في سياق الحملة القمعية المكثفة والمتصاعدة التي تقوم بها السعودية ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، واستكمالا لمختلف أساليب الترهيب المتعددة والتي باتت جزء ثابتاً من سلوك الحكومة السعودية، كالتحقيق مؤخرا مع المدافعة عن حقوق الإنسان السيدة سمر بدوي في 15 فبراير 2017، وإعتقال المدافع عن حقوق الإنسان والناشط في مكافحة الفساد السيد عصام كوشك في 8 يناير 2017، وإعتقال المدافع عن حقوق الإنسان نذير الماجد في 18 فبراير 2017، بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة بالرياض، بحسب الإعلام الرسمي، في 10 أبريل 2017، أولى جلسات محاكمة المدافعة عن حقوق الإنسان السيدة نعيمة المطرود.
يعد هذا الإعتقال التعسفي هو الثاني لها، إذ اعتقلت المرة الأولى في 23 فبراير 2016 واستمر اعتقالها ليومين. أما اعتقالها الثاني فقد كان في 13 أبريل 2016، بعد أن حضرت من أجل التحقيق على إثر استدعاء وجه لها.
التهم الموجهة للمطرود 03/09/1975 (41 عاما)، تتعلق بنشاطها السلمي والمشروع في الإحتجاجات التي شهدتها محافظة القطيف منذ العام 2011، والتي رُفعت فيها مطالب بالعدالة وبحقوق الإنسان في بلد يحك ا م بملكية مطلقة. فقد قالت الصحف الرسمية التي وصفت نشاط المطرود المشروع بمصطلحات أخرى، واعتبرته جريمة، ناقلة عن الإدعاء العام أن التهم هي: قيامه بالسعي للإفساد والإخلال بالأمن والطمأنينة العامة وزعزعة النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية وإشاعة الفوضى، وإثارة الفتنة الطائفية، وإحداث أعمال شغب وإعاقة مستخدمي الطريق بالقطيف، ومشاركتها في عدد من المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية المناوئة للدولة والمطالبة بإطلاق سراح بعض الموقوفين في قضايا أمنية. وأيضا اتهمت: بقيامها بإنتاج وتخزين ما من شأنه المساس بالنظام العام من خلال إنشاء حسابين على مواقع التواصل تويتر وفيسبوك، وتصوير المتظاهرين ونشر صورهم. كما أضافت الصحف، أن الأدلة التي استند عليها المدعي العام هي: اعترافات مصدقة، محاضر الفحص الفني للمضبوطات، صور لبعض (الهالكين) في حاسوبها الشخصي. والهالكون مصطلح تستخدمه السعودية في وصف من تقتلهم خارج نطاق القانون أو بإجراءات تعسفية وتدعي إنهم إرهابيون.
تستند الحكومة السعودية في تجريم المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء، إلى قوانين تتضمن مواد يمكن لها أن تستخدمها ضدهم. من بينها نظام جرائم الإرهاب وتمويله الذي بدأ استخدامه في فبراير 2014، ونظام مكافحة جرائم المعلوماتية. فقد لاحظت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان على سبيل المثال، استخدام السعودية المكثف للفقرة الأولى من المادة السادسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية: “إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام” لإدانة الناشطين الذين يستخدمون الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بالحرية والحقوق أو لاستنكارهم للانتهاكات، في محاكمها التي تفتقد لمعايير العدالة.
وبحسب المعلومات التي أوردتها الصحف، تواجه المطرود أحكاما قد تصل بحسب مطالب المدعي العام إلى السجن 20 عاما، تستند إلى الأمر الملكي (أ/44)، والمخصص لمعاقبة المشاركين في أعمال قتالية خارج المملكة، والمنتسبين إلى تيارات متطرفة، وتستند إلى نظام جرائم المعلوماتية.
بحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان لحالة حقوق الإنسان في السعودية والإجراءات المعمول بها، نؤكد بأن غالبا ما تقوم الحكومة باعتقال النشطاء بدون إبراز أمر إعتقال قانوني، كما أنها تقوم بحرمانهم من حقهم في الحصول على محام طوال فترة اعتقالهم والتحقيق معهم. إن مجرد عرض المدافعة عن حقوق الإنسان نعيمة المطرود على المحكمة الجزائية المختصة بالإرهاب، على خلفية أنشطتها المشروعة، يعد إنتهاكا لجملة من القوانين الدولية، ومن بينها، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص في مادته 19 على أن لكل شخص الحق في حرية التعبير عن رأيه.
وتشير المنظمة إلى أن المطرود حرمت من حقوقها في المحاكمة العادلة، ومن ذلك، حرمانها من المحامي، وعدم توجيه تهم لها إلا بعد مضي سنة على إعتقالها، إضافة إلى محاكمتها أمام محكمة مختصة بمكافحة الإرهاب على الرغم من أن التهم التي تواجهها تتعلق بممارسة الحق في حرية التعبير.
إن المنظمة ترى أن محاكمة الناشطة المطرود، تندرج في إطار النمط الثابت الذي تنتهجه الحكومة السعودية والذي تطرق إليه مقرر الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان في تقريره الذي صدر خلال الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان، وتعتبر المنظمة أن محاكمة المطرود، وإستمرار إعتقالها، دليل على أن الحكومة ماضية في محاربتها الشرسة للنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان بلا هوادة، وفي إنتهاكاتها الممنهجة ضد النساء، على الرغم من الإنتقادات التي تواجهها من قبل الهيئات الأممية التابعة لمجلس حقوق الإنسان، والذي حصلت على عضويته للمرة الرابعة.
إن المنظمة تطالب بإطلاق سراح المدافعة عن نعيمة المطرود وكافة معتقلي الرأي وخاصة النساء بلا قيد أو شرط، ومن بينهن الناشطة إسراء الغمغام المعتقلة منذ ديسمبر 2015، و دينا علي السلوم التي أُعيدت 11 مارس من الفلبين قبل محاولتها اللجوء إلى استراليا، والناشطة الآء العنزي التي اعتقلت جراء تضامنها مع دينا في مطار الملك خالد بمدينة الرياض.