً أو نظاماً توفير تلك الحاجات لهم).
كما إن المادة العاشرة من ذات النظام تنص على أن: (تراعي الوزارة -عند تعاملها مع أي من حالات الإيذاء- درجة العنف المستخدم ونوعه ومدى تكراره، وألا يترتب على اللجوء إلى أيٍّ من الوسائل المستخدمة لمعالجته ضرر أشد على الضحية، أو أن يؤثر ذلك بالضرر على وضعه الأسري أو المعيشي، مع إعطاء الأولوية للإجراءات الإرشادية والوقائية في التعامل مع الحالة، ما لم يقتض الحال خلاف ذلك)، ولكن من الواضح أن الضرر على الفتيات تصاعد ووصل حتى ترحيلهن وتمزيق شمل الأسرة.
إن تسليم الأخوات لأطراف أسرية في اليمن، على علاقة بأبيهن المعنف والخصم، تعريض واضح لحياتهن بالخطر. إن الترحيل -إن لم يتم تداركه على عجل- كفيل بتمزيق شمل الأسرة، والتأكيد على أن الكثير من الفتيات والنساء قد يواجهن هذا المصير بسبب الآباء المعنفين.