في يوليو 2021، صادقت محكمة الاستئناف في المملكة العربية السعودية على حكم يقضي بإعدام الشاب أسعد مكي شبر علي تعزيرا. وذلك على الرغم من تعهد محمد بن سلمان في العام 2018 بإصلاح ملف الإعدامات.
اعتقل الشاب شبر علي ( 1 يوليو 1984) في 28 أبريل 2017، في منطقة عسير من دون إبراز مذكرة قبض، وذلك خلال قيامه بإيصال زوجته إلى المدرسة التي تعمل فيها.
عُزِل أسعد في الحبس الإنفرادي لمدة أربعة أشهر، لم يتمكن خلالها من التواصل مع عائلته أو العالم الخارجي. كما تعرض لأصناف عديدة من التعذيب الجسدي والنفسي بغية إجباره على “التبصيم” على اعترافات كتبها المحقق بنفسه، ما أدى إلى إصابات بالغة في ظهره. طلب شبر من المحقق نقله إلى المستشفى للعلاج، إلا أنه لم يستجب لطلبه، وتُركه يعاني من آلام مستمرة.
وكان من بين طرق التعذيب التي مورست بحقه التالي:
- الضرب باليدين والرجلين والسوط والسلك وأدوات أخرى في جميع أجزاء جسده ووجهه مع التركيز على أسفل الظهر لعلم المحقق بأنه يعاني من إصابة في فقرات ظهره، وكذلك ضربه في أماكن حساسة بجسده.
- تهديده بتعريته من ملابسه وهتك عرضه وبإحضار زوجته والاعتداء عليها، وحرمانه من الزيارات العائلية.
- تهديده بكسر فقرات ظهره والتسبب له بإعاقة دائمة تحرمه من المشي.
- إجباره على الوقوف لساعات طويلة رافعا يديه أو الوقوف على رجل واحدة.
- التلفظ عليه بأقذع الألفاظ النابية والطائفية.
بالإضافة للعزل في الحبس الانفرادي والتعذيب الذي تعرض له الشاب شبر، حُرم من الاستعانة بمحام في فترة التحقيق، وأُرغِم على المصادقة على أقوال كتبها المحقق بنفسه، كما حُرِم من التواصل مع عائلته لأشهر.
في مايو 2019، وبعد عامين تقريبا من اعتقاله عقدت المحكمة الجزائية المتخصصة أول جلسة له برفقة الشابين حسين حبيب السعيد ورائد الخيّر، لمحاكمتهم بشكل جماعي واستمرت لأكثر من عامين. من بين التهم التي وجهت له التالي: المشاركة في المظاهرات، ترديد الشعارات السياسية، الدعوة للمظاهرات والاعتصامات، الانضمام لتنظيم إرهابي مسلح، حيازة صورة للمطالب بالعدالة الاجتماعية الشيخ نمر باقر آل نمر (أُعدِم في 2 يناير 2016)، حيازة صورة له بجانب صورة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، حيازته لصور أسلحة حربية ومقاتلين يحملون أسلحة، ترديد هتافات سياسية في المظاهرات، المشاركة في إطلاق النار على دوريات أمنية.
بحسب مستندات رسمية راجعتها المنظمة، نفى الشاب شبر علي التهم الموجهة له وشدد على أن أقواله صادق عليها تحت وطأة التعذيب الجسدي والنفسي، كما ذكر أن بعض التهم الموجهة له في لائحة التهم كالانضمام لتنظيم إرهابي لا أصل لها في الإقرارات. بالإضافة إلى ذلك، طلب شبر بإحضار تسجيل الكاميرات الخاصة بجلسات التحقيق.
على الرغم من مزاعم التعذيب الذي ذُكرِت أمام المحكمة، وحرمان المتهم من كافة حقوقه الأساسية في فترة التحقيق، لم يكترث القاضي لذلك وأصدر حكمه بإعدام الشاب شبر، في انتهاك صارخ للمادة الثانية عشر من اتفاقية مناهضة التعذيب التي تنص على:” تضمن كل دولة طرف قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملا من أعمال التعذيب قد ارتكب في أي من الأقاليم الخاضعة لولايتها القضائية”. والمادة الخامسة عشر من ذات الاتفاقية التي تنص على:” تضمن كل دولة طرف عدم الاستشهاد بأية أقوال يثبت أنه تم الإدلاء بها نتيجة التعذيب، كدليل في أية إجراءات، إلا إذا كان ذلك ضد شخص متهم بارتكاب التعذيب كدليل على الإدلاء بهذه الأقوال.
إن إدانة الشاب أسعد شبر علي بتهم خطيرة بالاستناد لاعترافات منتزعة منه تحت وطأة التعذيب من دون تقديم أدلة مادية رصينة ليست حالة استثنائية، فمنذ انطلاق ما سمي ب “ثورات الربيع العربي” حتى الآن، وجهت السعودية للعشرات تهما تتعلق بالارتباط بدول ومنظمات وجماعات وأحزاب مصنفة سعوديا ضمن قائمة “الإرهاب”. لا يزال العديد من الدعاة والمشايخ يحاكمون بتهم تتعلق بارتباطهم بجماعة الاخوان المسلمين ودول كقطر، إيران، وتركيا. في ابريل 2019 أُعدم 11 شخصا بتهم تتعلق بالتجسس لصالح إيران ضمن مجزرة إعدامات جماعية ضمت 37 شخصا بينهم أطفال. كما أدانت السعودية العديد من الناشطات والناشطين بتهم تتعلق بالارتباط بدول ومنظمات. على سبيل المثال، وجهت النيابة العامة السعودية للمدافعة عن حقوق الإنسان تهمة بالتواصل مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الوقت الذي كانت مقعد مؤقت فيه. جميع الأشخاص الذين وجهت لهم تهما بالارتباط بدول ومنظمات وأحزاب ودول أخرى لم تتوفر لهم محاكمة عادلة وارتبطت تهمهم بالمزاج السياسي. كما تعرض أغلبهم للتعذيب الجسدي والنفسي، بالإضافة لعزلهم في الحبس الانفرادي لأشهر طويلة.
يواجه الشاب أسعد شبر علي، المرحلة القضائية الأخيرة لحكم الإعدام، حيث صادقت محكمة الاستئناف المتخصصة على الحكم بعد إصداره من قبل المحكمة الجزائية المتخصصة في يناير 2021، بالتالي في حال صادقت المحكمة العليا على الحكم من الممكن أن ينفذ في أي لحظة، بعد توقيع الملك أو من ينوب عنه.
نفذت السعودية منذ بداية العام 2021، 50 حكم إعدام ، ما يمثل تضاعفا عن أرقام العام 2020. يكشف هذا الارتفاع أن هبوط حالات تنفيذ الإعدامات في العام الماضي ليس تحول جدي لتقييد استخدام عقوبة الإعدام التعسفية، وإنما محاولة لتبييض الصورة الدموية للسعودية. كما يوضح مصادقة حكم الإعدام بحق الشاب شبر بتهم ليست شديدة الخطورة استهتار السعودية وتساهلها باستخدام هذه العقوبة.
تؤكد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن حياة الشاب أسعد مكي شبر علي مهددة في أي لحظة، حيث أن توثيق القضايا أكد أن الإجراءات القضائية غير متوقعة ويمكن أن تسرعها الحكومة السعودية أو تُأخرها من دون أي قواعد. وتشير المنظمة أن الأحكام الأخيرة المتسارعة، تشير إلى نية رسمية في السعودية للمضي في تنفيذ وإصدار أحكام الإعدام على عكس الوعود التي أطلقت خلال السنة الماضية. وتشدد المنظمة على أن أحكام القتل التعسفية والمحاكمات الجائرة تبين أن المسار الدموي الذي شهدته السنوات الأخيرة في ملف الإعدام مستمر.