في 27 يناير 2019، أعدمت حكومة المملكة العربية السعودية المعتقل اليمني الجنسية ياسين محمد علي (7 ديسمبر 1990)، وذلك ضمن إعدام جماعي تضمن يمنيين آخرين، بعد سلسلة من الإجراءت التعسفية والمجانبة إلى حد بعيد للعدالة، وشهادات تؤكد براءته.
أعتقل ياسين علي في العام 2010، وجهت له إلى جانب 3 آخرين وهم علي سالم إبراهيم يحي وعبد الباسط عبد الصمد غرسان ويحي عايش مسعود بخيت، تهمة قتل رحيم تاج غلام الباكستاني الجنسية الذي يعمل حارساً بمقر إحدى الشركات، وسرقة ما بحوزته وأسلاك معدنية تخص الشركة.
قضية ياسين، إنطوت على العديد من الإنتهاكات منذ لحظة الإعتقال، فبحسب المعلومات، تم إعتقاله تعسفيا من المنزل الذي كان يقطن فيه في محافطة مكة المكرمة من دون أي مذكرة إعتقال، ولم يتم إبلاغ العائلة. علمت العائلة بالإعتقال فيما بعد، من خلال رفاق له كانوا شهوداً على الإعتقال، واتصل بهم هاتفيّا بعد شهر من الإعتقال تقريبا.
تعيش أغلب عائلة ياسين في اليمن، وقضى نحو ثلاث سنوات دون رؤيتهم. بعد هذه المدة تمكّن أخوه المقيم في السعودية من زيارته، إلا أنه إلتقى به من وراء حاجب زجاجي، الأمر الذي لم يساعد على الحديث عما تعرض له من إنتهاكات طيلة الثلاث سنين، إضافة إلى وجود مراقبين من السجن، وعوائل أخرى في وقت الزيارة، مما يخشى معه الحديث عما تعرض له. وخلال سنوات الإعتقال العشرة، لم تزر العائلة علي، إلا لمرتين، فيما كان يتواصل معهم عبر الهاتف بشكل غير منتظم.
لم تتمكن العائلة من تعيين محام له لأسباب مادية، ولم تعرف طبيعة التهم التي كانت موجهة له، كما لم تستطع التأكد من تعيين محام له من قبل الحكومة. حاولت العائلة التواصل مع إدارة السجن والمؤسسات الرسمية ولم يتم التجاوب معها. إضافة إلى ذلك، لم تتدخل السفارة اليمنية لمتابعة القضية ومدى عدالة المحاكمة التي خضع لها.
في 27 يناير 2019، أعدمت الحكومة السعودية المعتقلين الأربعة في إحدى ساحات سجن إصلاحية مكة. وبحسب شهود عيان، وقبل تنفيذ العملية، أكد ثلاثة من المحكومين في نفس القضية وهم علي سالم إبراهيم يحي، وعبد الباسط عبد الصمد غرسان، و يحيى عايش مسعود بخيت، أن المتهم الرابع ياسين محمد علي بريء وأنه لم يشارك في عملية القتل.
تأكيدات المحكومين الثلاثة وإلحاحهم في الشهادة، رغما عن لحظات الرعب التي يعيشونها في ساحة الإعدام والسيف يقترب من قطع رؤوسهم، دفعت بالجهات الرسمية التي كانت تحضر العملية، إلى طلب تأجيل تنفيذ الحكم. وبحسب المعلومات، تم إيقاف تنفيذ الحكم عليهم لمدة ساعة تقريبا، وتم التواصل مع جهات مسؤولة وإجراء بعض الإتصالات، التي رفضت أن تأخذ الشهادات على محمل الجد، وتجاهلتها بشكل تماماً، ونفذ الحكم على ياسين والبقية.
لم يتم إبلاغ العائلة بموعد الحكم، وبعد تنفيذه تلقت إتصالا من أحد معارف ياسين يخبرهم بتنفيذ الإعدام. ذهب أخوه إلى السجن حيث أكدوا الخبر وسلموه وصيته وأغراضه الشخصية، التي لم تكن تحتوي على آوراقه الثبوتية، كما تمكن من زيارة قبره.
إعدام المواطنين اليمنيين، يضاف إلى الأحكام التي تنفذ بحق الأجانب في السعودية. فحتى نهاية أبريل 2019 مثل الأجانب 46% من مجمل المعدومين في 2019، 25% منهم من الجنسية اليمنية. وكانت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قد أحصت خلال 13 سنة منذ أغسطس 2004 حتى نهاية 2017 إعدام السعودية 1286 شخصا، 504 منهم أجانب.
وبحسب توثيق المنظمة، تنتهك الحكومة السعودية في إعتقال ومحاكمة وإعدام الأجانب عددا من القوانين الدولية، حيث أظهر تتبع بعض الحالات، ممارسات للتعذيب في أماكن الإعتقال، كما يحرم المعتقلون من حقوقهم الأساسية في التواصل مع العالم الخارجي والحصول على محام. هذه الممارسات التي تفرغ المحاكمات من شروط العدالة، تضع أحكام الإعدام في إطار أحكام القتل بإجراءات موجزة وتعسفية، وهو النهج الذي تم تطبيقه على الشاب اليمني ياسين.
ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن قضية ياسين، إنتهاك جديد وصارخ للقوانين الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يؤكد على الحق الأساسي في الحياة، حيث تبين القوانين الدولية أهمية اقتصار الدول التي لا تزال تنفذ أحكام الإعدام، على الجرائم الأشد خطورة، كالقتل العمد، وضمان أعلى شروط العدالة في المحاكمات، إلا أن قتل ياسين تجاهل شهادة الشهود. وعلى الرغم من عدم تمكن العائلة من التأكد من تفاصيل تعرضه للتعذيب، فإن السياق الذي تستخدمه السعودية يثير مخاوف جدية فيما يتعلق بإنتزاع إعترافات تحت التعذيب.
وتوضح المنظمة أن هذا الإعدام، إشارة واضحة لطبيعة تعاطي الحكومة السعودية في ملف إعدام الأجانب، كما أنها تأكيد على عدم جدية أي إصلاحات في ملفات حقوق الإنسان، والإعدامات خصوصا، التي كان قد وعد بها ولي العهد محمد بن سلمان.
تؤكد المنظمة على أهمية إيجاد آلية لتقييم إلتزام السعودية بتعهداتها، ومحاسبتها، ودفعها إلى المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، خاصة أن قرابة ثلث سكان السعودية هم من الأجانب بحسب الإحصاءات الرسمية.