في 12 يناير 2016، أحالت هيئة التحقيق والادعاء العام في المملكة العربية السعودية 28 موقوفا -غالبيتهم مواطنين، كانت قد اعتقلت أول دفعة منهم في 17 مارس 2013- إلى المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض، بتهمة التجسس لصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
بعض المتهمون كانوا يشغلون مناصب علمية واقتصادية في السعودية، ولهم مكانة اجتماعية، بينهم أساتذة في جامعات المملكة وأكاديميون وموظفون ومصرفيون وعلماء دين بارزين، كما أنهم يسكنون في مناطق ومحافظات مختلفة من السعودية:
· محافظة الإحساء: د. علي عبد الله الحاجي، حسين قاسم العبود، عباس حجي الحسن، عباس عبدالله العباد، احمد علي الناصر، علي حسين المهناء، عبدالجليل علي العيثان، علي حسين العاشور، محمد حسين العاشور.
· محافظة القطيف: إبراهيم علي الحميدي، حسين علي الحميدي، الشيخ علي أحمد الكبيش، علوي موسى الحسين، خضر علي المرهون، حسين سعيد ال إبراهيم، الشيخ محمد عبد الغني العطية.
· محافظة مكة المكرمة: الشيخ بدر هلال آل طالب.
· محافظة الدمام: ناصر عبد الله اللويم.
· محافظة المدينة: احمد عبدالعزيز الفلس، سهيل عبد العزيز المولد.
· محافظة جدة: سالم عبد الله العمري، يوسف عبد الله العمري، ياسين صالح الحربي، طالب مسلم الحربي، طاهر مسلم الحربي، محمد حسين العلاسي، أحمد غرامة الغامدي، سمير هليل الحربي.
وكانت السلطات السعودية قد قامت بين شهري مارس وحتى مايو من عام 2013 سلسلة من الاعتقالات لمواطنين ومقيمين، وأعلنت أنهم متهمون بقضية تجسس لصالح إيران.
وزارة الداخلية أشارت بعدها إلى أن التحقيقات (كشفت عن ارتباطات مباشرة لعناصر هذه الخلية بأجهزة الاستخبارات الإيرانية)، وأنهم تسلموا مبالغ مالية مقابل معلومات ووثائق، دون أن تذكر تفاصيل أخرى. وبعد أكثر من سنتين و 9 أشهر، تم إحالتهم إلى المحكمة الجزائية المتخصصة.
إضافة إلى ذلك ، فإن الإحالة إلى المحكمة أتت في ظل تزايد إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام في المملكة العربية السعودية، وبعد 10 أيام من تنفيذ أحكام جماعية تضمنت إعدام الشيخ نمر باقر النمر وثلاث نشطاء تؤكد التقارير أنهم حوكموا بناءً على تهم تتعلق بالتعبير عن الرأي، أدت إلى إدانة من قبل المفوض السامي لحقوق الإنسان.
هذه المعطيات، تفاقم المخاوف على سير محاكمة المتهمين، الذين سيواجهون تهما تتعلق بأمن الدولة والتي قد تصل فيها العقوبة إلى الإعدام. ورغم عدم بدء محاكماتهم إلا أن التهم تبدو مثبته عليهم من خلال التصريحات الرسمية، إضافة إلى وصف مفتي عام السعودية عبد العزيز آل الشيخ المتهمين، بالأعداء وفاقدي الإيمان واعتبر أنهم يخططون للإطاحة بالوطن.
كذلك وفي مخالفة بارزة لمبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته، جددت السلطات السعودية تأكيدا التهم بحقهم قبل المحاكمات من خلال البيان الأخير لوزارة الخارجية السعودية حول قطع العلاقات مع إيران، والذي أشار إلى أن من بين الأسباب ارتباط البعثات الدبلوماسية الإيرانية بتشكيل خلايا تجسس في مختلف الدول، ومن ما ذكر البيان: المملكة العربية السعودية (2013).
وتشير المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن المتهمين تعرضوا لسلسلة من الانتهاكات منذ اعتقالهم التعسفي دون مذكرات توقيف رسمية، وخلال مرحلة التحقيق، إلى أن تمت إحالة قضيتهم إلى المحكمة الجزائية المتخصصة:
· تمت إحالة قضاياهم إلى المحكمة بعد أكثر من سنتين و 9 أشهر من اعتقالهم في انتهاك لشروط المحاكمة العادلة التي تؤكد حق المتهم في المثول سريعاً أمام جهة قضائية والحق في المحاكمة خلال مدة معقولة. كما أن التوقيف لهذه المدة مخالف للقوانين المحلية مثل (نظام الإجراءات الجزائية – المادة 114) و (نظام جرائم الإرهاب وتمويله – المادة الخامسة) اللذان يضعان شروطا قضائية وأسبابا لتمديد اعتقال المتهمين لمدد طويلة أو تأخير محاكمتهم.
· منع بعض المتهمون من حقهم في التواصل مع العالم الخارجي لمدة ثلاثة أشهر منذ اعتقالهم ومنعوا من التواصل مع أهلهم.
· تعرض عدد من المعتقلين للتعذيب بعدد من الأساليب، فمنعوا من النوم وأجبروا على الوقوف لساعات طويلة رافعين أيديهم وفيها أصفاد، إضافة إلى إطفاء السجائر بأجسادهم، وتلقيهم مختلف التهديدات، في انتهاك لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية.
· تم انتزاع اعترافات من المعتقلين تحت التعذيب ما يشكل انتهاكا لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، التي تؤكد أنتضمن كل دولة طرف عدم الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة للتعذيب، كدليل في أية إجراءات.
وفي ظل العيوب الجذرية المتعددة التي تعتري نظام العدالة في السعودية، يتسم المسار الذي ستتخذه هذه المحاكمات بالغموض والقلق، إذ أنه خلال السبعة عشر عاما الماضية، نظرت المحاكم السعودية في 6 قضايا تتضمن تهما بالتجسس تباينت فيها الأحكام ما بين الإعدام والسجن والغرامة.
إن المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، تطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المتهمين، وتؤكد على حقهم في الحصول على محاكمة تضمن شروط العدالة وتؤمن لهم حقوقهم في الدفاع عن النفس. كما تطالب المنظمة السلطات السعودية بمحاكمات علنية وشفافة، وبإعادة التحقيق مع المتهمين لضمان أن لا تبنى المحاكمات على إعترافات أنتزعت تحت التعذيب للمتهمين.