نحن، المنظّمات الموقّعة أدناه، ندعو السلطات السعوديّة إلى التوقف فورًا عن إساءة استخدام التدابير الإداريّة والقضائيّة ضدّ المدافعين عن حقوق الإنسان الذين أُفرج عنهم من السجن، ومن بينهم الناشطتان في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول ومريم العتيبي، ورفع جميع القيود التعسفيّة المفروضة عليهم، بما في ذلك حظر السفر.
تقوم لجين الهذلول حاليًا بتقديم استئناف ردًا على أحدث موجة من المماطلة البيروقراطيّة في مسعاها لإلغاء حظر السفر غير القانوني المفروض عليها. وقد واجهت الهذلول، وهي مدافعة عن حقوق الإنسان والصوت الرائد لحقوق المرأة في السعوديّة، قيودًا إداريّة تعسّفيّة منذ الإفراج عنها من السجن في فبراير 2021. كما تضمّن حكمها الجنائي حظر سفر لمدّة عامين و 10 أشهر بعد الإفراج عنها. وقد كان من المقرّر أن ينتهي حظر سفر الهذلول في 12 نوفمبر 2023، ومع ذلك، ظلّت منذ ذلك الحين غير قادرة على السفر، دون إخطار رسمي من السلطات السعوديّة بأي حظر جديد أو مستمر، سواء كان جنائيًّا أو إداريًّا، يمكنها الطعن فيه.
ينصّ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل فرد الحق في حرّيّة التنقّل والإقامة داخل حدود كل دولة، والحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده. وينصّ الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صدّقت عليه السعوديّة، بشكل أكثر صراحة على أن “لا يجوز حرمان المواطنين شكل تعسّفي أو غير قانوني من مغادرة أي بلد عربي، بما في ذلك بلدهم”.
كما تدعم أنظمة السعوديّة هذا الحق: ينصّ نظام وثائق السفر السعودي على أنه “لا يجوز منع أي فرد من السفر إلا بموجب حكم قضائي أو قرار صادر عن وزير الداخلية أو رئيس أمن الدولة، لأسباب محدّدة تتعلق بالأمن ولفترة زمنيّة محدّدة… يجب إخطار الفرد الممنوع من السفر في غضون فترة لا تتجاوز أسبوعًا واحدًا من تاريخ إصدار الحكم أو القرار المذكور”.
وفي ديسمبر 2023، تقدّمت الهذلول بشكوى قضائيّة ضدّ رئاسة أمن الدولة، طعنت فيها بحظر السفر المفروض عليها ودعت إلى رفعه. ومع ذلك، عندما وصلت شكواها إلى ديوان المظالم (محكمة إداريّة) بعد تسعة أشهر، في 10 سبتمبر 2024، كانت الإجراءات شكليّة وفشلت في معالجة قضيّتها. فعندما طلب القاضي من أمن الدولة ردّهم على شكوى الهذلول، قالوا ببساطة إنهم لم يتلقوا وثائق القضيّة. وفي تلك المرحلة، أعلن القاضي نفسه غير مختصّ للنظر في الشكوى وأغلق القضية لعدم الاختصاص. اعتبارًا من 28 أكتوبر، كانت الهذلول بصدد تقديم ردها.
تسلّط هذه الحلقة الضوء مجدّدًا على الطبيعة التعسفيّة للإجراءات القانونيّة في السعوديّة، والتي ترقى إلى المضايقة الإداريّة، التي يواجهها العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان بعد الإفراج عنهم من السجن. وفي كثير من الأحيان، كما هو الحال في قضيّة الهذلول، يُمنع أفراد أسرهم أيضًا من السفر، دون أي أساس قانوني، في انتهاك للمادّة 38 من القانون الأساسي، وكعمل انتقامي ضد المدافعين عن حقوق الإنسان. وفي رسالة إلى هيئة حقوق الإنسان السعوديّة الرسميّة في نوفمبر 2023، دعا النشطاء المغتربون إلى وضع حدّ لهذه الممارسة التعسّفيّة وغير القانونيّة.
وفي قضيّة أخرى، تواصل الناشطة مريم العتيبي مواجهة المضايقات والأعمال الانتقاميّة بسبب مشاركتها في حملة #IAmMyOwnGuardian ضد أنظمة ولاية الرجل في السعوديّة. وفي عام 2016، رفضت العتيبي طلب والدها بالتراجع عن شكوى العنف المنزلي التي قدّمتها ضدّ إخوتها، الذين أساءوا معاملتها انتقامًا لنشاطها. كما اعتُقلت العتيبي في 18 أبريل 2017 واتُهمت بـ “عقوق الوالدين” بعد شكوى والدها.
بعد الإفراج عنها في 10 فبراير 2021، فرضت عليها السلطات السعوديّة حظر سفر تعسّفي وغير محدّد المدة. وعندما فشلت أكثر من 50 شكوى مقدّمة إلى مؤسّسات سعوديّة مختلفة في حلّ المشكلة، لجأت مريم إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن شكواها بشأن حظر السفر. نتيجة لذلك، أدانتها محكمة الرياض الابتدائيّة في 22 يونيو 2022 بتهمة “إعداد وتخزين ونقل مواد تمس بالنظام العام” بموجب المادة 6 من نظام مكافحة جرائم المعلوماتيّة لعام 2007. وقد حكمت المحكمة عليها بالسجن لمدّة أربعة أشهر، وغرامة قدرها 100 ألف ريال سعودي (26.660 دولار أمريكي)، ومصادرة هاتفها المحمول وإغلاق حسابها على تويتر. كما تؤكّد وثائق المحكمة، التي تحقّقت منها القسط وشركاؤها، أن جميع التهم الموجهة إليها كانت مرتبطة بمنشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي حول حظر السفر المفروض عليها.
وفي رسالة إلى السلطات السعوديّة في مارس 2024، استفسرت مجموعة من خبراء الأمم المتحدة البارزين رسميًّا عن الأسس القانونيّة التي فرضت بموجبها حظر السفر على الهذلول والعتيبي، وأعربوا عن قلقهم بشأن هذه المضايقات الإداريّة المبلّغ عنها. وقد كان رد السلطات السعوديّة، الذي رفض مخاوف خبراء الأمم المتحدة، غير مرضٍ على الإطلاق.
لذلك، نحن، المنظّمات الموقّعة أدناه، ندعو السلطات السعوديّة إلى التوقف فورًا عن إساءة استخدامها للإجراءات القضائيّة والإداريّة ضدّ المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك ممارسة فرض حظر تعسّفي على السفر، وضمان معالجة الشكاوى القضائيّة وفقًا للمعايير القانونيّة الدوليّة. يجب على السلطات السعوديّة أيضًا السماح للمراقبين المستقلّين، بما في ذلك المنظّمات الدوليّة أو المكلّفين بولايات في مجال حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بالدخول إلى البلاد للتحقيق في مثل هذه الانتهاكات.
يجب أن تنتهي حملة المضايقات المستمرّة هذه، ويجب على السعوديّة الوفاء بالتزاماتها بحماية واحترام حقوق جميع الأفراد، بما في ذلك أولئك الذين يدافعون عن حقوق الإنسان داخل البلاد.
المنظّمات الموقّعة:
- القسط لحقوق الإنسان
- أكسيس ناو
- منظّمة العفو الدوليّة
- آفاز
- مركز الديمقراطيّة وحقوق الإنسان في السعوديّة
- داون
- المنظمة الأوروبيّة السعوديّة لحقوق الإنسان
- فير سكوير
- الحريّة الآن
- مركز الخليج لحقوق الإنسان
- هيومن رايتس ووتش
- الخدمة الدوليّة لحقوق الإنسان
- مجموعة منَا لحقوق الإنسان
- مركز الشرق الأوسط للديمقراطيّة