بعد عقود من النضال والتضحيات المضنية، انتزعت النساء في المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة، بعض الفتات من حقوقهن الأساسية. أعقب ذلك تطور مروع في أساليب الانتهاكات والجرائم الرسمية التي تعرضت لها المدافعات عن حقوق الإنسان، ففيما لا يزال عدد منهن في السجون، تعاني اللواتي أفرج عنهن ي من الإستهداف بالمحاكمات والحرمان من السفر. وفي اليوم الدولي للمرأة في 8 مارس الذي يحتفل به العالم بهدف “التفكر في التقدم المحرز والدعوة إلى التغيير وللاحتفال بأعمال عوام النساء وشجاعتهن وثباتهن في أداء أدوار استثنائية في تاريخ بلدانهن ومجتمعاتهن”، يبرز دور ونضال النساء في السعودية، الذي قاد للتغييرات في السنوات الأخيرة.
نتيجة للنضال الدؤوب والمؤثر للمدافعات عن حقوق الإنسان، أضطرت الحكومة السعودية في السنوات الأخيرة، إلى تغيير طريقة تعاطيها مع ملف حقوق المرأة، حيث أصدرت عدد من القرارات والوعود. كان أبرز هذه التغييرات في التوقف عن حرمان المراة من قيادة السيارة في يونيو 2018، الحظر الذي كان الوحيد في العالم والذي استمر لعقود. وقد جاء هذا التغيير، بعد حملات متتالية أطلقتها ناشطات وأنتقم منهن على إثرها. مقابل هذا التغيير اعتقلت الحكومة السعودية قبل أيام من سريان رفع الحظر أبرز الناشطات اللواتي طالبن به. تعرضت الناشطات بعد ذلك لانتهاكات وجرائم متعددة من بين ذلك التعذيب والحرمان من الحق في المحاكمة العادلة وغيرها.
إضافة إلى ذلك لا زالت السعودية تمارس بشكل رسمي أنواع مختلفة من العنف ضد النساء على صعيد الحياة العامة، رغم الوعود التي أطلقت فيما يتعلق بحقوق النساء وتمكينهن. كما لا زالت الحكومة السعودية قاصرة عن حمايتهن على صعيد الحياة الأسرية. فعلى الرغم من القوانين التي قالت الحكومة أنها ستعمل على ذلك، مازالت آلية حماية المرأة من العنف الأسري قاصرة وعاجزة عن حماية المعنفات، ولا زالت السمعة السيئة تطارد دور الرعاية، التي هي في الواقع سجن للنساء تحوطه الكثير من العيوب.
في أغسطس 2019، ذكرت وكالة الأنباء السعودية أن إدارتي الجوازات والأحوال المدنية بدأتا بتطبيق قانون وثائق السفر ولوائحه المعدلة، وقالت الوسائل الإعلامية أن ذلك يمنح النساء الحق في السفر من دون إذن ولي الأمر. على الرغم من ذلك لا زالت القوانين في السعودية تسمح للرجال بفرض قيود على سفر المرأة بعدة طرق من بين ذلك رفع دعاوى العقوق والعصيان أمام المحاكم.
فيما يتعلق بالعمل، في يوليو 2019 قامت السعودية بتعديل القوانين بما يضمن أن يكون “المواطنون متساوون في حق العمل دون أي تمييز على أساس الجنس أو الإعاقة أو السن أو أي شكل من أشكال التمييز الأخرى”. ولكن في المقابل، لم تتخذ الحكومة أي إجراءات جدية لوقف هذه الممارسات التمييزية. وعلاوةً على ذلك، لا تزال النساء بحاجة لموافقة من الذكور لفتح حساب مصرفي أو مغادرة سجن تديره الحكومة أو رفع دعوى قضائية.
في اليوم الدولي للمرأة ترى المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن نضال النساء في السعودية هو الذي قاد لبعض التغييرات البسيطة التي حصلت، وبالمقابل بات الثمن باهظا، فقد توسعت الحكومة في السنوات الأخيرة في قمع النساء، وتطورت الجرأة عليهن بشكل بشع، واتخذت أبعاداً غير معهودة، مثل التعذيب الوحشي، والاعتقالات الواسعة، والتحقيقات الترهيبة، والتعهدات التي تزرع الخوف وتحد من النشاط.
وتعتبر المنظمة أن إستمرار الإنتقام والترهيب للمدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات المناضلات يدحض كل الترويج الرسمي للتغييرات فيما يتعلق بحقوق المرأة، ولاتزال في المعتقلات السياسية قرابة54 سيدة على الأقل، وفق إحصائيات قامت بها المنظمة بصعوبة، بينهن مدافعات عن حقوق الإنسان. كذلك، تستمر محاكمة أخريات والتضييق على من أفرج عليه منهن، كما أن الكثير من النساء اللذين اعتادوا على إثارة المطالب الحقوقية في شبكات التواصل، باتوا اليوم أكثر قلقا ورهبة من أن تطالهن يد القمع.