قالت السعودية في 28 فبراير 2014 في تقرير قدمته لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: (عقوبة القتل تسقط عن القُصّر، ولا تنفذ على الأطفال إطلاقاً، وتجدر الإشارة إلى أن تعريف الطفل بموجب أنظمة المملكة متفقٌ مع المادة (1) من اتفاقية حقوق الطفل)، ولكن في 2 يناير 2016 وبعد هذا التقرير بعشرين شهراً، أقدمت السعودية على إعدام 47 شخصا، من بينهم 4 قاصرين. لتشكل ثاني أكبر إعدام جماعي في تاريخها، بعد إعدام 61 شخصا في 7 يناير 1980.
آثار إعدام 2 يناير 2016، إستنكارات متوالية، حيث أبدى أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون استيائه من ذلك، واعتبر أن المحاكمات -في معرض إشارته لإعدام الشيخ نمر- أثارت مخاوف جدية حول طبيعة التهم ونزاهة المحاكمة. فيما أسف المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة زيد رعد الحسين للإعدامات التي نفذتها السعودية مطالبا إياها بحظر الإعدامات، معربا عن قلقه من أن الأحكام لم تستوفي مجموعة صارمة من الشروط الموضوعية والإجرائية. وأثارت الممثلة العليا لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الإتحاد الأوروبي السيدة فيديريكا موغيريني، المخاوف الخطرة فيما يتعلق بحرية التعبير واحترام الحقوق المدنية والسياسية الأساسية، وأنها يجب أن تصان في جميع الحالات بما فيها في حالات مكافحة الإرهاب.
الهيئات الرسمية السعودية ومنها وزارة الداخلية ووزارة العدل، رفضت الإنتقادات وادعت أن الأحكام تمت في (ظل ضمانات الإبداء في دفاعه وتقديم ما يريد تقديمه، ولا يتم الفصل في الحكم إلا بعد استنفاد كل درجات التقاضي). أما الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، فإعتبرت أن (المحاكمات استوفت الأصول الشرعية والقانونية ومبادئ وضوابط المحاكمات العادلة وحصول المحكوم عليهم على الضمانات). تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، وبحسب بعض الحالات التي راقبتها ووثقتها، إن الحكومة السعودية إرتكبت من خلال الإعدامات إنتهاكات لعدد من المواثيق الدولية، حيث لم تتأمن شروط المحاكمة العادلة، ونفذت بناءً على إتهامات إنتزعت تحت التعذيب، كما ارتكبت إنتهاكات كبرى مما تضمنته إتفاقية حقوق الطفل التي انضمت لها السعودية.
علي سعيد آل ربح، كان من الحالات التي تمكنت المنظمة من تتبع سير محاكمته وتوثيق ما جرى عليه من إنتهاكات. حيث اعتقل في 12 فبراير 2012، وكان حينها يبلغ من العمر ثمانية عشر عاما وشهران، اتهم بالمشاركة في مظاهرات فبراير من عام 2011، وتهم أخرى حينما حين كان عمره (17 عاما)، وتم إعدامه بناء على تلك التهم. أشار مقطع من فلم وثائقي، إلى أن بعض اعتقلهم السعودية بدعوى إنتمائهم للقاعدة، صغارا في السن ولا يعون حقيقة الأمور. ورغم أن المحاكمات في السعودية لا تتمتع بالشفافية، ومن الصعب الوصول إلى المعلومات حول كل من تم إعدامهم في 2 يناير 2016، إلا أنه عرف بوجود قاصرين آخرين، وهم: مشعل حمود الفراج (17 سنة) – أمين محمد الغامدي (17 سنة) – التشادي مصطفى محمد طاهر أبكر (14 سنة)، وما يتوفر من معلومات يشير إلى اعتقالهم في مداهمات في يونيو 2003 في حي الخالدية مكة المكرمة، وفي يناير 2004، أعمارهم كانت دون 18 سنة، أوضحت بعض المقابلات أو الأفلام الوثائقية، أن بعضهم تراجع عن أفكاره المتشددة، كما أنه في سياق ما عرضته وسائل الإعلام السعودية، لم يتم الإشارة إلى إرتكابهم جريمة محددة تستوجب الإعدام، كما إنهم قرابة 13 سنة في السجن قبل أن يتم اعدامهم. أوضح مدير شرطة مكة المكرمة إن هناك من الأطفال من كان يعتقد أنه جلب من أجل حضور دورة قرآنية في مكة لمدة أسبوع.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، تطالب الحكومة السعودية بإجراء مراجعات شفافة ومعلنة حول إعدامات 2 يناير 2016، وتطالب بإشراك جهات محايدة حقوقية وقانونية للتحقق من كافة المجريات، التي قادت لتنفيذ هذه الإعدامات، التي تضمنت 4 قاصرين.
9 قاصرين معرضين للإعدام:
ورغم العيوب والنواقص الواضحة في مجريات العدالة، التي أودت بقتل 4 قاصرين في 2 يناير، وثقت المنظمة وجود 9 قاصرين يتهددهم الإعدام في الوقت الحالي، يتوزعون على حالات حكم مختلفة، بين من صدق حكمه بشكل نهائي وقد يقتل في أي لحظة، وبين من نال حكما إبتدائيا بالإعدام وينتظر الإستئناف، وهم: علي النمر – داوود المرهون – عبد الله الزاهر – حسين علي البطي – سعيد محمد السكافي – سلمان أمين آل قريش – مجتبى نادر السويكت – عبد الله سلمان آل سريح – حسن عبدالوهاب آل جزير.
بعضهم اعتقل في عمر أقل من 18 عاما، والبعض اعتقل فوق عمر الثمانية عشر ولكن تهمهم تشير لعمر أقل من 18 عاما. وقد وثقت المنظمة حالات بعضهم في تقارير سابقة، حيث تعرض بعضهم للتعذيب بغرض إنتزاع إعترافات، كما مورست مع بعضهم أساليب خداع وإكراه، كما إن بعض الإعترافات المسجلة عليهم كانت قد كتبت بخط يد المحققين واكرهوا على توقيعها، كما إن محاكمتهم لم يتوفر فيها العديد من شروط المحاكمة العادلة.
تشدد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان على تذكير الحكومة السعودية ببيانها الذي قالته في 28 فبراير 2014: (عقوبة القتل تسقط عن القُصّر، ولا تنفذ على الأطفال إطلاقاً).
كما نرى في المنظمة، إنه وبناء على كثير من الوقائع، فإنه يتوجب على الحكومة السعودية محاسبة كل من ساهم في الإنتهاكات التي وقعت على القاصرين اللذين قتلوا في 2 يناير 2016 وهم: مشعل حمود الفراج – علي سعيد آل ربح – أمين محمد الغامدي – مصطفى محمد طاهر أبكر، وذلك منذ لحظة القبض حتى القتل.
كما تطالب المنظمة بتدارك الأحكام الصادرة على التسعة القاصرين اللذين يواجهون الإعدام حاليا: علي النمر، داوود المرهون، عبد الله الزاهر، حسن عبد الوهاب آل جزير، مجتبى نادر السويكت، حسين علي البطي، مصطفى أحمد درويش، سعيد محمد السكافي، عبد الله سلمان آل سريح، ومحاسبة المساهمين وذوي العلاقة القانونية فيما وقع عليهم من إنتهاكات، وإطلاق سراحهم وإعادة محاكمتهم محاكمة تكتمل فيها كل عناصر وشروط المحاكمة العادلة.
كما وجدت المنظمة، ومن خلال متابعتها لحالات القاصرين مثل حالة علي آل ربح، أو حالات القاصرين المهددين بالإعدام حاليا، وجود فرق شاسع بين القوانين الموجودة في الورق الخاصة بالقاصرين، وبين المعاملة المطبقة على أرض الواقع. إننا نلفت نظر الحكومة السعودية إلى أهمية الإلتزام العملي التام بالقوانين المحلية والدولية، إذ لايوجد معنى لإطلاق تصاريح نظرية في المحافل الدولية حول النظم المكتوبة في السعودية، دونما الإلتزام العملي بها على أرض الواقع، وخصوصا فيما يتعلق بإعدام القاصرين.
كما إن على السعودية الكف عن استخدام الإعلام الرسمي في ترويج إتهامات غير صحيحة للقاصرين، وإطلاق الأحكام من خلال الإعلام حتى قبل صدور نتائج المحاكمة، كما إن على الحكومة فتح المجال للمدعى عليهم أو محاميهم أو أسرهم في الإعلام المحلي، وإن اقتصار الإعلام على نقل وجهة نظر الحكومة يؤكد استخدام الإعلام في ممارسات غير نزيهة.