يوم الجمعة 4 مارس 2016، توجهت عائلة الشاب مكي علي العريّض إلى مركز شرطة العوامية للسؤال عن إبنها بعد يومين على إختفائه، ليتفاجؤا بخبر موته.
وكان الشاب مكي، البالغ من العمر 25 عاما، ولاعب كرة اليد في أحد الأندية المحلية، كان خارجا بسيارته يوم الأربعاء 2 مارس 2016 للبحث عن عمل، وبعد ذلك لم يجري بينه وبين أسرته إتصال، وبعد يومين على إختفائه، توجه ذووه إلى مركز الشرطة في بلدة العوامية للسؤال عنه بعد توارد أنباء مقلقة عنه.
وبحسب السكان المحليين، قامت الشرطة بإعتقال العريّض من (نقطة تفتيش صفوى – العوامية) الواقعة بين مدينتي العوامية وصفوى في محافظة القطيف، على خلفية إتهامه بتصوير نقطة التفتيش. وادعى رجال الشرطة أن مكي توفي بشكل مفاجئ بسبب شعوره بالخوف.
أسرة الشاب العريّض، أصدروا بيانا أكدوا فيه إن إبنها قتل تحت التعذيب في توقيف شرطة القطيف الشمالية. البيان أكد أن مكي لم يكن مطلوبا كما لم توجه له مذكرة إستدعاء للشرطة، وأن السلطات الرسمية لم تبلغ العائلة بإعتقاله، وأنهم ذهبوا للسؤال عنه، وبعد ذلك عرفوا أن جثته في الثلاجة وأنه توفي بسبب الخوف.
مصادر أهلية أكدت أن العائلة وجدت آثار تعذيب على جسده عند إلقاء نظرة على الجثة في ثلاجة المستشفى، ومنها آثار ضرب وصعق كهربائي. كما أشارت إلى أنه لم يتم تسليم الجثة للضغط على أهله من أجل التوقيع على أن أسباب الوفاة طبيعية.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، ترى إن مقتل العريض نتيجة لما درجت عليه السعودية من إنتهاكات ممنهجة، تنتهك فيها القوانين المحلية والدولية على حد سواء، منها الإتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري، حيث عمدت إلى إخفاءه ولم يعلم أهله مصيره لمدة يومين، كما أن إعتقاله تم من دون مذكرة توقيف، ومن دون جرم، ومع قتله داخل السجن تؤكد الحكومة السعودية استهتارها بحق الحياة الذي تكفله المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وتشير المنظمة إلى أن الإدعاءات بأن أسباب الوفاة كانت ناجمة عن الخوف تطرح أسئلة حول الأسباب التي أدت إلى شعوره بالخوف، ما يعد إنتهاكا للمادة الأولى لإتفاقية مناهضة التعذيب التي تبين في المادة الأولى أنه “يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا”.
وفي ظل المعلومات التي أكدت وجود آثار تعذيب على جسد الشاب مكي العريّض، فإن المنظمة تطالب الحكومة السعودية بإجراء تحقيق فوري حول القضية بحسب ما تضمن المادة 12 من إتفاقية مناهضة التعذيب، لكشف الحقائق حول القضية ومحاسبة المسؤولين، كما تطالب المنظمة بالتعويض كما تنص المادة 14 في حالة الوفاة.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، تؤكد أن العديد من المعتقلين في السعودية تعرضوا للتعذيب لعدة أسباب ومنها إنتزاع الإعترافات أو الإنتقام أو التشفي، وهذا ما يثير بالغ القلق، حيث التعذيب ممارسة ممنهجة في السجون السعودية، دون أن يكترث القضاء بشكاوى التعذيب التي يرفعها له المعتقلين أثناء المحاكمات.
إن إستمرار السعودية في دعم سياسة الإفلات من العقاب، ساهم في تمادي الأجهزة التنفيذية مثل الشرطة والمباحث وغيرها في ممارسات التعذيب وتعريض حياة المعتقلين للخطر، وفي المزيد من الإستخفاف بكرامة المواطنين، وهذا سلوك آخذ في الإتساع.
تطالب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان الحكومة السعودية وعلى وجه السرعة بتسليم جثمان الضحية مكي العريض حيث مازالت تحتجز جثته رغم مضي 13 يوماً على مقتله، والتحقيق الشفاف في ظروف قتله، وتقديم الجناة لمحاكمة علنية عادلة. كما تطالب المنظمة الحكومة السعودية بالسماح بزيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وتعتبر عدم السماح للمقرر بالزيارة رغم تقدمه بطلب زيارة السعودية في 2006، وفي 2007، وفي 2010، دلالة سلبية على عدم وجود رغبة في إيقاف ممارسة التعذيب الواسعة النطاق ورغبة في التستر على هذه الجريمة الممنهجة.